اليوم أكتب من جديد، والسعادة تكتنفنى وكأننى أكتب يوم عيد!! فكم تشقى الحياة بمن يخادع أو ينافق أو عن الحق يحيد. وكم تربو الحياة فتصبح روعةً لمن يضحى بطيب نفس أو يجود، أو يعطى عطاءً بلا مقابل أو حدود، حينها تنتشى تلك الحياة وترتدى الثوب الجديد. صدقونى فإننى أكتب يوم عيد. عيد الثورة واليوم المجيد!! أكتب للشعب الجميل، الشعب المصرى الأصيل الذى أحببتهُ من كل قلبى، والقلوب إذا أحبَّت لا تناقشها لماذا أحبَّت، فهو حبٌ ساقه الله لقلبى... إليك أنت أيها الشعب المفدَّى، يا أيها البدر الذى تبدَّى فى ظلمة الليل الطويل، يا فجر الكرامة والبسالة والتحدِّى... يا شمس الأصيل!! يا من بنيت السدَّ وكسرت القيد... وسطرت المجد.. وحفظت العهد... وقبضت على الجمر... ومشيت على الصخر... وكابدت شوك الأسى... يا أيها الشعب الحر المناضل... يا من خرجت تدفع كل باطل... ولم يُرهبْك سُمُّ الغاز ولا العربات... ولا سيل الرصاص... ولا صوت القنابل!! يا من تعطى ولا تنتظر المقابل.. ما وفَّيتك معشار ما تعطى وتمنح من شمائل... ولو سطرت فيك آلاف القصائد والرسائل.. تحنو وقلبك كالبحر الكبير.. حُنُوَّ حبٍّ يجعل الكل لك الأسير.. يا من رسمت البسمة على شفاة بائسة... وأرقت البلسم الشافى فى قلوب يائسة... وساق الله على يديك فرجاً قريباً يبتسم... وآن لجرحنا الدامى بأن يطيب ويلتئم... وعادت للشرايين الحياة... وفتحت للبائسين أبواب النجاة... يا أيها الشعب الحُرُّ العظيم... عهدناك يومًا كان الثرى فراشك.. والسماء لحافك... تبكى الجوع مرة.. وألم الفقر.. وذل المرض.. وقيد الأسر.. وكيد العنت مرةً ومرة.. وتسَّاقط على خديك دمعةٌ مرة.. وتخرج من أعماق قلبك صرخةٌ حرة... وتلعن كل ظلم ألف مرة.. وتصبر صبر أيوب النبى.. يا صاحب القلب النقى... باعوك فى أسواق الندالة بأبخس الأثمان... وحكموا عليك بلا ذنب جنيت.. فكان القُضاة والسجَّان، فكنت الغريب بلا أرض تعيش بها ولا أوطان.. وحفروا إليك قبراً وشيعوك إليه بلا أكفان. يا أيها الشعب المقاتل والجَسور... يا قائد النصر فى حرب العبور.. يا رائد الثوار فى التحرير... وصاحب تقرير المصير... لا أنسى ذلك المشهد حين انتفضتَّ والعالم كله يشهد... فانهار عهد الظلم كأنه جبل ينهد... وانقشع بعد عناء ذاك الظلام الأسود... بعد أن كان الظلم فى مصر قد عربد!! يا أيها الشعب الذى ذاق مرارة الحزن الطويل، وصبر على الآلام، ذلك الصبر الجميل. فانزوى فرْحة، واكتوى بالنار جرحه، وكتم فى صميم القلب صرخة، وتأجَّج لهيب الظلم فأحرق فَجْره، وأنفذ صبره، فقام فصب على الدنيا الحقيرة غضْبة، وأعلن على الظُّلام ثورة!! قم أيها الشعب الحبيب جفِّف دموعك... أوقد شموعك... وأنشر الأفراح تترًا... واملأ بها ربوعك... فالغد المأمولُ آتٍ... والحق باقٍ... وقد آن للباطل الملعون أن يرحل. فشمس الحق أبداً لن تغيب... فبوركتِ يا ثورة الأحرار وبوركتَ أيها الشعب الحبيب!!