كتب: أنور عصمت السادات غبت عنا ولن تغب وكيف لا نحيي ذكراك؟! إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا طلعت لمحزونون، شيعتك القلوب وأنت فيها حبيب طاهر عف نقي، تبكيك العيون ولن تنساك السنين. نعم استرد الله وديعته وانتقل طلعت السادات الذي تشرب بحب مصر إلي جوار الرفيق الأعلي، وأجد نفسي الآن حائرا ما بين أن أبوح بما في قلبي وما بين أن يخطئ البعض فهمي، ويظن أنني أبالغ لكوني أكتب عن شقيقي. لا أراكم الله صعوبة اللحظة التي أمسك فيها بقلمي الآن، حيث تاهت مني الكلمات، وتتكالب علي الأحزان بدموع وصمت قاتل، وتلامس أناملي السطور ثم تعود ولا تكتب وتراودني الصور والذكريات فأتوقف، ولا تزال دقات قلبي تنادي شقيقي «لا ترحل». كنت لنا ولكل محبيك أخا وأبا طيب القلب، لا تعرف طريقا للرياء ولا للنفاق، تبوح بما في داخلك دون تحفظ أو تجمل، قلت «لا» والنظام في أشد عنفوانه وقوته، ودفعت ثمنا غاليا من شرفك وسمعتك وكرامتك وأسرتك وعائلتك وما تراجعت.. كنت مناصرا للحق.. فارسا شجاعا مقاتلا في سبيل الحرية والديمقراطية والإصلاح.. وبقيت حتي آخر رمق في حياتك متمسكا بموقفك الواضح تجاه قضايانا المصيرية بكل صدق وثبات، نبهت في أكثر من خطاب لك علي خطورة صراعاتنا وخلافاتنا وتفرقنا علي مستقبل مصر التي عشقت ترابها، وشاءت الأقدار ألا تكمل طريقك الذي كان كالعادة مليئا بالأشواك. زرعت في قلوبنا وقلوب عشاقك وردة أمل ومحبة، وها أنت ترحل ومصر تجدد نفسها وتعيد ترتيب الأمنيات تاركا لنا سيرة عطرة لن تفارقنا الي الأبد وأحبنا الكثيرون لحبهم فيك. لا أعرف تماما فيما كنت تفكر في لحظاتك الأخيرة قبل أن تفارقنا، وما كنت تريد أن تقوله لي، لكنني واثق تماما أن مشاعرك كانت تتأرجح ما بين الفرح والقلق، الفرح بحراك أبناء أمتك ضد الظلم والاستبداد والفساد، والقلق من محاولات أعداء مصر استغلال مطالب أبنائها المشروعة لخدمة أهدافهم ومخططاتهم المشبوهة. وداعا أيها الغالي، وداعا، فطيفك عندنا يأبي الذهابا، ووجهك لايزال أمام عيني وفي الأحلام تبادلني الكلاما، ويا أبناء مصر، أقولها من القلب، تذكروا طلعت السادات دائما فلم يترك موقفا الا وتحدث بلسانكم شجاعا صامدا، وكلكم كنتم له إما أخا أو والدا فإن نسيتموه تصبحون معيرين أبدا. تركتنا كالطير المذبوح نصرخ ونتألم لكن بشموخ وكبرياء، أوصيتني بأن أحمل كل من خالفتهم الرأي في العمل السياسي والحزبي من أشخاص أو حركات أو ائتلافات علي أن يسامحوك ويذكروك بالخير وسيفعلون، وداعا يا طلعت فلك الرحمة والمغفرة وجنة الفردوس ولنا الصبر والسلوان، وداعا يا طلعت فهكذا الدنيا لقاء ثم افتراق، وداعا يا طلعت فمصر لا تنسي أبناءها الأوفياء.