كشفت مصادر مطلعة ل " المصريون " تفاصيل الساعات الحاسمة في دائرة دمنهور ، والتي فصلت بين انتهاء عمليات الفرز وبين إعلان النتيجة النهائية بفوز الدكتور مصطفى الفقي القيادي في الحزب الوطني على الدكتور جمال حشمت القيادي بجماعة الإخوان المسلمين ، رغم أن أعمال الفرز أظهرت أن حشمت قد حصل على 34 ألف صوت مقابل 7 آلاف صوت فقط للفقي . وأشارت المصادر إلى أن تعليمات عليا قد صدرت بضرورة إعلان فوز الفقي بغض النظر عن النتيجة التي أسفرت عنها عمليات الفرز ، لكن أجهزة الأمن نصحت القاضي المسئول عن اللجنة العامة بعدم إعلان النتيجة خلال الساعات الأخيرة من مساء الأحد ، والانتظار حتى ظهر الاثنين ، خوفا من أن يؤدي إعلان الفقي عن اندلاع أعمال شغب ومصادمات بين قوات الأمن وأنصار مرشح الإخوان خلال الليل ، خاصة وأن قوات الأمن ليس لديها الأعداد الكافية لاحتواء تلك المصادمات – في حال نشوبها ، حيث إنها كانت موزعة على مختلف الدوائر لمراقبة ومتابعة عمليات الفرز ، وأشارت مصادر للمصريون أن اتصالات مكثفة على مستوى عال جرت بين مسؤولين رسميين وبين قيادات في مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى حل هاديء وصرف الجموع المحتشدة خارج اللجان . وكشفت المصادر أن التعليمات بفوز الفقي قد صدرت في الساعات الأخيرة ، ويرجح إنها أتت بعد اتصالات متعددة أجراءها الفقي مع جهات عليا طالبا منها التدخل لإنقاذه من سقوط مذل ، مشيرة إلى أن تأخر صدور التعليمات كان وراء صدور الصحف الحكومية المسائية وهي تحمل مانشيتات تؤكد فوز حشمت وهزيمة الفقي بفارق شائع من الأصوات . وعقب إعلان النتيجة ، أعلن الدكتور جمال حشمت عن اعتصامه داخل اللجنة الانتخابية ، فيما كان الآلاف من أنصاره يحيطون باللجنة من الخارج ، لكنه سرعان ما قرر فك الاعتصام وطلب من أنصاره الانصراف في هدوء إلى منازلهم بعد ما نصح بذلك من قبل قيادات كبيرة في مكتب الإرشاد . وتعليقا على التدخل الحكومي لإسقاطه ، أكد الدكتور جمال حشمت أنه سوف يلجأ أولا لإجراءات الطعن أمام القضاء لإثبات نجاحه ، وفي حال لم يسفر هذا التحرك عن نتيجة إيجابية وخاصة في ضوء المماطلة المتوقعة من السلطات في تنفيذ أحكام القضاء، فإنه سوف يصعد الأمر دوليا ، كاشفا إنه يدرس " كيفية ذلك وإجراء تحقيق من جانب جهة دولية محايدة في هذا التزوير من أجل كشف هذه الفضيحة وهذا الفجر من جانب النظام الفاسد ". وكشف حشمت تفاصيل ما دار في لجنة الفرز ، مشيرا إلى أنه وبعد انتهاء فرز كافة الصناديق وثبوت تقدمه بفارق شاسع، طلب من القاضي أحمد السيد نصار أن يعلن النتيجة، لكنه طالبه بالانتظار ، ثم بدأ يجري عددا من الاتصالات الهاتفية مع أطراف مجهولة. وبعد مضي فترة من الوقت، حاول حشمت مقابلة القاضي مرة أخرى لكن مدير الأمن منعه ، ثم طلب القاضي مقابلته ليبلغه بخسارته ونجاح مرشح الوطني، وعندما طلب حشمت من القاضي تفسيرا لذلك، أجابه وهو منكس الرأس: ليس لدي ما أقوله لك سوى أنك خسرت". وحذر حشمت من ردود فعل سيئة على المدى البعيد نتيجة لإصابة أهالي دمنهور بالإحباط من جراء التزوير الفاجر وحرص النظام على إنجاح رموز مكروهة من جانب المواطنين ، لافتا إلى أن هذا الإحباط ظاهرا في ردود فعلهم الأولى حيث أزالوا وأحرقوا صور مرشح الوطني بمجرد إعلان النتيجة. ويذكر أن الدكتور محمد جمال حشمت كان قد تعرض لحملة شرسة في دورته البرلمانية السابقة من نواب الحكومة والحزب الوطني إثر مواقفه القوية تجاه المسئولين الحكوميين ، الأمر الذي كلفه فقدان حصانته البرلمانية وخروجه من المجلس بعد سنتين من الممارسة البرلمانية المتميزة . ويحظى الدكتور جمال حشمت بشعبية طاغية في دائرة دمنهور ، وقد حضر مؤتمره الانتخابي الأخير ما يزيد عن 30000 مواطن . من جانبها ، اعتبرت جماعة الإخوان إعلان خسارة حشمت استمرارا لمسلسل "سخيف" بدا في المرحلة الأولى من الانتخابات حين أعلن رسميا عن خسارة مرشح الجماعة في دائرة الدقي بالقاهرة الكبرى حازم صلاح أبو إسماعيل أمام مرشحة الوطني آمال عثمان رغم تقدمه عليها طبقا نتائج فرز الأصوات .