من المؤسف أنه فى ظل سُعار الهجوم على الإخوان ألا يراعى الأستاذ عادل حمودة، الموضوعية والحياد وما وراءه من تاريخ لينخرط فى عملية تضليل للرأى العام. بدا لى أن حمودة يفتقد ذكاء وخبرة مقدم برامج مخضرم مثل الأستاذ عماد الدين أديب، الاثنان يتزاملان الآن فى تليفزيون "CBC"حيث يجتهد أديب ليكون موضوعيًا ومتوازنًا ومحايدًا أمام المشاهد، لكنه فى نفس الوقت يدسّ ما يريد توصيله من رسائل وآراء ومواقف دون أن يكون مستفزًا، أما حمودة فهو الاستفزاز بعينه. فى حلقته الأخيرة من برنامجه "معكم" كان حمودة فاقعًا جدًا فى هجومه على الإخوان، فقد أظهر نفسه وكأنه كاره ومتحامل عليهم وليس محللاً نزيهًا؛ مما جعله مكشوفًا بل عاريًا من الموضوعية والحياد والتوازن والاتزان وهو يجلس أمام الشاشة مقدمًا لبرنامج يتطلب منه الالتزام بقواعد مهنية صارمة فى الأداء وليس ضيفًا جاء لإبداء رأى مع أو ضد، ليساهم بذلك فى تضليل بعض المشاهدين ربما ممن ليس لديهم خلفية عنه وعن مواقفه، وممن ليس لديهم مستوى تعليمى وثقافى جيد، وممن يتصورون أن من يتحدث إليهم عبر الشاشة يمتلك الحقيقة ويقول الصدق دومًا باعتباره قائدًا للرأى العام. على العموم لا جديد فى هجوم حمودة على الإخوان فهذا ما يكتبه فى صحيفته وفيما سبق من صحف عمل فيها، وهو ما يقوله فى لقاءاته فى الفضائيات قبل أن يصبح مقدم برامج تميل إلى الإثارة وليس الرصانة فى إخلاص لنهجه الإعلامى القائم على أحاديث ومجالس النميمة. لكن ربما الجديد عند حمودة هذه المرة أنه يُخرج الإخوان من المعارضة السياسية لنظام مبارك، حيث يجعلهم جزءًا من هذا النظام الزائل، وحتى لا يبدو متناقضًا مع الواقع فإنه يبرِّر اعتقال النظام لهم بأن ذلك طبيعى لأن من فى الحكم "مبارك" يسعى دومًا لاعتقال من هو خارج الحكم "الإخوان"، حيث يخطط للانقلاب عليه. هل هذه نظرية جديدة فى علم السياسة؟ والسؤال: كيف يكون الإخوان جزءًا من نظام حكم ثم يخططون للانقلاب عليه؟ هل ينقلبون على أنفسهم؟، أليس ذلك غريبًا؟هل ثبت طوال 30 عامًا من حكم مبارك أنهم خططوا للانقلاب أم أنها تهمة جاهزة كانت توجه لأى معارض للنظام؟ تهم الانقلاب على نظام الحكم هو كلام المخبرين فى مباحث أمن الدولة فى تقاريرهم، وليس كلام كتاب وصحفيين محترمين يفترض أن يكون رصينًا عميقًا مقنعًا بعيدًا عن التدليس. ثم كيف ينقلبون وهم يفتقدون الأدوات المادية للانقلاب، فهم ليسوا فى الجيش أداة الانقلاب الأساسية حتى يمكن أن يحرِّكوا قواتهم بعد منتصف الليل، وكيف ينقلبون على نظام فى دولة عسكرية محصن جيدًا ولديه أجهزة أمنية تعرف دبة النملة؟ ثم يتحفنا الأستاذ حمودة بخرافة جديدة وهى أن الإخوان شاركوا فى الثورة يوم 28 يناير خشية الاعتقال!! والسؤال: من كان سيعتقلهم؟، هل نظام مبارك إذا فشلت الثورة مثلاً؟، ولماذا يعتقلهم وهم لم يشاركوا فى الثورة ولم يهددوه، بل كان عليه فى هذه الحالة أن يكافئهم؟ أما إذا كان يقصد أن الثوار هم الذين سيعتقلونهم، فلماذا يفعلون ذلك طالما أن ثورتهم نجحت؟ وهل معنى ذلك أن الثوار كان يجب أن يعتقلوا كل من لم يشارك فى الثورة، والمؤكد أنهم بالملايين؟، وواقع الحال يقول، إن الثورة بعد نجاحها لم تعتقل من لم يشارك فيها، بل هى من أكثر ثورات العالم رحمة ورأفة بخصومها فلم تقترب منهم بل هم يمرحون كما يشاؤون ويتآمرون ويخططون لتشويه الثورة، ويكفى أن رمزًا من الثورة المضادة- أحمد شفيق- يخوض جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، وقد يصبح الرئيس لمصر الثورة. حمودة لا يعرف ماذا يقول ليشارك فى "زفة" الهجوم على الإخوان، هو يريد الاستعراض فيوقع نفسه فى مطبات. يقول أيضًا، إن نظام مبارك كان يحتكر كل السلطات، والإخوان يسعون ليكونوا مثله.. وهذا خلط واضح للأمور، نظام مبارك كان فرديًا سلطويًا، أما الإخوان فإنهم يحصلون على السلطة بالانتخابات، ففى البرلمان حصلوا مع شركائهم على 47% فى تصويت حر، أما الحزب الحاكم فكان يحصل على أكثر من 95% بمفرده وبالتزوير، والحكومة هى حق أصيل للإخوان باعتبارهم حزب الأكثرية كأى نظام ديمقراطى فى العالم، وفى الرئاسة هم عرضوا مرشحهم ضمن 13 مرشحًا آخرين، ورغم الحملة الشرسة عليه وعلى جماعته إلا أنه جاء الأول.. إذن على حمودة أن يعاقب الشعب المصرى لأنه يختار الإخوان.. من حقه ألا يصوِّت لهم لكن ليس من حقه التحريض السافر ضدهم من خلال منبر إعلامى متاح له، فهذه ليست أمانة ولا نزاهة ولا بطولة. [email protected]