لم أفهم المطلب الذى تنادى به بعض القوى السياسية، ومعهم بعض مرشحى الرئاسة الذين خسروا فى الانتخابات, بالدعوة إلى حكم مصر من خلال تشكيل فريق رئاسى، يضم ثلاثة أو خمسة أشخاص, وعدم استيعابى لهذا الطلب الذى أراه غريبًا أن الثورة والثوار وميدان التحرير قد فشلوا جميعهم فى تنفيذ هذا المطلب على أرض الواقع عقب تنحى الرئيس السابق, ثم إن عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد أخذت طريقًا عميقًا قاربنا على الانتهاء منه؛ عندما ذهب المصريون إلى صناديق الانتخاب ليختاروا رئيسهم من بين 13 مرشحًا بإرادة حرة، وفى انتخابات نزيهة, ثم انتهت الجولة الأولى إلى استمرار مرشحيْن فى السباق, حصلا على أعلى الأصوات من بين كل المرشحين, كما أن المصريين بالخارج بدأوا أوائل الأسبوع الحالى عملية التصويت فى مرحلة الإعادة, فكيف يريد هؤلاء أن نقذف بكل ما جرى؟؛ لنصل إلى سيناريو بديل عكس ما جرى الاتفاق عليه, ثم كيف سنقبل بمجلس رئاسى غير منتخَب ونهدر عملية انتخابية ديمقراطية سيقول المواطنون رأيهم فيها؟! أعرف أن نتيجة الانتخابات لم تحقق النتائج التى تمناها البعض - وأنا أحدهم- لكن لا يعنى ذلك أن نعيد المباراة منذ البداية؛ لأن نتيجة (الماتش) لم تكن على هوانا, ثم علينا احترام مَن سيأتى به الصندوق طالما جرت الانتخابات فى نزاهة وشفافية, وقد أعلن ذلك أحزاب كالوفد والحرية والعدالة والنور على سبيل المثال, وهى أحزاب لها وجودها فى الشارع السياسى. لا يعنى حديثى السابق أنه لا يوجد أمل, فتقديرى أننا يجب انتظار حكم المحكمة الدستورية العليا فى مدى دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية المعروف إعلاميًّا بالعزل السياسى, والذى سيصدر قبل بدء مرحلة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية, ربما خلال الأسبوع الحالى أو القادم, وعندها سيكون هناك حديث آخر, فربما ينتهى حكم "الدستورية" إلى عزل أحمد شفيق وخروجه من السباق الرئاسى وفى تلك الحالة سوف تتم إعادة الانتخابات برمتها بين كل المرشحين الاثنى عشر, حسبما قال بذلك أمين اللجنة الرئاسية المستشار حاتم بجاتو على فضائية "الحياة", وعندها يمكن للجميع اختيار رئيسه المفضل بعد خروج مرشح النظام البائد. ربما يثير الحزن هنا هو أن المرشحيْن اللذيْن يمكن التعامل معهما بوصْفهما من قلب الميدان، وهما حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح حيث رفضا أن يتنازل أحدهما للآخر, وساعتها كنا سنجد أحدهما فى جولة الإعادة مع مرشح الإخوان المسلمين, وتقديرى أنهما لن يتنازل أحدهما للآخر حال إعادة الانتخابات ثانية. المؤكد أن الشعب يجنى، للأسف، سوء إدارة المرحلة الانتقالية وحالة النهم والتكالب على "التورتة" التى كانت - ومازالت - سياسة النخبة المصرية وقادة الأحزاب فى مرحلة ما بعد الثورة؛ لذا جرى تفتيت تلك القوى بسبب ضيق مصالحها الشخصية وغَلَبتها على المصلحة العامة. إذا انتصرت النخب المثقفة والسياسية لصالح هذا الوطن فسوف نخرج من المأزِق الراهن, لكن كيف سينتصر هؤلاء إذا كانوا - هم أنفسهم - حتى تلك اللحظة لم يستقروا على معايير اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور؟! اللهم ارحمنا ودلنا على الطريق الصواب. [email protected]