والدة الطفل ياسين: "الممرضات كانوا بيشيلوا فيشة الحضّانة ويشحنوا تليفوناتهم".. والدة ملك: "كل لما أروح مستشفى بنتى تخسر حتة من جسمها".. طفل الشرقية يفقد جدار بطنه.. و"الصحة" توصى بإحالة القضية للنيابة الإدارية "أمين عام نقابة الأطباء": هناك فرق بين الإهمال الطبى ومضاعفات المرض "الداخل مفقود والخارج مولود" شعار لا بد أن تتذكره دائمًا عندما تخطو قدمك داخل المستشفيات بعد أن أصبحت المنظومة الصحية فى مصر، شبحًا يطارد العديد من المرضى الذين قتلهم الإهمال وغياب الضمائر، ووقعوا فريسة الإهمال الطبى الذى صار مسلسلاً كثرت مشاهده وأصبحنا نعتقد أن هذا المسلسل خاص بالمصريين فقط، فى ظل تردى الخدمات الطبية التى أجبرت الكثير من المصريين على الهروب إلى المستشفيات الخاصة التى باتت نذير شؤم لهم، ولكن لم يعلم المريض المستجير بالمستشفيات الخاصة أنه كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولم يعد أمامه سوى انتظار قضاء الله بعد أن تحول إلى حقل تجارب لبعض الأطباء التى انعدمت ضمائرهم، وبدلاً من أن يخفف الطبيب آلام المرضى صار مصدرًا لعذابهم. ترصد "المصريون" فى هذا التحقيق بعض الحالات التى رحلت عن هذه الدنيا بسبب الإهمال الطبى فى مستشفيات لا تحترم أبسط حقوق الإنسان وحقه فى رعاية طبية محترمة.. والدة طفل الحضانة: "الممرضات كانوا بيشيلوا فيشة الحضانة ويشحنوا تليفوناتهم" "ياسين أشرف" طفل لم يبلغ من العمر شهرين فارق حياته بعد تلقيه جرعة علاج خاطئة داخل مستشفى 6 أكتوبر المركزي، لتنتهى فرحة والدته التى لم تستمر 35 يومًا. تواصلت "المصريون" مع والدة الطفل لمعرفة تفاصيل هذه الواقعة التى لم تكن الأولى، وتقول منى رجب والدة الطفل: "ياسين أول فرحة ليا أنا والعائلة، ربنا رزقنى به فى أواخر شهر يونيو، ولكن نتيجة الحر الشديد أصيب بالتهابات حادة فى السرة وقمنا بحجز حجرة داخل حضانة رعاية أطفال، ولكن تم تحويله إلى مستشفى 6 أكتوبر العام، ولكن الفحوصات والتحاليل أثبتت أن الطفل يعانى من مكروب بالدم ووصلت نسبته إلى 176". وأضافت الأم ل"المصريون": "الطفل كان عبارة عن حقل تجارب لأطباء الامتياز بالمستشفى، فكل طبيب يأتى لفحصه يطلب منا تحاليل جديدة، وكنا نقوم بتنفيذ ما يطلب خارج المستشفى لعدم توافر أى شيء هناك"، وتابعت: "حتى اللبن والبامبرز طالبونا بيه". واستكملت الأم المكلومة: "بعد يوم من احتجاز الطفل، أكد لنا بعض الأطباء الموجدون داخل المستشفى أنه سليم وحالته تتحسن يومًا بعد يوم، ولكن كنت دائمًا أقلق عليه عندما وجدتهم يعطونه ببرونة فارغة لمحاولة إسكاته، وعندما كنت أواجه الممرضة تصدمنى بردها المؤلم: "ابنك صوته مزعج وصرخاته عالية، علشان كده بنديله الببرونة لحد ما تيجى ترضعيه". وتابعت: "ابنى كان بيرضع هوا، حتى غيار البامبرز التمريض كان مهمل فيه، كانوا بيستنونى علشان بيقرفوا وبيسكتوا الولد بالعافية، من كتر بكائه وصراخه كل شوية يخلونى أرضعه، وفى اليوم الواحد بياخدوا من ابنى عينات بمعدل 3 مرات فى اليوم". وأضافت: "الطبيبة المسئولة عن علاج الطفل طلبت مننا حقنة الألبومين وأخبرتنا أنها عبارة عن بروتين للقلب، وبالفعل قمنا بتلبية طلبها وأحضرناها وتركنا ياسين وعدنا إلى المنزل، وفى صباح اليوم التالى وجدنا الطبيبة تبلغنا بأن الولد يعانى من تضخم بالقلب والكلى، ويعانى أيضًا من انسداد فى المسالك البولية، وأنها تريد إجراء تحليل جديد، ولكن هذه المرة أعطتنا العينة محفوظة بثلج وطلبت منا الإسراع للمعمل والعودة بالنتيجة". وأوضحت: "الأطباء فى معمل التحاليل قاموا بإخبارى بأن هذه العينة تم أخذها من طفل ميت منذ ساعتين، وعندما أسرعنا إلى المستشفى وطلبنا رؤية ياسين، وجدنا الطفل مرفوع على جهاز تنفس لا يعمل، وفاقد الحركة والتنفس". وتابعت الأم: "ابنى مات من الفجر وسابوه على الجهاز علشان يعدوا فلوس وخلاص، أنا سايبة ابنى كويس ورضعته ولما سحبوا منه عينة دم عملتله نزيف، والطبيبة حاولت توقف الدم حقنته ب10 سم من حقنة الألبومين عملتله حساسية ومات فى الحال". وأضافت: "الحضانة مليئة بالإهمال، وسايبين الأطفال بدون رعاية، والتمريض كله تمريض بنات سنها صغير، بيشيلوا فيشة الحضانة ويشحنوا تليفوناتهم، غير ريحة السجاير والشحم، ابنى مات غدر فى مستشفى أكتوبر نتيجة عدم وعى الطبيبة المعالجة، وهى اللى قتلت ابنى بحقنة الألبومين، لأنها حقنة بياخدها مريض قبل ساعتين من العملية لمرضى كبار وليس أطفال رضع، الطبيبة أنكرت فى بداية الأمر موضوع الحقنة ورجعت قالت هو خد سم واحد بس، لأنه يعانى من تضخم فى القلب والكلى وانسداد فى المسالك البولية ومياه على الكلى نتيجة عيب خلقي". وفى النهاية قالت، إنها ستقاضى المستشفى، مشيرة إلى أنها قامت بتحرير محضر بقسم ثان أكتوبر ضد مستشفى أكتوبر العام. الطفلة ملك.. أصيبت بشلل وتهتك جدار المعدة والغشاء.. ووالدتها: "كل لما أروح مستشفى بنتى تخسر حتة من جسمها" "كل ما أروح مستشفى بنتى تخسر حتة من جسمها" كلمات مليئة بالقهر والوجع، خرجت من فم والدة الطفلة ملك إبراهيم، التى تبلغ من العمر 6 سنوات، وهى إحدى ضحايا الإهمال الطبى داخل المستشفيات الخاصة. تقول نادية محسن، والدة الطفلة: "بدأت أحداث الواقعة حين سقطت نجلتى من الطابق الثالث، فى أثناء لهوها أعلى سطح المنزل، وقمت بنقلها إلى أحد المراكز الطبية فور سقوطها، وقام الفريق الطبى بتقديم الإسعافات الأولية، ونصحنى بنقلها إلى مستشفى قصر العيني". تصمت الأم قليلاً وتسترجع ذاكرتها وتعود إلى الحديث قائلا: "من هنا بدأت المعاناة، بمجرد دخولنا المستشفى أكد لنا الأطباء أنها تعانى من ارتجاج فى المخ نتيجة سقوطها من طابق علوى وارتطام رأسها بالأرض وحالتها مستقرة". وتابعت الأم وهى فى حالة حزن شديد لما أصاب فلذة كبدها: "أصابتنى حالة خوف شديدة على ابنتى، حينما شعرت أن حالتها تتأخر ولاحظت أن رأسها بدأت فى التورم، وكان الجزء الخلفى من رأسها ازداد حجمه بشكل مخيف، ولم تمر أيام قليلة وفوجئت بأن ابنتى غير قادرة على الحركة". وتستكمل الأم المكلومة ببكاء شديد: "بدأت ملك تدخل فى غيبوبة تستمر بالساعات دون أى معرفة سبب وتفسير من الأطباء المتواجدين داخل المستشفى، حتى دخلت فى غيبوبة تامة وكانت الصدمة الكبرى وقت أن أخبرنى أحد الأطباء بأن ملك كانت مصابة بنزيف داخلى بالمخ، والفرق الذى وقع عليها الكشف فى البداية عند دخولها المستشفى وبمنتهى البساطة أجابنى: معلش مخدناش بالنا إن كان عندها نزيف فى المخ". وتضيف والدة ضحية الإهمال: علمت بعد ذلك أن النزيف الذى أصاب طفلتى تسبب فى ضغط على خلايا المخ وتجلط بالخلايا، واستمرت فى غيبوبة لمدة قاربت الشهرين، ثم طلب الأطباء منى التوقيع على تقرير بالموافقة على إجراء عملية جراحية لمحاولة سحب التجمعات الدموية من خلايا المخ، وبالفعل تم إجراء الجراحة لكن كانت المفاجأة أن ابنتى أصيبت بشلل جزئى نتيجة العملية، وبعد مرور 10 أيام تقريبًا على إجراء الجراحة طلب منى الأطباء الموافقة على إجراء عمليتين واحدة لشق الحنجرة لمساعدة الطفلة على التنفس والأخرى لإجراء فتحة للمعدة لتسهيل عملية الأكل غير أننى رفضت فى بداية الأمر خوفًا على ابنتى. وتابعت الأم: "أصر الأطباء على إجراء جراحة المعدة لتسهيل عملية تناولها الطعام، ومن بعدها كانت حالتها تتأخر يومًا بعد يوم، وعلمت بعدها من طبيبة متخصصة أن ابنتى لم تكن بحاجة لإجراء عملية فتح المعدة لكن الأطباء أصروا على إجرائها بعدها نقلوا ابنتى إلى الطابق الأرضى بالمستشفى"، متابعة: "هناك شاهدت إهمالًا لم أشاهده من قبل حتى وصل الأمر إلى خروج مياه الحمامات إلى مكان رعاية المرضى، ولم أكن قادرة على تحمل هذا الوضع فغادرت إلى مستشفى آخر خاص". وتستكمل والدموع تسيل من عينيها: "بعد مرور أيام فوجئت بإصابة ملك بناصور أسفل الظهر، فنصحنى الأطباء بالذهاب إلى مستشفى أحمد شفيق بالدقي، وبعد إجراء العملية ساءت حالة ابنتي، وتأكدت من فشل العملية قمت بزيارة مستشفى الحسين، وهناك أكدوا لى أن العملية تسببت فى تهتك جدار المعدة والغشاء"، وتابعت الأم: "كانت الكارثة الكبرى حين اكتشفنا أن المهبل مفتوح على فتحة الشرج"، وعلقت الأم المكلومة باكية: "كل ما أروح مستشفى بنتى تخسر حتة من جسمها سواء مستشفى حكومى أو خاص، وصرفت كل اللى حيلتى ودى بنتى الوحيدة ومش عارفة أعمل إيه". طفل يفقد جدار بطنه.. و"الصحة" توصى بإحالة القضية للنيابة الإدارية آخر تلك الوقائع ما جرى لطفل الشرقية الذى انتفضت من أجله مواقع التواصل الاجتماعى على مدار الأيام القليلة الماضية، ذلك أنه ضحية إهمال طبى -وفقًا لما هو متداول- ربما ستكشف عنه تحقيقات النيابة العامة والإدارية لاحقًا، ولعل سبب تلك الانتفاضة ما تم تداوله من صور يظهر خلالها هذا الطفل وقد دب العفن وانتشرت العدوى فى بطنه، ثم تآكل الجلد فى عضلات البطن، الذى أصبح بلا جدار وتظهر أحشاؤه الداخلية عيانًا بيانًا. ووفقًا لما هو متداول عبر موقع «فيسبوك»، فإن الطفل بدأ يشعر بالمرض كأى طفل، فتوجه الأب به إلى الطبيب الذى شخص الحالة على أنها انسداد معوى، ليتم تحويله إلى مستشفى الأحرار التعليمى بالزقازيق، وهناك خضع الطفل للجراحة، وعقب ذلك ب3 أيام خرج من المستشفى، ليلحظ الأب والأم فى اليوم الثانى من خروجه زيادة التعب الذى ألمَّ بطفلهما، فيراجع الأب الطبيب مجددًا ويعرضه عليه مرة أخرى، وهنا تأتى الصدمة بارتياب الطبيب وشكوكه فى فشل العملية لسوء التعقيم فى المستشفى، ويطلب إعادة العملية فى مستشفى خاص، ولكن شيئًا لم يكن فظل الطفل على حالته المتردية، وينتهى الأمر بتحويله إلى مستشفى الزقازيق الجامعي، عله يجد هناك ما لم يجده فيما سبقاه، غير أن الإهمال قد نال من الطفل بدرجة كبيرة، فأصيب بالعمى وامتنع عن الطعام والشراب، وبدأت الشكوك تراود الأب فى احتمالية سرقة أحد أعضائه أثناء العملية، وعليه طالب وزير الصحة بتشكيل لجنة من الوزارة لفحص حالة الطفل. وعقب الدكتور حسام أبو ساطى، وكيل وزارة الصحة بالشرقية، على ذلك بأن الطفل دخل إلى مستشفى الأحرار التعليمى بالزقازيق يوم 8 من شهر يونيو 2017 وكان يعانى من قيء وإمساك وانتفاخ بالبطن لمدة 5 أيام، وتم تشخيص حالته على أنها انسداد معوى، وتدخل إخصائى جراحة بمستشفى الأحرار بعمل شق جراحى مكان عملية الزائدة الدودية، ثم وجد الطبيب ما يشبه كتلة لحمية داخل الأمعاء وقام بعمل استكشاف فوجد انسدادًا بالأمعاء فاستأصل جزءًا منها، وأعاد توصيلها، بنفس اليوم بتاريخ 8 من شهر يونيو، بعمليات الطوارئ، وارتفعت درجة حرارة المريض يوم 13 من نفس الشهر وصُرِف له العلاج اللازم وخرج يوم 15 من نفس الشهر للمتابعة بالعيادات الخارجية. وتابع: "ساءت حالة الطفل المريض مرة أخرى، وقام استشارى جراحة بإدخاله لمستشفى خاص بمدينة الزقازيق يوم 17 يونيو، وشخص الحالة على أنها ناصور أمعائى مع انفجار موضعى بجدار البطن، وخرج الطفل بعدما تحسن (حسبما ورد بتذكرة المريض) بالمستشفى بتوقيع الطبيب يوم 19 يونيو، ثم دخل إلى مستشفى الجامعة بالزقازيق يوم 25 من نفس الشهر، تحت إشراف طبيب آخر وهو يعانى من أعراض اختلالات بالجهاز العصبى أثرت على عينيه، وهو ما يعانى منه المريض حتى الآن بمستشفى الجامعة". أمين عام نقابة الأطباء: هناك فرق بين الإهمال الطبى ومضاعفات المرض من جانبه، قال الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، إن هناك لجان تحقيق مستقلة بالنقابة، تستقبل الشكاوى التى تُحال إليها، وإذا ثبت تورط الطبيب فيما نسب إليه من اتهامات بالإهمال والخطأ الطبى يُحال إلى المحاكمة التأديبية، غير أن هناك بعض الشكاوى الكيدية وبعضها مضاعفات للمرض. وأشار إلى أن هناك معتقدات خاطئة نتيجة عدم دراية المجتمع بالفرق بين الخطأ الطبى ومضاعفات المرض، فقد يموت المريض أو يتأذى بسبب مضاعفات ذلك المرض وليس بسبب الإهمال، وفى النهاية أول ما يُقال "إهمال وخطأ طبى" دون فهم لحقيقة الأمور. وأضاف الطاهر، فى تصريحات صحفية، أنه إذا أردنا علاج المشكلة فالمسألة تحتاج إلى دراسة عميقة لأسباب الإهمال، لأنه بات من الواضح خلال الفترة الأخيرة قيام حملات ممنهجة ضد الأطباء، متخذة من الإهمال زريعة لتنفيذ تلك الحملات، وهناك أسباب لخلل المنظومة الصحية، الإهمال أحدها لكنه ليس بتلك الصورة المبالغ فيها، لكون أغلب المرضى يعانون من قيام الأطباء بتوجيههم لعمل فحوصات وإشاعات خارج المستشفيات، أو يكون التقصير من خلال عدم توافر أماكن وأسرة فى المستشفيات، وبالتالى فإن القصور هنا يعد نقصًا فى المستلزمات الطبية والأسرة وغيرها، وهذه مسئولية الحكومة وليست مسئولية الأطباء، وعليه لا يمكن توجيه الاتهام إلى الطبيب فى تلك الحالة، ولا يُفَسر الأمر على أنه خطأ طبى أو إهمال". وتابع: "لوضع الأمور فى نصابها الصحيح، تقدمنا بمشروع قانون المساءلة الطبية لمجلس النواب، فحتى الآن لا يوجد قانون ينظم محاكمة الأطباء على أخطائهم، ويطبق عليهم قانون العقوبات، لذلك هناك لجان متخصصة وعليا تضم أطباء وغير أطباء لضمان الحيدة فى القرار، تكون مهمتها معاونة جهات التحقيق من النيابة العامة والمحاكم فى الإلمام بتفاصيل الوقائع الخاصة بالإهمال، لكن حتى الآن لم تتم مناقشة ذلك المشروع فى البرلمان، رغم أنه أحد سُبُل حل تلك المشكلة".