طرحت شبكة "بى بى سى" عدة تساؤلات عن أسباب حوادث القطارات المتكررة فى مصر ، مسلطة الضوء على حادث قطاري الإسكندرية الأخير الذي راح ضحيته 49 قتيلا وإصابة أكثر من 150 آخرين . وعلى مدار السنوات الماضية بات من المعتاد تكرار حوادث القطارات التي تعزى في معظم الحالات إلى أخطاء بشرية كما تعزى إلى قدم منظومة السكك الحديدية المصرية بمعظم مكوناتها. وكانت هيئة السكة الحديدية المصرية، قد أعلنت أن قطار ركاب كان قادما من القاهرة، تصادم مع آخر كان قادما من بورسعيد، في تمام الساعة الثانية والربع بعد ظهر الجمعة 11 أغسطس ، إذ ضرب القطار الأول مؤخرة القطار القادم من بورسعيد بالقرب من محطة خورشيد، على خط القاهرة - الإسكندرية . منظومة متهالكة يقول الدكتور أسامة عقيل أستاذ المرور والطرق والنقل في جامعة عين شمس، والخبير في وسائل النقل، إن ما يؤدي إلى تكرار الحوادث التي توقع ضحايا، هو أن منظومة السكك الحديدية قديمة جدا في مصر، ولم تشهد تحديثا على مدى سنوات طويلة، ويشرح عقيل الفارق بين ما تقوم به هيئة السكك الحديدية في مصر، على مدار سنوات وهو الصيانة، وبين المفترض أن يتم وهو التحديث، فيقول إن الصيانة مثلا تتعلق بتغيير قطع غيار بعينها، أو إحلال قضبان قطارات متهالكة بأخرى جديدة، إما التحديث والكلام لعقيل فهو تغيير المنظومة التقنية بكاملها. ويرى عقيل أن مصر تخلفت عن أجيال كاملة، من الأنظمة التقنية لتشغيل السكك الحديدية في العالم، ويضرب مثلا بنظام الجر فيقول إنه مر بأجيال مثل الجر بالفحم والجر بالديزل والكهرباء ثم أخيرا الجر الإلكتروني، وهو استخدام القوة المغناطيسية، التي تخفف كثيرا من وزن القطارات، وهي تقنية يعمل بها في العديد من العالم بينما مصر ما تزال في عصر الجر بالديزل ، ويضيف عقيل أن نفس الأمر ينطبق على نظام الإشارات وتنظيم الحركة إذ أنه في مصر ما يزال في العصر اليدوي. ولا يغفل عقيل مسؤولية الإدارة، فيما وصل إليه مرفق السكك الحديدية في مصر من تدهور، وهو يقول إن النظام التراتبي الإداري المعمول به هناك، هو أن يعين الموظف الأقدم رئيسا للهيئة، وبهذا ربما ينتهي الأمر بموظف كان في قطاع الورش رئيسا لهيئة سكك حديد كبيرة، بينما هو لا يملك الرؤية ولا الوعي، بما يحدث من تطور في هذا المجال في العالم، بما يمكنه من إدراك ما هو فيه والسعي لتحديثه، ويرى عقيل أن منصبا إداريا ضخما من هذا القبيل يحتاج إلى شخص على دراية بكل ما هو جديد في دنيا النقل والسكك الحديدية، وقادر على صياغة رؤى جديدة في مجاله. وفي معرض تشخيصه للحل يقول عقيل إنه كان قد قدم خطة سابقا لواحد من وزراء النقل في مصر، وكانت ترتكز في أساسها على العمل خطوة خطوة، عبر تطوير الخط الأطول من سكك حديد مصر، والذي يبلغ طوله 1100 كيلومتر ويتمثل في المسافة بين الاسكندرية وأسوان مرورا بالقاهرة وتحديثه، ليتحول لخط عصري ثم يتم الاستفادة من نقل البضائع عبر خطين للنقل بالسكك الحديدية، بما يوفر موارد بعيدا عن الدولة ثم إعادة هيكلة للهيئة لتقليل الوظائف ثم استخدام الموارد التي توفرت بعد خمس سنوات بالنهوض بالخطط الفرعية الأخرى للسكك الحديدية التمويل هو العائق أما محمد أبو حامد عضو مجلس النواب ، فيختلف ويقول في حديث لنقطة حوار، إنه ومنذ "ثورة الثلاثين من يونيو" وهناك عزم على إصلاح العديد من القطاعات، ومنها قطاع السكك الحديدية ويضيف أنه ومنذ أول دور للانعقاد في مجلس النواب الحالي، فإن المجلس شهد العديد من الاجتماعات بين النواب والوزراء المسؤولين عن القطاعات الخدمية، وأن الوزير الأسبق للنقل كان قد عرض على النواب خطة شاملة لميكنة حركة القطارات، وإنشاء مصنع لإنتاج عربات قطارات السكك الحديدية، لكن والكلام لحامد فإن المشكلة هي مشكلة تمويل، والجميع يعرف كيف أن الوضع الذي تمر به مصر صعب اقتصاديا. ويقول أبو حامد إن مرفق السكك الحديدية في مصر، يحتاج إلى تمويل ضخم لتطويره قد يصل إلى 100 مليار جنيه، ليكون قادرا على العمل، لكن ظروف مصر صعبة بعد مرورها بثورتين، ويضيف أبو حامد أنه ونتيجة لسنوات طويلة من الفساد والإهمال قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، فإن الدولة المصرية ورثت كما هائلا من المشاكل المتراكمة في كافة القطاعات. ويؤكد أبو حامد على ضرورة وجود إدارة فعالة، في قطاع السكك الحديدية، ويرى أن الخصخصة ضرورية في هذا المجال من أجل وجود إدارة أكثر كفاءة ودقة، وبحيث تكون هناك شراكة من أجل التطوير بين الدولة وقطاعها الخاص.