صبرى: القيادات الحالية والسابقة للهيئة أثبتت أنها ليست ذات كفاءة.. وأداؤها هزيل عقيل: السكة الحديدية مرفق مهلهل وفاشل.. وتطويره يسير فى الاتجاه الخاطئ عامر: الجميع شركاء فيما يحدث.. وأولهم رئيس الوزراء العلايلى: منظومة السكك الحديدية مختلة وتحتاج إلى إعادة نظر بموضوعية تتوالى حوادث القطارات ولا تتوقف، فلا تكاد تجف الدماء إلا وتنزف مرة أخرى، ولا يزال نزيف الدماء مستمرا على القضبان والضحايا فى كل مرة بالعشرات؛ فخلال العام الماضى بلغ عدد حوادث القطارات 489 حادثة وفقا لما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بالإضافة إلى ما شهده العام الحالى من حوادث متكررة؛ منها حادث قطار البدرشين فى يوليو الماضى، وثلاث حوادث متتالية فى قليوب، والتى تعد بطلة حوادث القطارات لعام 2012 بلا منازع، بالإضافة إلى حادث قطار الفيوم فى الأسبوع الماضى، وتأتى كارثة قطار أسيوط يوم السبت الماضى، والتى بلغ عدد ضحاياها 50 طفلا قتيلا، لتعبر عن حجم الإهمال الذى يعانى منه قطاع السكك الحديدية. "الشعب" ناقشت مع خبراء النقل والمرور، كيفية تطوير قطاع السكة الحديدية، فى محاولة لوقف مسلسل حوادث القطارات المستمر. فى البداية يحذر الدكتور محمد صادق، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشورى، من أن حادث قطار أسيوط لن يكون الأخير فى ظل هذا الإرث الكبير من الترهل الذى تعانى منه السكة الحديدية، التى تحتاج إلى إعادة تطوير، سواء عن طريق شراء جرارات وعربات أو تجديد المحطات وكهربة الإشارات وازدواج خطوط الضواحى المفردة، وكل هذا بالطبع يحتاج إلى تمويل كبير من الدولة. وانتقد الدكتور صادق الطريقة البدائية التى تستخدم فى إغلاق مزلقانات السكة الحديدية لأنه من غير المعقول أنه فى ظل هذا التقدم الموجود فى القرن الواحد والعشرين أن يتم الاعتماد على العنصر البشرى فحسب فى إغلاق المزلقانات، لأن هذا الغلق يجب أن يكون أوتوماتيكيا. وطالب رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشورى بإعادة هيكلة هيئة السكك الحديدية، لأن الحل ليس فى استقالة الوزير فحسب ولا رئيس الهيئة، ولكن فى إصلاح منظومة بأكملها، مشيرا إلى أن القيادات الحالية والسابقة للهيئة أثبتت أنها ليست ذات كفاءة، فأداؤها هزيل، لذلك يجب أن يكون رئيس الهيئة القادم من خارجها. منظومة كاملة تتسم بسوء الإدارة فيما يرى المهندس صبرى عامر، رئيس لجنة النقل والمواصلات الأسبق بمجلس الشعب، أن المسئول عن حوادث القطارات المتكررة ليس شخصا واحدا وإنما منظومة كاملة تتسم بسوء الإدارة، فقطاع السكك الحديدية يعمل من دون خطة واضحة، وكان يجب على رئيس الهيئة إعداد خطة شاملة يراعى فيها أهم الأسباب السابقة التى أفضت إلى وقوع كوارث القطارات، ومن ثم يتمكن من حل المشكلات التى تواجه هذا القطاع الحيوى. وأشار عامر أن إلقاء المسئولية على عامل واحد فى كثير من الأحيان يعد ظلما له؛ فالجميع شركاء فيما يحدث بداية من رئيس الوزراء حتى كل قيادات السكك الحديدية، فالعامل لم يتم تحديد منظومة له حتى يستطيع العمل من خلالها بشكل سليم، فمن ثم يجب إعادة ترتيب المنظومة التى تحتاج إلى إعادة نظر أولا. وأبدى رئيس لجنة النقل والمواصلات الأسبق اندهاشه مما أعلنته وزارة النقل عن قرب طرح القطار فائق السرعة للتنفيذ والذى سيتكلف ملايين الجنيهات، فى الوقت الذى يعانى فيه قطاع السكك الحديدية وكذلك قطاع الطرق من ضياع وإهمال وانهيار. ويؤكد الدكتور أسامة عقيل، أستاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن هيئة السكك الحديدية كمرفق، تدار ببدائية وبعدم كفاءة، فكل المسئولين بهذا القطاع الضخم موظفون بسطاء وليسوا خبراء فى الإدارة. وأوضح أن مشكلة تطوير السكة الحديدية تسير فى الاتجاه الخاطئ؛ فهى تحتاج إلى هيكلة سليمة وليست هيكلة صورية، فعندما تكون المنظومة سليمة فالأخطاء البشرية تكون محدودة، وعندما تكون سيئة فيكون هناك احتمالات للخطأ، ومن ثم فالعامل ضحية نظام يدار بشكل خاطئ. ووصف عقيل مرفق السكة الحديدية ب"المهلهل"، والفاشل فى الإدارة؛ فعلى سبيل المثال هناك خسائر هائلة فى الكثير من الخطوط نتيجة أن بعض الخطوط ليس عليها إقبال، فنجد أن القطار فيها ينقل حوالى أقل من 200 راكب يوميا، فترتفع تكلفة نقل الراكب، فتحدث الخسارة. الدعم المادى مطلوب للتطوير واعتبر الدكتور سامح العلايلى أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة أن الإدارة هى أساس تقدم أى مرفق وهو ما نفتقده فى مصر فى كل المرافق، وليس فى السكة الحديدية فحسب، وأوضح أنه ليس من الضرورى أن يكون رئيس هيئة السكك الحديدية متخصصا، ولكن لا بد أن يكون إداريا ناجحا حتى يستطيع أن ينهض بهذا القطاع المثقل بالمشكلات. وأكد أنه يجب البدء فى تطوير منظومة السكة الحديدية بتوفير الدعم المادى اللازم لها، ثم تحديث البنية الأساسية، لتفادى الأخطاء فى المستقبل، فالمنظومة مختلة وتحتاج إلى إعادة نظر بموضوعية. وحول إلقاء المسئولية دائما على العامل يقول العلايلى، من الخطأ أن يتحمل العامل المسئولية بمفرده، فقبل إلقاء المسئولية عليه يجب أولا تدريبه وتعليمه جيدا، وتوفير الأجر العادل له، حتى نستطيع أن نحاسبه بعد ذلك. من جانبه قال رمضان الجندى، رئيس النقابة العامة للعاملين بالسكة الحديدية، أن بعض الأخطاء البشرية التى لا تحدث بانتظام كثيرا ما تتسبب فى حوادث القطارات، فالخطأ البشرى أمر وارد الحدوث فى أية لحظة، لذلك تم وضع خطة جديدة تستهدف النهوض والارتقاء بمستوى العاملين عن طريق التدريب والتعليم المستمر لمواكبة أحدث النظم القياسية العالمية، بالإضافة إلى تحسين المستوى المعيشى لهم لتحقيق الرضا المالى، وحصولهم على جميع احتياجاتهم حتى يكونوا على قدر المسئولية، فتقل الأخطاء البشرية. وأشار الجندى إلى أنه آن الأوان لتحديث وتطوير كل الأنظمة القديمة خاصة نظم الإشارات، مع ضرورة ازدواج الخطوط ورفع كفاءتها وعدم الاعتماد على نظام التحويلة بشكل تدريجى.