تحقيق: نبيل نور - أحمد جمعة علا عبدالهادي - إيمان زين العابدين - أحمد توفيق كشف حادث قطار أسيوط والذي راح ضحيته 48 طفلاً عن إهمال وقصور شديدين بمنظومة الأمان والمراقبة لقطارات الهيئة بكاملها. خبراء هندسة السكة الحديد اكدوا أننا بحاجة ملحة إلي تطوير منظومة المراقبة والأمان الموجودة بالهيئة ووزارة النقل وغير المفعلة أصلاً بالاضافة إلي ضرورة ربط جميع مزلقانات مصر الكترونياً للحد من وقوع هذه الحوادث. "الجمهورية" ناقشت خلال هذا التحقيق كيفية النهوض بالسكك الحديدية.. وإلي التفاصيل: يقول الدكتور أحمد فرج أستاذ هندسة السكة الحديد بجامعة القاهرة: اننا في مصر نعاني من حوادث الموت المأساوية في السكك الحديدية والتي كان آخرها حادث أسيوط الأليم وأشار إلي اننا نحتاج إلي مخطط استراتيجي لتطوير السكك الحديدية احداها طويلة الأجل والأخري قصيرة الأجل ويجب ان نبدأ فوراً بالخطة قصيرة الأجل وتطوير المزلقانات التي تتسم بالرعونة ونبدأ بالقصيرة الأجل والتي تتضمن الاهتمام بقطاع السلامة والأمان الذي انشأه الوزير الأسبق محمد منصور ولكنه للأسف لم يفعل وهذا القطاع لابد من تطويره بنظم تفتيش فعالة لمنع الحادث قبل وقوعه وللأسف كل هذه الحوادث المؤسفة تقع لعدم وجود انظمة المراقبة الفعالة. طالب د. أحمد فرج بوجود منظومة لمراقبة المزلقانات عن طريق رفع كفاءة المراقبين بعمل دورات تأهيلية علي أيدي متخصصين حتي نتمكن من مراقبة 1500 مزقان علي مستوي مصر والاهتمام ايضاً بوجود مراقبة الكترونية عن طريق الربط الالكتروني لمعالجة هذه الاختلالات. ولكن للأسف لدينا تداخل بين وزارة النقل والسكة الحديد وبعض الوزارات تجعل مراقبة المزلقانات صعبة وتطويرها أيضاً أمراً مستحيلاً.. فمثلاً نجد ان معظم زوايا الصلاة تقام في احضان المزلقانات وهذا عمل وزارة الأوقاف ولابد ان تمنع إقامتها وأيضاً وزارة الري التي تضم كباري علي ترع صغيرة مجاورة لمزلقانات وأيضاً وزارة الداخلية التي تقوم بتعيين الأفراد المراقبين لهذه المزلقانات. وأكد د. فراج ان اصلاح هذه المنظومة يتطلب تضافر كل الجهود للسيطرة عليها لأنه من غير المعقول ان تستمر هذه الحوادث في الوقت الذي تخلصت فيه معظم دول العالم من آثارها السلبية ونحن كجامعة قاهرة مستعدون للمشاركة للحد من هذه الحوادث. ويري الدكتور مجدي صلاح نور الدين أستاذ السكة الحديد بجامعة القاهرة ان تكرار حوادث القطارات سببه انهيار منظومة السكة الحديد وغياب التطوير والتحديث من زمن بعيد فأنظمة السكك تطورت في كافة دول العالم بينما مصر محلك سر مشدداً علي ضرورة ميكنة أنظمة فصل المزلقان وابعاد العنصر البشري والاعتماد علي التكنولوجيا الحديثة حتي لا نترك الأمور للإهمال أو الخطأ البشري ويكون نظام غلق وفتح المزلقانات الكترونياً. ويؤكد علي أهمية تدريب كوادر السكة الحديد والارتقاء بمستواهم الفني فجزء كبير من عملية التطوير يعتمد علي العنصر البشري موضحاً ان رفع الاعتمادات المالية للسكة الحديد هو جزء من عملية التطوير لكن الاهتمام بالأفراد هو الأهم. تقنيات حديثة يقول د. إبراهيم مبارك أستاذ الأمن الصناعي بهندسة حلوان: ان هناك عدة أسباب لوقوع حوادث القطارات أهمها الاخطاء المهنية والاخطاء البشرية وقصور الصيانة ولتلافي هذه الأسباب خاصة أننا نتعامل مع أرواح يجب أولاً ان تكون نهاية القضبان للسكك الحديدية مستوية مع السطح العلوي للأسفلت لضمان عدم تعليق السيارات أثناء المرور ووقوع الحوادث بين السيارات والقطارات وان تعمل الاشارات اليدوية بشكل تلقائي مع استخدام التقنيات الحديثة والتأهيل البشري من خلال دورات تدريبية للعاملين للتقليل من الخطأ البشري في الحوادث وخاصة ان العامل يسمح بمرور السيارات قبيل مرور القطارات اعتقاداً منه انه يسهل المرور. اضاف انه في الدول المتقدمة يوجد ساتر حديدي يرفع آلياً يغلق جهتي السكة الحديد ويمنع المرور فيجب وجود وحدات تحكم ورصد ميزانية لذلك. تفعيل قوانين السلامة يؤكد فؤاد كيلاني استشاري السلامة والصحة المهنية ان القانون العام الذي يسري به العمل بالدولة رقم 12 لسنة 2003 به باب كامل عن أعمال السلامة المهنية وتشريعاتها وينص علي ضرورة اتباع جميع الهيئات والمؤسسات للتعليمات الواردة به والالتزام بها للتقليل من نسب التعرض للمخاطر وتجنيب الدولة الكثير مما يحدث في مثل هذه الظروف كما ينص علي الالتزام بتدريب العاملين بالهيئات والمؤسسات علي أعمال السلامة وإعداد خطط الوقاية منها وخطط لمواجهة الأزمات والكوارث وتحليل الحوادث وكتابة التوصيات لضمان عدم تكرارها. كما يوصي باستخدام وسائل الصيانة الخاصة بالمعدات والأجهزة ورغم هذا لم يتم تفعيل هذه القوانين ومتابعتها من الجهة المنوطة وهي وزارة القوي العاملة والهجرة والتفتيش علي الهيئات والمؤسسات. ويشير إلي ان التفعيل هام بالاضافة لوضع خطة كاملة تستمر لمدة 5 سنوات لتغطية أعمال الصيانة وتوفير ميزانية لهذا الغرض مع المتابعة الدورية للصيانة وعدم الاعتماد علي الصيانة الوقتية كالاعطال الطارئة وتحديث جميع طرق التنبيه الخاصة بخطوط السكة الحديد بالمحافظات طبقاً للتكنولوجيا الحديثة. وأيضاً تدريب العاملين علي جميع أنواع أعمال الصيانة وتوعيتهم بالمخاطر وكيفية الوقاية منها. قال اللواء يسري الروبي الخبير الدولي للمرور والانقاذ والتدخل السريع في الحوادث: ان حلول المرور العلمية العالمية تبدأ بالتعليم ثم الهندسة المرورية ثم تطور القانون بحيث يتناسب مع الحلول. اضاف ان كل ما هو موجود في العالم كله من أساليب لمواجهة الأزمات والحوادث المرورية ليس صعباً ولكن الحقيقة أن كل شيء في مصر يسير عكس المنطق والعقل وهذا هو السبب في ان الرخصة المصرية للقيادة غير معترف بها في دول العالم لان استخراج الرخص يتم من خارج مدارس القيادة. اكد اللواء الروبي ان قائد السيارة هو المسئول الرئيسي في حادثة أسيوط لان العدد سواء القتلي أو المصابين لا يتناسب مع العدد الطبيعي للكراسي الموجودة بالاتوبيس أي ان الأتوبيس كان يحمل أكثر من عشرين طفلاً زيادة علي عدد المقاعد. أضاف ان سائق الأتوبيس علي غير دراية بالتصرفات في المواقف الخطرة ثم ان الحمل الحيادي للاتوبيس غير محقق بسبب الحمولة الزائدة والتي لا تلتزم بنظام حزام الأمان الذي يحقق الاتزان ويساعد قائد السيارة علي المناورة. أوضح ان الطرف الثاني في المسئولية هو المزلقان أو عامل المزلقان وللأسف الشديد ان نسبة كبيرة من المزلقانات لا تعمل بسبب الاعطال أو بسب انقطاع الكهرباء وهنا تأتي الأزمة والكارثة. قال ان سائق القطار لا يتحمل أي مسئولية في مثل تلك الحوادث لانه يسير وفق اشارات معينة تحدد له السير والسرعة التي يسير بها وليس لديه دراية بعدد المزلقانات وأماكنها. تؤكد الدكتورة نادية رضوان - أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس - علي أن ما يحدث في مصر من حوادث أصبحت يومية هو شيء مؤسف ويعد كارثة ويعكس مدي الاهمال والفوضي التي وصلت إليها جميع مرافق الدولة فحادث أسيوط يتبادل فيه الجميع الاتهامات دون الاهتمام بالبحث عن الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة التي راح الأطفال الأبرياء ضحايا لها ولثقافة الاهمال النسبي تراكمت عبر آلاف السنين. رسالة تحذير تضيف بأن ظاهرة المزلقانات الموجودة في السكة الحديد انتهت في كل دول العالم منذ فترة طويلة واستخدموا كباري علوية كبديل للحفاظ علي أرواح الناس دون ان تترك الأمر لعامل الصدفة ليلعب دوراً في الحاق قدر أسود بأبرياء في ظل غياب الرؤية المستقبلية والتخطيط الجيد فهنا لا يكفي ان يستقيل وزير النقل أو رئيس هيئة السكة الحديد بعد كل حادثة فالمرفق منهار بشكل كامل لذلك لابد ان يعتبر العاملون فيه هذه الحوادث بانها رسالة تحذير ليكونوا أكثر احتراماً لحياة الناس وحقهم في الحياة من خلال ايقاظ الضمائر والعمل الجاد في تطوير المرفق وصيانته ورفع كفاءة العاملين فيه حتي نتمكن من ايجاد حلول جذرية لهذه المشكلة. يري الدكتور عبدالرءوف الضبع - رئيس قسم الاجتماع بجامعة سوهاج - ان الإجابة علي متي ينتهي الاهمال؟ ستكون صعبة للغاية والسؤال الأهم هو كيف ينتهي؟ وهو ما يحتاج إلي اعادة ترتيب بناء الدولة من الداخل بصورة شمولية والتركيز علي الأمور والقضايا المتعلقة بحياة المواطنين. فحادثة أسيوط تستوجب البحث عن الأسباب الحقيقية لها بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية لأن ما حدث من إقالة للوزير ورئيس الهيئة ليس هو الحل ولكن طريقة التفكير هي أساس حل المشكلة لذلك لابد علي المختصين والمسئولين عن هذا المرفق الضخم والحيوي الاجتماع بالعمال والسائقين ومسئولي الصيانة لبحث أسباب تدهور هذا المرفق وتفهم مواضع الخلل فيه وكيفية حلولها سواء باستقدام خبراء من الخارج لتطوير المرفق أو وضع دراسات للقضاء علي أسباب هذه الحوادث وكيفية تطويره وصيانته مع اعطاء دورات تدريبية وتأهيلية للعاملين فيها في الدول صاحبة الريادة في هذا المجال لتطوير أدئهم. من جهة أخري اكد عمرو موسي عبر صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": ان حوادث القطارات المتتابعة هي نتاج فشل الإدارة وانعدام الصيانة والتدريب لافتاً ان هذا القطاع يحتاج تغييراً شاملاً. وليس مجرد ترقيع. قال الدكتور محمد صادق - رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشوري انه سيتوجه علي رأس اللجنة. إلي موقع حادث تصادم قطار أسيوط بأتوبيس الأطفال. لتقصي الحقائق حول المسئول عن هذا الحادث. ومعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إليه. أكد موسي ان صلاح مصر يبدأ من كل ما يمس المواطن. ويحافظ علي حقوقه وحياته. قائلاً: يجب ألا تغيب الأولويات في زمن المزايدات. وتقدم التيار الشعبي المصري. بخالص العزاء والمواساة لأهالي ضحايا الحادث المفجع الذي وقع صباح اليوم في منفلوط بمحافظة أسيوط مؤدياً لمصرع أكثر من 47 طفلاً - حتي الآن - مضيفاً ان الحادث جاء موجعاً لقلوب ملايين المصريين في صباح يوم جديد. يتأكدون فيه ان أرواحهم هي أرخص ما في هذا الوطن. وانه لا جديد في مصر في سياسات من يحكمونها. رغم ان هذا البلد شهد ثورة منذ ما يقارب العامين كانت واحدة من أهم أهدافها هي كرامة المصري في وطنه. تقدم الائتلاف المصري لحقوق الطفل ببالغ العزاء والمواساة لأسر الأطفال الضحايا للإهمال وذويهم وحمل الدولة مسئولية عدم المبالاة والاهتمام بأوضاع أطفال مصر. وطالب الحكومة المصرية بالتعامل مع الكارثة ليس من منطلق تحميل بعض الأشخاص البسطاء مثل سائق القطار أو سائق الأتوبيس المسئولية وحدهم ولكن محاسبة المسئولين عن التقصير في أداء مسئولياتهم سواء كان وزير النقل الذي لم تكن كارثة أتوبيس وقطار أسيوط هي الأولي من نوعها في عهده. وكذلك إعادة النظر في مسئولية المحافظين نحو العمل علي الإشراف علي وسائل نقل الأطفال داخل محافظاتهم وتحديد طرق آمنة لنقل أطفالنا بعيدة عن مصادر الموت علي الطرقات. طالب الائتلاف اللجنة التأسيسية المعنية بوضع مقترح الدستور بضرورة اضافة فقرات تحمي أطفالنا من العنف والاساءة وسوء المعاملة والاهمال والتي تم حذفها من المسودة الأولي للمشروع المقترح. وحملت حكومة ظل الثورة الرئيس مرسي ونظامه مسئولية الاهمال والفشل والتسبب في موت 65 طفلاً في حادث منفلوط وطالبت بإقامة حكومة قنديل فوراً والتي لم ير منها الشعب الا تكرار المصائب والحوادث وتعطيل مصالح المواطنين.. رفضت حكومة الظل أسلوب التبرير وتحميل المسئولية للغير من نظام كان يروج في الانتخابات ان لديه مشروع نهضة ولم يري الشعب منه حتي الآن الا مزيداً من دماء المصريين مسالة علي الطرق وقضبان القطارات وتحت اسقف العمارات. قال د. علي عبدالعزيز رئيس حكومة ظل الثورة ان حكومة قنديل قتلت من المصريين أكثر مما قتلت إسرائيل في حربها مع غزة.. وأشار إلي ان نظام أرخص شيء بالنسبة له دماء المصريين النتيجة الطبيعية لن تكون سوي مزيد من دماء واشلاء المصريين في كل مكان.