تحاول وزارة التربية والتعليم جاهدة، أن تقنن عملية الغش التي يقوم بها الطلاب، خاصة بعد التسريبات التي يتم نشرها عبر موقعي التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر"، مع انطلاق ماراثون الثانوية العامة منذ أمس الأحد؛ حيث قام أحد الطلاب بتسريب عدد من الأسئلة بعد دقائق قليلة من انطلاق امتحان اللغة العربية، واستطاعت الوزارة أن تقوم بالتعرف على الطالب وتحويله إلى لجنة التأديب لأخذ الإجراءات القانونية ضده، وفقًا لقانون الغش الذي أصدره مجلس النواب وصدق عليه، والتي قامت بتقديمه وزارة التربية والتعليم لتطبيقه من بداية العام الجاري. جاءت تفاصيل العقوبة الخاصة بالطالب الذي يقوم بتسريب أسئلة المواد باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، فتم تغليظ عقوبة الإخلال بأعمال الامتحانات؛ حيث سيتم تحديد عقوبة الشروع في الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 50 ألفًا، وعقوبة مَن يروج أسئلة أو أجوبة الحبس من عامين إلى 7 سنوات وغرامة ما بين 100 ألف ولا تزيد على 200 ألف جنيه، وأيضًا حرمان الطالب من الامتحان مدة تصل إلى سنتين. فمن جانبه، قال كمال مغيث، الخبير التربوي، إن قانون الغش الذي فعلته وزارة التربية والتعليم، لم يقم بتقنين الغش بوسائله كما تزعم الوزارة، مشيرًا إلى أن المعركة الحقيقة تأتي لتوفير حياة تعليمية في مصر بشكل أفضل والرجوع إلى الأساليب التي تستند إليها وزارة التربية والتعليم لتطبيق المناهج الدراسية على الطلاب. وأضاف مغيث ل"المصريون"، أن العقوبات التي غلظت على الطالب جاءت جائرة وقوية، فكيف لطالب أن يقوم بدفع ما يقرب من 200 ألف جنية، في المقابل يتم حرمانه من دخول الامتحانات لمدة عامين، فكان من باب أولى أن يتم منع الطالب من تأدية الامتحانات بشكل نهائي في حال ثبوت تورطه في تسريب الامتحان، دون دفع كل هذا المبلغ الطائل. وأوضح مغيث، أن نظام التعليم في مصر لا يحتاج قوانين لمواجهة الظواهر بقدر ما يحتاج إلى إعادة هيكلة وترتيب للمنظومة بشكل أكبر وأوسع، مشيرًا إلى أنه لطالما هناك منظومة فاشلة تدير العملية التعليمية ولا تطورها فلم يتم القضاء على ظاهرة الغش ولو ب"100 قانون" رادع. وفي سياق متصل، قال أيمن البيلي، الخبير التربوي، إن قانون الغش، بالتأكيد لن يقضي على الظاهرة بشكل كامل، بل يزيد الأمر تعقيدًا، نظرًا لتغليظ العقوبات على الطلاب بشكل مبالغ فيه، وذلك وفقًا لمبدأ الجزاء الذي يجب أن يكون من جنس العمل، فكان يجب أن يتم تغليظ العقوبة التي قد تصل إلى لفت النظر أو الطرد من اللجنة والحرمان من المادة، بدلاً من الإجراءات القانونية التي قد تأخذ الطالب في طريق السجن والغرامة المبالغ فيها. وأضاف البيلي، أن الغش ينتج عن عدد من المراحل أولها فشل المنظومة التعليمية، وفقدان النظام لمصداقيته وقيمته أمام الطلاب، خاصة من طلاب الثانوية العامة، الذين يشعرون بأن تلك الامتحانات بمثابة عنق الزجاجة وأصبحت شبحًا يهدد كل منزل به طالب في تلك المرحلة. وأوضح البيلي، أن ثاني الأشياء التي تؤدي إلى الغش هو اعتماد الامتحانات التي يقوم المتخصصون بوزارة التربية والتعليم بوضعها على قياس المعلومات على الطلاب وليس على مدى فهمه واستيعابه للمعلومات، وهو ما يجعل الطالب يقوم بعملية الغش للحصول على أعلى نسب من الدرجات وتحقيق هدفه.