تقرير: كوريا الشمالية تخطر اليابان بإطلاق قمر صناعي وشيك    نشأت الديهي: مصر أظهرت العين الحمراء لدولة الاحتلال    كولر: لا أعمل بالحب والكره «لا مكان للاعب يقلب وشه»    كولر: محمود الخطيب لن يمنحني ميزانية مفتوحة للصفقات    العثور على السفير الفرنسي لدى سريلانكا ميتا في مقر إقامته    مقتل ممثل أمريكي شهير بالرصاص في لوس أنجلوس    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    مصرع 5 أشخاص جراء عواصف شديدة في ولايتي تكساس وأوكلاهوما    هل سيتم زيادة ساعات تخفيف أحمال الكهرباء    انخفض 200 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 27 مايو 2024 في الصاغة (آخر تحديث)    كولر: الشناوي حزين.. قمصان سبب مشاركة كريم فؤاد في النهائي.. وأتابع شوبير منذ فترة    ملف يلا كورة.. قائمة المنتخب.. إيقاف رمضان صبحي.. وغيابات الزمالك    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    كولر يكشف حقيقة الأزمة الناشبة بين الشناوي ومصطفى شوبير    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    تجربة زراعية رائدة.. تفاصيل نجاح تجربة زراعة الذرة الرفيعة بأسيوط    البيت الأبيض: نحن على علم باستهداف رفح الفلسطينية ونجمع المزيد من المعلومات    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    ظهرت رسمي.. رابط سريع لمعرفة نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الإسكندرية    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء استهداف الاحتلال منزل لعائلة "البطران" شمال غزة    نجم الزمالك السابق بعد إعلان قائمة منتخب مصر: حسام حسن «ظالم»    موعد وقفة عرفات 2024.. متى يحل عيد الأضحى في مصر؟    تعرف على سعر الفراخ البيضاء وكارتونة البيض في الأسواق اليوم الإثنين 27 مايو 2024    شعبة الصيدليات: «زيادة أسعار الأدوية هتحصل هتحصل» (فيديو)    كان في حالة تعفن.. دفن جثة شخص عثر عليه ميتا داخل شقته في أبو النمرس    جهاز دمياط الجديدة يشن حملات لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    خبير اقتصادي ل قصواء الخلالي: الوافدون سبب رئيسي في زيادة التضخم    فنانة تحتفل مع طليقها بعيد ميلاد ابنتهما وياسمين صبري جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    فلسطين حاضرة.. انطلاق مهرجان الطبول بمشاركة 30 فرقة عالمية - (صور)    المرصد الأورومتوسطي: مجزرة رفح دليل تجاهل الاحتلال قرار محكمة العدل الدولية    اللجنة الوزارية العربية على رأسها مصر تنجح في تغيير دفة أوروبا تجاه فلسطين.. المجموعة تفرض حصارًا دبلوماسيًا ضد تل أبيب يتكلل باعتراف 3 بلدان أوروبية بدولة فلسطين.. والقاهرة تحول إسرائيل لدولة منبوذة عالميًا    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    أمين الفتوى: يجوز التيمم للغسل والوضوء رغم وجود الماء في هذه الحالة    مصطفى عمار: الرئيس السيسي أمين وصادق ولا يفعل شيئا إلا من أجل بناء دولته    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    مذكرة شرح الكيمياء العضوية للصف الثالث الثانوي 2024 بمدارس اللغات    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    وزير الشباب يشهد حفل ختام النسخة ال 12 من مهرجان ابداع    منوم ومشنقة.. سفاح التجمع يدلي باعترافات تفصيلية عن طريقة التخلص من ضحاياه    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «هتشوفوا فصول السنة الأربعة»    يونيو القادم.. "تعليم المنيا" تستعد لانطلاق ماراثون الثانوية العامة    من قرب عيد الأضحى.. "التموين" تزف بشرى سارة عن الأسعار    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    وزير الكهرباء: اعتذر للشعب المصري عن أي ضيق من انقطاع التيار ونعمل على تقديم الحلول    ليلة وداع تشافي.. برشلونة يختم «لا ليجا» بالفوز على إشبيلية    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعرف على أسباب الإصابة بنزلات البرد المتكررة حتى في فصل الصيف    وكيل صحة الإسماعيلية تحيل عددا من العاملين بوحدة أبو جريش الصحية للتحقيق    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنبيه الغافلين بأهمية قضاء الدين (1)

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ( آل عمران 102 )
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ( النساء 1 )
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا . } ( الأحزاب 70 – 71 )
فلقد تواترت نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة سلفاً وخلفاً على فضل القرض وثوابه ، بل إن القرض في الشريعة الإسلامية من أبرز مبادئها ، وأظهر معالمها الدالة على سعيها للتيسير والتسهيل على المسلمين ، قال تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون} ( البقرة : 245 ).
كما أّنَّ هذا الدِّين العظيم جاء بالحثِّ على التكافل بين أفراده ، والحضِّ على التعاون بينهم ، ومن صور هذا التكافل والتعاون ، مشروعيَّة القرض ، فأباح للمحتاج أن يستدين عند حاجته ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ... } ( البقرة: 282 ) وجعل الإسلام إقراض الآخرين قربةً يتقرَّب بها العبد لربه تعالى ، ففي الحديث : { ما من مسلمٍ يُقرض مسلمًا قرضًا مرَّتَيْن إلا كان كصدقتها مرَّة } ( رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني )
ولكن هناك من الناس من يستدين لأمور تافهة ، ليس لها أصل ولا محل من النظر ، فتجده يستدين ، ويوهن كاهله بالدين ، ويرهق نفسه ، ويريق ماء وجهه ، من أجل غرض دنيوي زائد عن حاجته ، أو أمر كمالي ليس له داع ، كمن يستدين لشراء أثاث منزلي مع أن لديه أثاث جديد جيد ، ولكن من باب المفاخرة والمجاراة ، أو يشتري سيارة فارهة فاخرة باهضة الثمن ، ولديه غيرها تقضي له متطلباته وحاجياته ، فهذه الأمور وغيرها لا تستدعي أبداً أن يستدين الإنسان ، فربما استدان ومات فيحبس عن دخول الجنة ، ويأتيه شعور الغم والهم في قبره ، والوحدة والوحشة ، والعذاب ، فلا يجد إلا ألم الدين .
وكثير من المدينين غافلون عن خطورة عدم قضائهم لديونهم في الدنيا ، والآخرة ، فأحببت أن أنبه هؤلاء إلى أهمية قضاء ديونهم من خلال الوقفات الآتية :











الوقفة الأولى
معنى الدين في اللغة والاصطلاح
1 معنى الدين في اللغة :-
قال ابن منظور – رحمه الله – في لسان العرب : { الدَّين : واحد الديون ، معروف . وكل شيء غير حاضر دَينٌ ، والجمع أَدْيُن مثل أَعْيُن ، ودُيونٌ ؛.... ودَنْتُ الرجل : أقرضته مَدِينٌ ومَدْيون .
ودِنْتُ الرجلَ وأَدَنْته : أَعطيته الدين إلى أَجل
وقيل : دِنْتُه أَقْرَضْتُه ، وأَدَنْتُه اسْتَقْرَضته منه . ودانَ هو : أَخذَ الدَّيْن .
وتدايَنَ القومُ ، وادَّايَنُوا : أَخَذُوا بالدَّين ، والاسم الدِّينَةُ .. وأَدَنْتُ الرجلَ إِذا أَقرضته. وقد أَدَّانَ إذا صار عليه دين } أه .
وجاء في الصحاح للجوهرى : { دان فلان يَدِين ديناً استقرض ، وصار عليه ديَن ، فهو دائن ، وأنشد الأحمر : نَدِينُ ويَقْضي الله عنا وقد نَرَى مصارع قوم لايَدِينون ضُيَّع . ورجل مَدْيون كثر ما عليه من الدَّين . وادَّان فلان إِدَانَة إذا باعَ من القوم إلى أجل. وادَّان : استقرض ، ومنه قول عمر رضي الله عنه فادَّان معرضا أي استدان ، وهو الذي يعترض الناس فيستدين ممن أمكنه ، وتَدَايَنُوا : تبايعوا بالدَّين ، واستدانوا : استقرضوا } أه .
2 معنى الدين في الاصطلاح :-
قيل في معناه أقوال متعددة منها :
1 قال ابن نجيم – رحمه الله – في فتح الغفار شرح المنار : { الدين لزوم حق في الذمة } فيشمل الحقوق المالية والحقوق غير المالية كصلاة فائتة وزكاة وصيام وغير ذلك ، كما يشمل ما ثبت بسبب قرض أو بيع أو إجارة أو إتلاف أو جناية أو غير ذلك .
2 قال القرطبي - رحمه الله – في تفسيره : { حقيقة الدين عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً ، والآخر في الذمة نسيئة ، فإن العين عند العرب ما كان حاضراً ، والدين ما كان غائباً } أه .
3 قال ابن الهمام – رحمه الله – في فتح القدير : { الدين مال وجب في الذمة ، بدلاً عن مال أتلفه ، أو قرض اقترضه ، أو مبيع عقد بيعه ، أو منفعة عقد عليها } أه .

الوقفة الثانية
طلب القرض ليس من المسألة المذمومة
قد يظن البعض أن طلب القرض يدخل في المسألة المذمومة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه عنه عبدالله بن عمر رضى الله عنهما أنه قال : { لا تزالُ المسألةُ بأحدكم حتى يَلْقى اللهَ ، وليس في وجهِه مُزْعَةُ لحمٍ } ( رواه مسلم )
وهذا غير صحيح ، فإن طلب القرض ليس من مسألة الناس المذمومة المنهي عنها ، قال ابن قدامة في المغني : { وَلَيْسَ بِمَكْرُوهِ فِي حَقِّ الْمُقْترِضِ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ الْقَرْضُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ ، يَعْنِي لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ ، وَذَلِكَ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَقْرِضُ ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ ، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا ، كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ، وَلأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِعِوَضِهِ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِدَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ . } اه .

الوقفة الثالثة
كتابة الدين والإشهاد عليه
الإشهاد على الدين أمر رباني قرآني ، فيه حفظ للأموال من التلف أو الضياع ، أو أن تكون طي النسيان ، وقد أمر الله عباده بذلك فقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ( البقرة 282 )
والأمر بالكتابة ليس للوجوب ، وإنما للإستحباب ، فقد أتت القرينة الصارفة في قوله تعالى : { فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذى أؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا } .
قال إبن كثير – رحمه الله – في تفسيره : { هذه الآية الكريمة أطول آية في القرآن العظيم ، وقد قال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال ، حدثني سعيد بن المسيب : أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول من جحد آدم ، عليه السلام ، أن الله لما خلق آدم ، مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة ، فجعل يعرض ذريته عليه ، فرأى فيهم رجلا يزهر ، فقال : أي رب ، من هذا ؟ قال : هو ابنك داود . قال : أي رب ، كم عمره ؟ قال : ستون عاما ، قال : رب زد في عمره . قال : لا إلا أن أزيده من عمرك . وكان عمر آدم ألف سنة ، فزاده أربعين عاما ، فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة ، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاما ، فقيل له : إنك قد وهبتها لابنك داود . قال : ما فعلت . فأبرز الله عليه الكتاب ، وأشهد عليه الملائكة " ..... فقوله : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها ، ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها ، وأضبط للشاهد فيها ، وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال : ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا )
وقال سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) قال : أنزلت في السلم إلى أجل معلوم .
وقال قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ، عن ابن عباس ، قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله وأذن فيه ، ثم قرأ : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ) رواه البخاري .
وثبت في الصحيحين من رواية سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عبد الله بن كثير ، عن أبي المنهال ، عن ابن عباس ، قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أسلف فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم " .
وقوله : ( فاكتبوه ) أمر منه تعالى بالكتابة - والحالة هذه - للتوثقة والحفظ ، فإن قيل : فقد ثبت في الصحيحين ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " فما الجمع بينه وبين الأمر بالكتابة ؟ فالجواب : أن الدين من حيث هو غير مفتقر إلى كتابة أصلا ; لأن كتاب الله قد سهل الله ويسر حفظه على الناس ، والسنن أيضا محفوظة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي أمر الله بكتابته إنما هو أشياء جزئية تقع بين الناس ، فأمروا أمر إرشاد لا أمر إيجاب ، كما ذهب إليه بعضهم .قال ابن جريج : من ادان فليكتب ، ومن ابتاع فليشهد .
وقال قتادة : ذكر لنا أن أبا سليمان المرعشي ، كان رجلا صحب كعبا ، فقال ذات يوم لأصحابه : هل تعلمون مظلوما دعا ربه فلم يستجب له ؟ فقالوا : وكيف [ يكون ] ذلك ؟ قال : رجل باع بيعا إلى أجل فلم يشهد ولم يكتب ، فلما حل ماله جحده صاحبه ، فدعا ربه فلم يستجب له ، لأنه قد عصى ربه .
وقال أبو سعيد ، والشعبي ، والربيع بن أنس ، والحسن ، وابن جريج ، وابن زيد ، وغيرهم : كان ذلك واجبا ثم نسخ بقوله : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته )
قال الإمام أحمد : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا ليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر " أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار ، فقال : ائتني بشهداء أشهدهم . قال : كفى بالله شهيدا . قال : ائتني بكفيل . قال : كفى بالله كفيلا . قال : صدقت . فدفعها إليه إلى أجل مسمى ، فخرج في البحر فقضى حاجته ، ثم التمس مركبا يقدم عليه للأجل الذي أجله ، فلم يجد مركبا ، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة معها إلى صاحبها ، ثم زجج موضعها ، ثم أتى بها البحر ، ثم قال : اللهم إنك قد علمت أني استسلفت فلانا ألف دينار ، فسألني كفيلا فقلت : كفى بالله كفيلا . فرضي بذلك ، وسألني شهيدا ، فقلت : كفى بالله شهيدا . فرضي بذلك ، وإني قد جهدت أن أجد مركبا أبعث بها إليه بالذي أعطاني فلم أجد مركبا ، وإني استودعتكها . فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ، ثم انصرف ، وهو في ذلك يطلب مركبا إلى بلده ، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا تجيئه بماله ، فإذا بالخشبة التي فيها المال ، فأخذها لأهله حطبا فلما كسرها وجد المال والصحيفة ، ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه ، فأتاه بألف دينار وقال : والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه . قال : هل كنت بعثت إلي بشيء ؟ قال : ألم أخبرك أني لم أجد مركبا قبل هذا الذي جئت فيه ؟ قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة ، فانصرف بألفك راشدا " .
وهذا إسناد صحيح وقد رواه البخاري في سبعة مواضع من طرق صحيحة معلقا بصيغة الجزم ، فقال : وقال الليث بن سعد ، فذكره . ويقال : إنه رواه في بعضها عن عبد الله بن صالح كاتب الليث ، عنه .
وقوله : ( ليكتب بينكم كاتب بالعدل ) أي : بالقسط والحق ، ولا يجر في كتابته على أحد ، ولا يكتب إلا ما اتفقوا عليه من غير زيادة ولا نقصان .
وقوله : ( ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب ) أي : ولا يمتنع من يعرف الكتابة إذا سئل أن يكتب للناس ، ولا ضرورة عليه في ذلك ، فكما علمه الله ما لم يكن يعلم ، فليتصدق على غيره ممن لا يحسن الكتابة وليكتب ، كما جاء في الحديث : " إن من الصدقة أن تعين صانعا أو تصنع لأخرق " . وفي الحديث الآخر : " من كتم علما يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار " .
وقال مجاهد وعطاء : واجب على الكاتب أن يكتب .
وقوله : ( وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ) أي : وليملل المدين على الكاتب ما في ذمته من الدين ، وليتق الله في ذلك ، ( ولا يبخس منه شيئا ) أي : لا يكتم منه شيئا ، ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها ) محجورا عليه بتبذير ونحوه ، ( أو ضعيفا ) أي : صغيرا أو مجنونا ( أو لا يستطيع أن يمل هو ) إما لعي أو جهل بموضع صواب ذلك من خطئه . ( فليملل وليه بالعدل )
وقوله ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) أمر بالإشهاد مع الكتابة لزيادة التوثقة ، ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) وهذا إنما يكون في الأموال وما يقصد به المال ، وإنما أقيمت المرأتان مقام الرجل لنقصان عقل المرأة ، كما قال مسلم في صحيحه : حدثنا قتيبة ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يا معشر النساء ، تصدقن وأكثرن الاستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار " ، فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار ؟ قال : " تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن " . قالت : يا رسول الله ، ما نقصان العقل والدين ؟ قال : " أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، فهذا نقصان العقل ، وتمكث الليالي لا تصلي ، وتفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين " .
وقوله : ( ممن ترضون من الشهداء ) فيه دلالة على اشتراط العدالة في الشهود ، وهذا مقيد ، حكم به الشافعي على كل مطلق في القرآن ، من الأمر بالإشهاد من غير اشتراط . وقد استدل من رد المستور بهذه الآية الدالة على أن يكون الشاهد عدلا مرضيا .
وقوله : ( أن تضل إحداهما ) يعني : المرأتين إذا نسيت الشهادة ( فتذكر إحداهما الأخرى ) أي : يحصل لها ذكرى بما وقع به الإشهاد ، ولهذا قرأ آخرون : " فتذكر " بالتشديد من التذكار . ومن قال : إن شهادتها معها تجعلها كشهادة ذكر فقد أبعد ، والصحيح الأول . والله أعلم .
وقوله : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) قيل : معناه : إذا دعوا للتحمل فعليهم الإجابة ، وهو قول قتادة والربيع بن أنس وهذا كقوله : ( ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب ) ومن هاهنا استفيد أن تحمل الشهادة فرض كفاية .
وقيل وهو مذهب الجمهور : المراد بقوله : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) للأداء ، لحقيقة قوله : ( الشهداء ) والشاهد حقيقة فيمن تحمل ، فإذا دعي لأدائها فعليه الإجابة إذا تعينت وإلا فهو فرض كفاية ، والله أعلم .
وقال مجاهد وأبو مجلز ، وغير واحد : إذا دعيت لتشهد فأنت بالخيار ، وإذا شهدت فدعيت فأجب .
وقد ثبت في صحيح مسلم والسنن ، من طريق مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن زيد بن خالد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها " .
فأما الحديث الآخر في الصحيحين : " ألا أخبركم بشر الشهداء ؟ الذين يشهدون قبل أن يستشهدوا " ، وكذا قوله : " ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم ، وتسبق شهادتهم أيمانهم " . وفي رواية : " ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون " . فهؤلاء شهود الزور . وقد روي عن ابن عباس والحسن البصري : أنها تعم الحالين : التحمل والأداء .
وقوله : ( ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ) هذا من تمام الإرشاد ، وهو الأمر بكتابة الحق صغيرا كان أو كبيرا ، فقال : ( ولا تسأموا ) أي : لا تملوا أن تكتبوا الحق على أي حال كان من القلة والكثرة ( إلى أجله )
وقوله ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ) أي : هذا الذي أمرناكم به من الكتابة للحق إذا كان مؤجلا هو ( أقسط عند الله ) أي : أعدل ( وأقوم للشهادة ) أي : أثبت للشاهد إذا وضع خطه ثم رآه تذكر به الشهادة ، لاحتمال أنه لو لم يكتبه أن ينساه ، كما هو الواقع غالبا ( وأدنى ألا ترتابوا ) وأقرب إلى عدم الريبة ، بل ترجعون عند التنازع إلى الكتاب الذي كتبتموه ، فيفصل بينكم بلا ريبة .
وقوله : ( إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ) أي : إذا كان البيع بالحاضر يدا بيد ، فلا بأس بعدم الكتابة لانتفاء المحذور في تركها .
فأما الإشهاد على البيع ، فقد قال تعالى : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، في قول الله : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) يعني : أشهدوا على حقكم إذا كان فيه أجل أو لم يكن ، فأشهدوا على حقكم على كل حال . قال : وروي عن جابر بن زيد ، ومجاهد ، وعطاء ، والضحاك ، نحو ذلك .
وقال الشعبي والحسن : هذا الأمر منسوخ بقوله : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) وهذا الأمر محمول عند الجمهور على الإرشاد والندب ، لا على الوجوب . والدليل على ذلك حديث خزيمة بن ثابت الأنصاري ، وقد رواه الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري ، حدثني عمارة بن خزيمة الأنصاري ، أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي ، فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم وأبطأ الأعرابي ، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ، ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه ، حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي صلى الله عليه وسلم ، فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه ، وإلا بعته ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي ، قال : " أوليس قد ابتعته منك ؟ " قال الأعرابي : لا والله ما بعتك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بل قد ابتعته منك " . فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي وهما يتراجعان ، فطفق الأعرابي يقول : هلم شهيدا يشهد أني بايعتك . فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي : ويلك ! إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول إلا حقا . حتى جاء خزيمة ، فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الأعرابي يقول هلم شهيدا يشهد أني بايعتك . قال خزيمة : أنا أشهد أنك قد بايعته . فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال : " بم تشهد ؟ " فقال : بتصديقك يا رسول الله . فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين .
وهكذا رواه أبو داود من حديث شعيب ، والنسائي من رواية محمد بن الوليد الزبيري كلاهما عن الزهري ، به نحوه .
ولكن الاحتياط هو الإشهاد ، لما رواه الإمامان الحافظ أبو بكر بن مردويه والحاكم في مستدركه من رواية معاذ بن معاذ العنبري ، عن شعبة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم : رجل له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ورجل دفع مال يتيم قبل أن يبلغ ، ورجل أقرض رجلا مالا فلم يشهد " .
ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد على شرط الشيخين ، قال : ولم يخرجاه ، لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى ، وإنما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد : " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين " .
وقوله : ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) قيل : معناه : لا يضار الكاتب ولا الشاهد ، فيكتب هذا خلاف ما يملى ، ويشهد هذا بخلاف ما سمع أو يكتمها بالكلية ، وهو قول الحسن وقتادة وغيرهما . وقيل : معناه : لا يضر بهما ، كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا أسيد بن عاصم ، حدثنا الحسين يعني ابن حفص حدثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس في هذه الآية : ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) قال : يأتي الرجل فيدعوهما إلى الكتاب والشهادة ، فيقولان : إنا على حاجة فيقول : إنكما قد أمرتما أن تجيبا . فليس له أن يضارهما .
ثم قال : وروي عن عكرمة ، ومجاهد ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وعطية ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس ، والسدي ، نحو ذلك .
وقوله : ( وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ) أي : إن خالفتم ما أمرتم به ، وفعلتم ما نهيتم عنه ، فإنه فسق كائن بكم ، أي : لازم لكم لا تحيدون عنه ولا تنفكون عنه .
وقوله : ( واتقوا الله ) أي : خافوه وراقبوه ، واتبعوا أمره واتركوا زجره ( ويعلمكم الله ) كقوله ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) ( الأنفال : 29 ) ، وكقوله : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ) ( الحديد : 28 ) .
وقوله : ( والله بكل شيء عليم ) أي : هو عالم بحقائق الأمور ومصالحها وعواقبها ، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء ، بل علمه محيط بجميع الكائنات . } أه .
* نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.