تصاعدت حدة الصراع مجددًا بين الحكومة ونادي القضاة، إثر رفض وزارة العدل إطلاع ممثلي النادي في المفاوضات معها على مشروع قانون السلطة القضائية الذي تعتزم عرضه على مجلس الوزراء غدًا، والاكتفاء بطرح بعض البنود الشفوية فقط. وهو ما دفع أعضاء وفد النادي في المفاوضات المستشار زكريا عبد العزيز رئيس النادي والمستشار هشام جنينة السكرتير العام والمستشار أحمد صابر المتحدث الإعلامي إلى مغادرة الاجتماع، وتوجيه انتقادات شديدة إلى النظام بانتهاك أبسط حقوق القضاة برفضه احترام استقلاليتهم. وقد أخذت الأزمة في التصاعد، بعد قرار مجلس إدارة نادي القضاة الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية في نهاية الشهر الجاري لاتخاذ مواقف صارمة ضد هذه "الخطوات التعسفية" التي تتبناها الحكومة. وأوضحت مصادر قضائية أن القضاة سيبحثون خلال جمعيتهم العمومية القادمة اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد النظام بدءًا من الاعتصام بالأوسمة مرورًا بتعليق الجلسات وانتهاءً بالإضراب عن العمل؛ وذلك لإجبار النظام على القبول بمشروع قانون السلطة القضائية الذي تبناه النادي في عام 1991م. وعزت المصادر تشدد موقف نادي القضاة تجاه ما اعتبرته مماطلة من جانب وزارة العدل في تسليمه مشروع القانون، إلى وجود شكوك قوية داخل الأوساط القضائية بسعي الحكومة لتمرير قانون السلطة القضائية لتكريس هيمنتها على القضاء، ورفضها مشروع القانون الذي قدمه النادي، وفي ظل رفضها انتخاب عضو واحد في مجلس القضاء الأعلى وتحفظها على نقل الإشراف المالي على النادي من الوزارة إلى مجلس القضاء الأعلى. في سياق متصل علمت "المصريون" أن اجتماعًا قريبًا سيعقد بين مجلس نقابة الصحفيين بكامل هيئته ومجلس إدارة نادي القضاة لتدشين تحالف بين الطرفين يرمي إلى إجبار النظام على إصدار قانوني السلطة القضائية وإلغاء الحبس في قضايا النشر، وإيجاد قنوات تنسيق بين النقابة والنادي لدعم عملية الإصلاح. وأعلن جلال عارف نقيب الصحفيين عن قرب عقد هذا الاجتماع، الذي قال إنه يأتي انطلاقًا من أن هموم الصحافة والقضاة واحدة وداعمة للحرية والإصلاح، مشيرًا إلى أن مجلس النقابة أعلن موافقته على الاجتماع الذي يشكل تضامنًا مع القضاة وسعيًا لإيجاد نوع من الضغوط على الحكومة لإصدار قانوني السلطة القضائية وإلغاء الحبس في قضايا النشر والتي تماطل الحكومة في إقرارهما. من جانبه، أكد المستشار أحمد صابر المتحدث الإعلامي لنادي القضاة أن وزارة العدل لم تحترم الاستقلال القضائي أثناء اجتماع وفد النادي معها عندما رفضت إطلاعه على مشروع القانون، بعد أن أبلغه وفد الوزارة بأنه غير مخول للتفاوض معهم حول بنود المشروع وإنما فقط للاستماع إلى توجيهاتهم وآرائهم ورفعها إلى الجهات العليا المختصة، مشيرًا إلى أن الجلسة كانت عبارة عن حوار شفهي ليس إلا. وقال إن ما تفعله الوزارة يؤكد عدم وجود رغبة حقيقية في تحقيق استقلال قضائي وإصدار مشروع القانون يحظى برضا جموع القضاة الذين يطالبون باستقلال قضائي كامل غير منقوص. من جهته، رأى المستشار محمود الخضيري رئيس نادي القضاة بالإسكندرية في هذه الخطوة تأكيدًا على جدية الحكومة في تنفيذ تعهداتها بالإسراع بدفع مشروع قانون السلطة القضائية للبرلمان، نظرًا لوجود حالة من الرعب داخل أروقة النظام من استقلال القضاة وخروجه من بيت الطاعة الحكومي، على حد تعبيره. واستبعد الخضيري إمكانية تقديم أي تنازلات من جانب القضاة فيما يخص مشروع السلطة القضائية، مؤكدًا أن القضاة يعتبرون أن معركتهم لتمرير هذا القانون بالشكل المقدم من النادي مسألة حياة أو موت. وأبدى الخضيري استغرابه الشديد من موقف وزارة العدل معتبرا هذه المماطلة جزءا من مخطط حكومي يسعى لخداع القضاة وإيهام الرأي العام أن الأزمة تقترب من الحل. ونبه الخضيري إلى أن جميع الخيارات والإجراءات التصعيدية من جانب القضاة مطروحة في المرحلة القادمة لإجبار النظام على الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه.