قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, إن الخسائر التي تعرض لها تنظيم الدولة "داعش" في العراق وسوريا, جعلته يبحث عن ساحة قتال جديدة, ولذا كثف هجماته في مصر مؤخرا. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 11 إبريل, أن التفجيرين, اللذين استهدفا كنيسة مار جرجس في طنطا بمحافظة الغربية، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية, قد يعطي انطباعا أوليا بأن التنظيم وجد ضالته في مصر. وتابعت "التنظيم يحاول استغلال الانتهاكات في مصر لإيجاد موطئ قدم له هناك, والسعي لإثارة صراع طائفي خبيث يمزق النسيج الاجتماعي لمصر, ويزعزع استقرارها". وأشارت الصحيفة إلى مفاجأة مفادها أن "نجاح التنظيم في مصر غير ممكن, لأن ديموغرافيتها تمنع أي نجاح له على طريقة العراق، حيث يتغذى التنظيم هناك على التوترات العميقة بين السنة والشيعة, وهذا الأمر غير موجود في مصر, كما لا يوجد ظهير شعبي فيها يدعم استهداف المسيحيين, وهذا يفشل مخطط التنظيم من الأساس". وكان موقع "كيكار هشبات" الإسرائيلي, قال أيضا إن مصر شهدت الأحد الموافق 9 إبريل, حوادث إرهابية مميتة ومتعمدة, من تنفيذ تنظيم الدولة "داعش". وأضاف الموقع في تعليق له على التفجيرين اللذين استهدفا كنيستين بطنطاوالإسكندرية, أن تنظيم داعش الإرهابي أصدر مؤخرا تهديدات باستهداف المسيحيين بمصر, وبدأ بتنفيذها بالفعل. وتابع الموقع أن "الهدف من تفجيري كنيستي طنطاوالإسكندرية, هو محاولة إفساد احتفالات المسيحيين بعيدهم", بالإضافة إلى الانتقام من النظام المصري, بسبب الحرب التي يشنها على التنظيم في سيناء. وكان تفجيران استهدفا الأحد الموافق 9 إبريل كنيسة مار جرجس في طنطا بمحافظة الغربية، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية, ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح. وتسبب الانفجار الأول الذي وقع داخل كنيسة مار جرجس بطنطا في مصرع نحو 27 شخصا وإصابة 78 آخرين في حصيلة أولية, وبعد ذلك بساعتين, وقع الانفجار الثاني أمام الكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية، وتسبب في مصرع نحو 16 شخصا, بينهم عدد من أفراد الشرطة, وإصابة عشرات, في حصيلة أولية. وفي 10 إبريل, قال بيان لوزارة الصحة المصرية إن عدد قتلى التفجيرين ارتفع إلى 45 , إضافة إلى إصابة 125 آخرين . وبعد انفجار طنطا, تم الإعلان عن إقالة مدير أمن الغربية اللواء حسام خليفة وعدد من مسئولي الأمن . وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن تنظيم "داعش" تبنى في بيان له تفجيري كنيستي "مار جرجس" في طنطا و"المرقسية" في ا?سكندرية. وقال التنظيم في بيانه إن اثنين من أفراده نفذا تفجيري الكنيستين بسترتين ناسفتين، وتوعد المسيحيين بمزيد من الهجمات. وأضاف التنظيم أن من نفذ تفجير كنيسة مار جرجس في طنطا عنصر اسمه أبو إسحاق المصري، أما مفجر الكنيسة المرقسية بالإسكندرية فهو أبو البراء المصري. أما السلطات المصرية فأكدت أن الهجوم الأول الذي وقع في طنطا تم بعبوة ناسفة داخل الكنيسة أثناء القداس, أما التفجير الثاني في الكنيسة المرقسية فنفذه انتحاري بعد مغادرة البابا تواضروس, الذي كان متواجدا بالكنيسة لأداء صلوات مسيحية. وقد أظهرت صور بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة محاولة منفذ العملية الانتحارية دخول الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وعند قيام أحد أفراد الأمن بمنعه من الدخول إلى ساحة الكنيسة وإرغامه على الدخول عبر بوابة التفتيش الخاصة بالسلطات الأمنية؛ ففجّر نفسه على الفور. وتزامن التفجيران مع "أحد الشعانين"، وهو من أعياد المسيحيين، حيث فرضت السلطات إجراءات أمنية مشددة، خاصة في محيط الكنائس. وكان تنظيم داعش أعلن أيضا مسئوليته عن تفجير استهدف كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة في ديسمبر الماضي. وفي أعقاب التفجيرين, أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر "لحماية البلد ومنع المساس بمقدراتها"، كما قرر تشكيل مجلس أعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف. جاء ذلك في كلمة وجهها الرئيس المصري مساء الأحد عقب ترؤسه اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني. وفي كلمته, قال السيسي :"إن مجموعة من الإجراءات سيتم اتخاذها -وعلى رأسها إعلان حالة الطوارئ- بعد استيفاء الإجراءات القانونية والدستورية"، مضيفا أن ذلك يأتي بهدف حماية مصر والحفاظ عليها ومنع المساس بقدرتها ومقدراتها. ودعا السيسي الأجهزة الأمنية إلى تكثيف جهودها من أجل ضبط الجناة ومن يقف خلفهم حتى يحاسبوا، وفق قوله، كما دعا الإعلام المصري إلى التعامل مع الأحداث بمصداقية ومسؤولية وبوعي حتى لا يؤلم الناس، وفق تعبيره. وشدد أيضا على ضرورة أن يتصدى البرلمان ومؤسسات الدولة بمسؤولية لمواجهة التطرف في البلاد، مشيرا إلى اتخاذه قرارا بتشكيل المجلس الأعلى لمقاومة ومكافحة الإرهاب والتطرف، ومؤكدا أنه سيتم إصدار قانون بشأنه. وتابع السيسي أن الدول التي دعمت وتدعم الإرهاب لا بد من محاسبتها من قبل المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن مصر قادرة على هزيمة المخربين والإرهاب. وفي إطار ردود الفعل, أدان مجلس الأمن الدولي ودول ومنظمات وهيئات كثيرة تفجير الكنيستين, وأعربوا عن تضامنهم مع مصر. وقال مجلس الأمن في بيان له إن الدول الأعضاء "أعربت عن تعاطفها الواضح والعميق وقدمت تعازيها لأسر الضحايا وحكومة مصر، معربة عن الأمل في شفاء المصابين". وأكد أعضاء المجلس أن "الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين"، وحث جميع الدول الأعضاء على التعاون مع الحكومة المصرية في تقديم مرتكبي الاعتداءات إلى العدالة. كما دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استهداف الكنيستين، وأعرب عن عميق تعاطفه مع أسر الضحايا وحكومة وشعب مصر. ومن جهته, دان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تفجير الكنيستين شمالي مصر، وكتب في تغريدة على صفحته بموقع تويتر "من المؤسف جدا أن نسمع عن الهجوم الإرهابي في مصر"، وأضاف أن الولاياتالمتحدة تدين بشدة التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا مصر، وأكد أن لديه ثقة كبيرة بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قادر على التعامل مع هذه المستجدات الطارئة. كما أكد الاتحاد الأوروبي إدانته وتضامنه مع مصر في مكافحة الإرهاب بعد الهجومين اللذين وقعا في كنيستين بطنطاوالإسكندرية الأحد، وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية فيه فيدريكا موغيريني إنه "يجب محاسبة المسؤولين عن الهجومين". وبدورها, عبرت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها بشدة التفجير الإرهابي الآثم الذي استهدف كنيسة مار جرجس، وقدم الأمين العام للمنظمة يوسف بن أحمد العثيمين التعازي لعائلات القتلى ولمصر حكومة وشعبا. وحسب "الجزيرة", شجب الرئيس اللبناني ميشال عون أيضا التفجيرين اللذين استهدفتا كنيسة مار جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وبعث برسالة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبابا الأقباط تواضروس الثاني قال فيها إن لبنان يتضامن مع مصر في مواجهة الإرهاب وكل ما يهدف إلى زعزعة أمنها. وكانت دول عديدة قد أدانت التفجيرين وعبرت عن تعازيها للحكومة والشعب المصريين، فقد عبرت السعودية عن إدانتها معتبرة "هذه الأعمال الإرهابية الجبانة تتنافى مع المبادئ الدينية والقيم الأخلاقية والإنسانية كافة". وأعربت قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتفجير الذي استهدف الكنيسة، واستنكرته أيضا الأردن والبحرين وتونس وفلسطين، وعبروا عن رفضهم للعنف وتضامنهم مع الشعب المصري. كما أدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بليبيا التفجيرين، كما أدانتهما حركة حماس، وكذلك أدان رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي بشدة التفجيرين. وفي ألمانيا، ندد وزيرا الخارجية والداخلية زاغمار غابرييل وتوماس ديميزير بأشد العبارات بالهجوم على كنيسة مار جرجس وعبرا في بياني إدانة منفصلين عن صدمتهما البالغة "من الاعتداء على مؤمنين أثناء ممارستهم لعبادتهم الدينية بيوم عيد لهم"، وعبرا عن مواساتهما لأسر الضحايا وتضامنهما مع المصابين. ومن جهته, أعرب البابا فرانشيسكو بابا الفاتيكان عن تعازيه لمصر، وقال "دعونا نصلِّ من أجل ضحايا الهجوم الذي حصل للأسف اليوم". وأضاف "أعبر عن تعازيّ العميقة لأخي قداسة البابا تواضروس الثاني وللكنيسة القبطية ولكل الأمة المصرية". يذكر أن التفجيرين وقعا قبل نحو أسبوعين من زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس لمصر، يومي 28 و29 إبريل، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ العام 2000؛ حيث أجرى آنذاك البابا يوحنا بولس الثاني زيارة إلى القاهرة.