تصدرت مصر قائمة دول الشرق الأوسط من حيث معدلات التضخم خلال عام 2017 وفقًا لتوقعات مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» البريطانية الاقتصادية، وبذلك ستكون مساعي الحكومة المصرية لجذب استثمارات خارجية بقيمة 15 مليار دولار مهددة بالفشل، بل ربما تذهب هذه الاستثمارات إلى دول الشرق الأوسط الأقل في معدلات التضخم ولديها استقرار سياسي واقتصادي. وتوقعت «إيكونوميكس» أن يبلغ متوسط التضخم بمصر خلال العام الجاري، نحو 29%، وتقل تلك النسبة ل 12.5% خلال العام 2018، وكان متوسط التضخم بمصر خلال 2016 يبلغ نحو 13.8%، مقارنة ب10.4% خلال عام 2015. وصعدت معدلات التضخم في مصر بشكل متسارع بعد قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود، وقفز معدل التضخم السنوي الأساسي الذي يعلنه البنك المركزي المصري إلى 33.1% في فبراير الماضي، مقارنة ب30.86% في يناير، وسجل في مارس الماضي نحو 32.2%. بينما سجل التضخم العام السنوي في إجمالي الجمهورية طبقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 31.7% في فبراير الماضي، مقابل 29.6% في الشهر السابق، مدفوعاً بارتفاع كبير في معدل زيادة أسعار الطعام والشراب، وهي أعلى مستويات تضخم منذ الأربعينيات. وقدرت «كابيتال إيكونوميكس» متوسط التضخم بمنطقة الشرق الأوسط بنحو 8.3%، وهو أعلى من متوسط 2016 البالغ 5.3%، وكذلك من توقعات العام المقبل 2018 بنحو 5.5%. ورجح التقرير أن يسجل الاقتصاد السعودي تضخمًا، نسبته 2% خلال 2017، مقابل 3.4% العام الماضي، متوقعًا أن يزيد متوسط التضخم لنحو 4% خلال عام 2018. ووفقاً لتوقعات كابيتال إيكونوميكس، فإن متوسط التضخم بالإمارات العربية المتحدة سيصل العام الجاري لنحو 3%، بينما تستهدف الجزائر 8.5%، وقطر 0.5%، والكويت 3.3%. وتتوقع أن يبلغ التضخم بالمغرب نحو 2.5% خلال 2017، بينما سيصل في عمان إلى 1.3%، وتونس 0.5%، ولبنان 3.8%، وأخيراً الأردن والبحرين بنسب 2.5%، و1.5% على التوالي. ويرى خبراء أن المستثمرين يخشون التضخم إلى حد كبير؛ لأنه يأكل قيمة استثماراتهم مع مرور الوقت، لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن تشمل تدابير قياس التضخم المتوقع حساب عوائدك المتوقعة على الاستثمار. يقول عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي، إن الدول العربية مستقرة في عملية جذب الاستثمارات سنويًا وتتراوح ما بين 50 إلى 60 مليار دولار, وتراجع معدلات التضخم يدل على ارتفاع مستويات المعيشة وزيادة الاستثمارات وارتفاع عمليات التشغيل وهذا يعني أن معدلات الإنتاجية مرتفعة، مما يساهم في خفض معدلات التضخم والتي تعد آمنة عند 2 أو3%. وأضاف ل"المصريون" أن التضخم في مصر استمر لفترات طويلة ما بين 11 و12% وكان يصل إلى 9%، وكانت سلة الغذاء التي يعتمد عليها حساب التضخم مستقرة إلا أنه بعد تعويم الجنيه ارتفعت الأسعار بأكثر من 2.5 مرة ما كان في السابق، وبالتالي فإن القيمة الشرائية انخفضت إلى الثلث، وانتشر الاحتكار للسلع الذي ساهم في ارتفاع الأسعار إلى نحو 200 و300%، حتى أن أرقام التضخم الحالي تعد غير حقيقية وأقل من مستوياتها الحقيقية وربما يتجاوز 100%. وأشار إلى أن الاستثمارات تتأثر بعاملين هما الأكثر أهمية من ضمن عدة عوامل، وهما مستوى معيشة الأفراد في الدولة ونسبة التضخم، فلما كانت مستويات الدخول متدنية والقيمة الشرائية للعملة المحلية ضعيفة داخل الدولة سيؤدي إلى تخوف المستثمر من ضخ استمارات؛ لأنه يرى أن المنتج المنتظر تسويقه في الداخل لن يلقى رواجًا؛ بسبب ضعف القوى الشرائية وعند التصدير مع وجود أزمة الدولار سيجد عدة مشاكل في توفير الدولار؛ فالتضخم أدى إلى تراجع عدد الطبقة المتوسطة من 9.5 مليون نسمة إلى 2.5 مليون نسمة خاصة وهي تعد المحرك الأساسي للاقتصاد في أي دولة في العالم. ومن جهته، يرى الدكتور علي عبدالعزيز، أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة الأزهر والخبير الاقتصادي، أن التضخم وارتفاع الأسعار حافزان للشركات الأجنبية التى تعمل في مجالات الطاقة المختلفة والشركات التي تنتج للتصدير لاعتبار انخفاض قيمة الجنيه المصري، وهذا ما أشارات إليه تقارير دولية من قبل، إلا أن التضخم وارتفاع الأسعار سيكونان سببًا في انخفاض نمو بعض القطاعات مثل القطاع العقاري وفى المجمل التضخم وارتفاع الأسعار مازالوا بنسب مقبولة لكثير من المستثمرين والذين لا تتأثر أنشطتهم الرأسمالية بالآثار السلبية للتضخم. وأضاف ل"المصريون" أن هناك اعتبارًا مهما قد أشارت إليه الإيكونوميست قريبًا، وهو الاستقرار الاجتماعي فارتفاع نسبة التضخم دون زيادة في الأجور وعدم وجود أي آمال في زيادتها مع فرض الضرائب وتقليل مخصصات الدعم مع الممارسات الأمنية والاستبدادية للنظام قد تسبب قلقًا لبعض المستثمرين في بعض القطاعات الاقتصادية من احتمالية حدوث اضطرابات اجتماعية يترتب عليها تغيرات سياسية، وبالتالي العودة لنقطة الصفر من جديد. وأشار إلى أن انخفاض التضخم في الدول العربية والشرق الأوسط مقارنة بمصر، بالإضافة إلى الاستقرار الاجتماعي ووجود بيئة جاذبة للاستثمار وحرية في تحويل الأرباح قد تكون حوافز لكثير من المستثمرين في قطاعات مختلفة منها العقارية والاستهلاكية والاستثمارات المباشرة فى الأوراق المالية.