لن تجد متعصبا لمدينته مثل تعصبي للسويس..فصورتها قبل التهجير كجزء من الريف الفرنسي لا تغيب عن مخيلتي - الشوارع التي تزينها الأشجار المزهرة طوال العام..والبلاط البازلتي الذي يغطى شوارعها مع بالوعات صرف على جانبي الطريق ..لم نعرف فيها معنى أن ينزل مطر فيصبح روبة وطينة ولكن المطر كان بمثابة شاور لفتاة أنيقة فتغتسل فيه الأشجار والشوارع ..وأشجار التوت تصطف على جانبي ترعة الإسماعيلية..وكانت المدينة محاطة بأكثر من كورنيش حتى فى المناطق الشعبية . أما بعد التخبيط العمراني الأخير ...فالسويس ...تمتاز بالأتي . -ردمت البحار والأنهار.لتحتلها المباني ..وأغلقت البالوعات لنغرق فى مياه الصرف والأمطار ..وتم بيع الشاطئ لشركات صناعية .. امتدت يد التخبط حتى أقامة مدائن من الأبراج السكانية فى محيط صناعي يحوى على أخطر منطقة تلوث بالسويس ..ولم يشعر السادة المسئولون بفداحة هذا التخبط إلا بعد حريق شل ..فنادوا بإخلاء المنطقة من السكان .تحسبا لأيه كارثة ..مع أن تلك المنطقة كانت أراضى تموج بها أشجار النخيل...وترعة للمياه العذبة.... --تم أخلاء الروض القديم من بعض الرفات إلى المنطقة الصحراوية على مشارف المدينة بعد أن غرق فى مياه الصرف الصحي وتم بيع الاراضى المجاورة لتقام عليها الأبراج السكنية ...ليجد هؤلاء السكان أنفسهم عُرضة لهجوم سكان المقابر من الأحياء من مدمني المخدرات والمسجلى خطر وفاعلى الفاحشة !!— -أما عن سماء السويس فحدث بلا حرج لقد خرجت السويس من دواوين الشعارى المتيمين بالنجوم والليل والبحر ..فالنجوم محجوبة من سحب الأبخرة الكيماوية التى انتشرت شمالا وجنوبا .والليل أصبح خانقا تخوفا من البلطجية الجدد ....والبحر أصبح منطقة خاصة..لمن اشترى شواطئه .. -حتى الجبل الذى كان يحتضن المدينة في حب ورعاية أصبح الآن غاضبا ...من عمليات التفجيرات المستمرة التي تقوم بها المحاجر الخاصة للصناعات الاستثمارية بمنطقة الخليج ..بلاط ..أسمنت ..زجاج حديد ..فالكل يفجر ويقتطع جسده فأنفجر هو الأخر بذرات تراب تسد المجارى التنفسية لسكان المدينة وتغطى كل المسطبحات فالشوارع كلها ترابية . فالأتربة عالقة دوما أو تغطى مفارشك وأثاثك .. -أما عن النظافة ..بصراحة المدينة هى ملاهي الذباب والحشرات ومتنزه القمامة ..وكل هذا فى كفة والطرق المموجة فى كفة أخرى .... لقد ركب السويس مسئولون من الفئة العسكرية ...لا تواجد لديهم بالشارع ..بل أزعم أن السويس رضخت تحت طائلة الانتقام لمدة تزيد عن الثلاثين عاما ..... ياترى ما موقعك الجديد فى ضمير المسئول القادم ..