ليس من نافلة القول بل من فريضته التذكير بوشائج الأخوة بين البلدين الكريمين والكبيرين، مصر والسعودية، فى وقت أرى فيه الأفق قد بات مظلمًا أو شبه مظلم وأن أيادىَ خفية تريد التفريق والتشتيت وقطع تلك الوشائج الحميمة التى يشهد لها تاريخ البشر الطويل، بغوغائية مكشوفة ولايقبلها عقل عاقل ولا قلب أخ يحنو على أخيه.. لا أنس صورة نادرة جمعت بين الملك فاروق ملك مصر والسودان- فى وقته- وبين الملك عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية أو سلطان نجد والحجاز -فى وقته- وهما يجلسان على كرسيين فخمين فى ضيافة مصر، يرحب ملك مصر بملك السعودية فى حفاوة كبيرة وفى احتفال "ملوكى" ينم على علاقة قوية ومتينة وحب متبادل بين ملكين، انعكس بالتأكيد على أبناء الشعبين. ولا أنس إن انسى أن الملك سعود بن عبد العزيز كان يتردد على مصر حتى فى فترة ما بعد تنحيه عن الملك وعلاقاته القوية والوثيقة مع قيادة البلاد آنذاك، ولم تبخل مصر عليه ضيافة وحماية وهو أيضًا لم يبخل عليها حبًا وكرمًا، وقد كان الملك فيصل أول من بادر بالوقوف مع مصر فى وقفته الشجاعة فى حرب 73 بقطع البترول عن أمريكا؛ فذاقت ويل الظلام والقطيعة وتجمد الحياة وعلمت وقتها أن العرب يد واحد فى مصر والسعودية.. وكان لاحترام الملك فيصل لكل ماهو مصرى أكثر بكثير من غيره من أمراء وملوك وزعماء عرب حتى أنه رحمه الله لم يبخس حق الإخوان المسلمين فى مصر ولا دورهم فى الجهاد والدعوة إلى الله -رغم موقف الحكومة المصرية الناصرية منهم - وقالها صراحة عن الإخوان: "هم أبطال جاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله ولقد سمعنا عن جهادهم وما قاموا به من دور البطولة التى لم نسمع عنها إلا فى صدر الدعوة الأولى". وكانت فترة الملكين فهد وعبد الله وعلاقتهما بمصر ترجمة فعلية فى كل موقف للأخوة الصادقة والعلاقة الطيبة بين بلدتين شقيقتين ما تعثرت قدم فى أرض النيل حتى حنت عليها أرض الحجاز ونجد ولا أصيبت قدم فى أرض السعودية بشوكة إلا وكانت كنانة الله فى أرضه – مصر- تهرول لنزعها وتطيبيب صاحبها. الأزمة الفردية ( الجيزاوية)- أيًا كانت أسبابها أو دوافعها- لا يمكن أن تؤثر على علاقة طيبة امتدت عبر سنوات طويلة وطويلة جدًا حتى قبل قيام المملكة العربية السعودية وفى فترات حكم متفاوتة قبل ذلك فكانت من أفضل وأكرم ما تكون.. شدنى موقف المواطن المصرى محمد ربيع الذى يعمل بالسعودية وقد أمسك علم مصر بيمناه وعلم السعودية بيسراه ووضع صورة الملك عبد الله على صدره ويمم وجهه تجاه القصر الملكى لمقابلة الملك عبد الله لعرض مشكلة الجيزاوى سلمًا والحفاظ على العلاقة الطيبة للشقيقتين مصر والسعودية مؤملاً أن يؤدى مهمته النبيلة والفردية والتى تعبر عن حب جارف من مصر لأهل السعودية شعبًا وحكومة وملكًا.. وهو موقف نبيل يدحض موقف الغوغائيين من جهلة الناس وسفسطائيهم -والغريب أن منهم أقباطًا – اتخذوا من قضية الجيزازى ذريعة للضرب فى حبل العلاقات المتين، والنفخ فى نار الوقيعة والاصطياد فى الماء العكر والعمل على تعكير الأجواء بكل ما أوتوا من وسائل وسباب وشتام وقلة أدب، لتوسيع الهوة بين الشقيقتين الكبيرتين والعمل على لا تكون لمصر علاقة بالسعودية أو العكس تحت مبدأ " فرق تسد" وهو مبدأ خبيث اتكأ عليه الاستعمار فى تفريق وتشتيت البلاد العربية ونجح فيه كثيرًا، وعلى العقلاء أن يحذروه وألا يقعوا فى شركه وأن يجعلوا الأخوة قبل الأزمة وأن أية أزمة ينجلى غبارها فى بحر الأخوة الصادقة بين الطرفين.. وليحفظ الله أرض الحرمين وأرض الكنانة من كل سوء وليجمعهما على الخير دومًا. **************** دمتم بحب [email protected]