أقر البرلمان المصري قانون الجمعيات الأهلية الذي أقره أحد النواب في جلستين، وهو ما وصفه حقوقيون بالقانون المعيب، داعين في الوقت نفسه إلى التراجع عنه، خصوصًا أنه يوسع من دائرة القبضة الأمنية على المنظمات الحقوقية. وفشلت الجمعيات في إثناء البرلمان والحكومة عن القانون الجديد، وتم تمريره بالفعل، وهو ما جعل التخوف من العقبات يتزايد، خصوصًا أن الأجهزة الأمنية أصبح لها الحق في الرقابة على تلك الجمعيات وتحجيم عملها بشكل أكبر من أي وقت سابق. ويتوقع حقوقيون أن تتجه الجمعيات الأهلية إلى خيار جديد وهو إعادة تأهيل شخصيات للترشح في انتخابات المحليات القادمة بهدف كسب جولة لدى الدولة، وبالتالي التحرر ولو جزئيًا من القبضة الأمنية. وفي السياق السابق، توقع الدكتور عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي للحقوق الإنسان، أن يكون للجمعيات الأهلية "عمل سري" للإفلات من القبضة الأمنية التي تفرضها عليها الحكومة، لافتًا إلى أن هذا العمل سيكون بشكل فردي وليس جماعيًا. وأوضح شكر ل"المصريون"، أنه سواء القانون القديم أو الجديد أو قانون غادة والي، جميع تلك القوانين تلزم الجمعيات الأهلية بألا تعمل في الحياة الحزبية وألا تدعم مرشحًا أو تموله، ولا تقوم بعلاقات في الخارج إلا بموافقة وزارة التعاون. وأشار نائب رئيس القومي لحقوق الإنسان إلى أن الضغط المتزايد على تلك الجمعيات يجعلها تعمل في الخفاء، مضيفًا: "لو شخص ساعد المرشح وسانده في انتخابات المحليات لا غبار عليه بشرط ألا يتحدث باسم الجمعية الأهلية التي ينتمي لها". من جانبه، قال النائب البرلماني محمد عطا سليم، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن هناك جمعيات حقوقية تمارس عملاً سياسيًا بالمخالفة للقانون، ضاربًا مثالاً بجمعية "من أجل مصر" التي أسسها بعض نواب البرلمان وآخرون من خارج المجلس. وأوضح سليم أن الجمعية منتشرة في جميع المحافظات ولها دور كبير في انتخابات المحليات وعلاقتها بالحشد لقوائم بعينها في انتخابات المحليات المقبلة، معربًا عن اندهاشه من استمرار الجمعية في أداء نشاطها بالرغم من موافقة المجلس على مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي يحظر ممارسة أي جمعية نشاط سياسي. من جانبه، قال النائب البرلماني، توحيد تامر، إن مشروع الجمعيات الأهلية مرر من البرلمان رغم اعتراض عدد كبير من النواب عليه، لافتًا إلى أن خنق تلك الجمعيات يجعلها مضطرة للعمل في الخفاء. وأوضح تامر ل"المصريون"، أنه غير مقتنع بالقوانين التي تطبخها الحكومة والبرلمان؛ لأنها ستخلف فوضى مجتمعية، بحسب وصفه. ويحتوي قانون الجمعيات الأهلية على عدة مواد تحجم نفوذ ونشاط الجمعيات وجعلها دائمًا تحت الرقابة الحكومية، إضافة إلى وجود رقابة أمنية دورية عليها وباستمرار، فضلاً عن رجوع تلك الجمعيات إلى الحكومة حال رغبت في استطلاع رأي الشارع في أي أمر.