دموعنا تغسل خطايانا وتطهر قلوبنا وتنقى سرائرنا كم من دمعة حركت قلبا قاسيا وكم من دمعة سحت على الخدين ساخنة فغيرت حياة إنسان، كم من دموع ألمع من وهج السيوف، وأصدق من قرع طبول الحروب كم من عيون ذرفت فباتت لتنعم بجنة الله ولاتمسها النار وكأنى بلسان حال البكائين يقول: نزَفَ البكاءُ دموع عينك فاستعرْ عينا لغيرك دمعها مدرارُ من ذا يعيرك عينه تبكى بها أرأيت عينا للدموع تعارُ قال بن اسحاق: ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاؤون، وهم سبعة نفر من الأنصار ،فاستحملوا رسول الله وكانوا أهل حاجة، فقال: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّايَجِدُ وا مَا يُنْفِقُونَ) (التوبة:92) بكاء كان فى أصعب الغزوات وأشقها على نفوس المسلمين، إنها غزوة العسرة، ولم يكن بكاؤهم من أجل دنيا فانية، أو فوات رزق أو متاع من متاع وحطام الدنيا، لقد كان بكاؤهم أنهم لايجدون مايحملون عليه ليذهبوا للغزو فى سبيل الله، ربما خرجوا ولم يعودوا ، لكنها الحياة الباقية التى يؤمل فيها كل مسلم صادق لله عز وجل،البكاؤون وإن قدحوا جلَ قرائحهم، لم ينتظروا أن يتحرك غيرهم ولم يعتذروا كالمخلفين، بل جاهدوا بدموع حارة صادقة سجلها القراّن العظيم شاهد صدق على صدقهم وبكاؤنا اليوم بكاء حرقة وندم، نعض فيه الأنامل من الغيظ، ونندب فيه طريقنا العاثر بعد بصيص الأمل الذى بدت بوارقه بتضخيم مقصود لإصلاحات مزعومة وديمقراطية عرجاء ماجنت علينا إلا القتل والعاهات والإعتقالات ويتبجح كالحى الوجوه ويتشدقون ويصرون على اتهام شعوبهم بالغباء فى وقت يسمع العالم فيه ويرى بأم عينه مايدار فى كل مكان إلى متى تتحجر عيوننا ولانسكب دموع الفرح بزوال ظلم الظالمين وطغيانهم وبجفاف مرتعهم الخصيب الذى يروونه بدماء الشعوب ومن أقوات الشعوب وكل يوم تطالعنا الأنباء بالقبض على نجوم المجتمع متلبسين بقضايا فساد من سرقة ومتاجرة فى اقتصاد بلدنا المغلوب على أمره حتى طال ذلك الإعلام ورجاله ولم يترك أرض مضر ولاوبر إلا ودخلها أو على الأقل أفسح المجال لأذنابه لينهبوا ويسرقوا حتى تنتفخ بطونهم وجيوبهم. هل بين عشية وضحاها يكتشفوا الأمر أم أنه اختلاف اللصوص الذين يفتضح أمرهم حين يختلفون على توزيع ماسرقوه وتصر الأقلام المأجورة على تزيين حقبة من الزمن حكمت فيه مصرنا بالشفافية ومحاربة الفساد المزعوم ونسوا اّلاف المعتقلين خلف الأسوار بلامحاكمة واّلاف الأبرياء بلاذنب أو جريرة واّلاف الأسر التى تبيت من الليل تستعدى على الظالمين بدعواتهم أن ياذن الله بفرج قريب ونصر من عنده بالقصاص العادل وأن يروا فى دنياهم اّية تقر بها عيونهم وتنشرح لها صدورهم فمتى نوجه دموعنا ونستعدى على أعدائنا بدموع تسح من خشية الله ورغبة فى رضاه سبحانه د. إيهاب فؤاد