جاء قرار البنك المركزي المصري اليوم بتحرير سعر الصرف الجنيه بشكل كامل، وترك التسعير وفقًا لآليات العرض والطلب، ليفجر ردود فعل واسعة في مصر، بعد الاضطرابات التي عمت سوق صرف الدولار أمس، وهبوط سعره من 17.75الى 12.5جنيه، ما أحدث حالة من القلق في الدوائر المصرفية. الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول السيناريوهات المتوقعة بعد قرار التعويم، وتأثير ذلك على الاقتصاد المصري، بعد رفع سعر الفائدة في البنوك إلى 18%، ومنها لارتفاع الدين العام، وارتفاع العجز في الموازنة، كما أن ارتفاع تكلفة الاقتراض سينعكس سلبًا على الاستثمار، فضلاً عن تراجع وتيرة التعاملات بالبورصة. وقال المستشار أحمد الخزيم، الخبير الاقتصادي، إن "تعويم الجنيه سيجعله يفقد 48% أمام باقي العملات الأخرى، وبالتالي يتطلب إجراء خطوات لامتصاص الأثار المترتبة من القرار الذي سيؤدي إلي ارتفاع الأسعار". وأشار إلى "ارتفاع قيمة الدين الداخلي والخارجي بعد رفع قيمة الدولار مقابل الجنيه، إذ أن ديون مصر الخارجية وصلت إلى 55مليار دولار، وبعد رفع الدولار اليوم إلى 13.5جنيهًا، أصبحت قيمتها 752.5مليار جنيه مصري، يعنى هناك فارق بين ليلة وضحاها بمقدار 253مليار جنيه مصري، ما يزيد الأعباء على السلطة الحالية". وأضاف الخزيم ل "المصريون": "أموال المصريين بالخارج انخفضت بنسبة لا تقل عن 49% من قيمتها الأساسي، ما دفع النظام إلى إصدار قرار بإلغاء العمولات على التحويلات، وهذا القرار يجب أن تسبقه خطوات للحد من الأثار المترتبة على تعويم الجنيه". وتابع: "الاقتصاد المصري يشهد هزة عنيفة بعد قرار اليوم، لأن الموقف أصبح أكثر خطورة بعد التعويم المطلق". وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن "الحكومة يجب أن تسارع في اتخاذ إجراءات لوضع حد للأزمة من خلال إصدار قانون الاستثمار وقانون العمل، بجانب تخفيف كافة الإجراءات لدفع كل القوى الإنتاجية لممارسة مهامها". وحذر من أنه "إذا لم يتم اتخاذ الحكومة لإجراءات عاجلة في الوقت الحالي سيعاود الجنيه الانهيار أمام الدولار مرة أخرى حتى يصل إلى 25جنيهًا في السوق السوداء". من جانبه، رأى الدكتور محسن الخضير، المستشار الاقتصادي وخبير سوق المال، أن "قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه في الفترة الحالية، غير صائب، لأن الدولار لم يتوفر بشكل كاف في البنوك". وأضاف الخضير ل "المصريون": "التعويم يتطلب وضع سياسات وآليات تؤدي إلى استقرار الاقتصاد المصري حتى لاتتفاقم الأزمة خلال الفترة المقبلة". وتابع: "المصريون سيشعرون بفرق في الأسعار خلال الفترة القادمة، لأن كل ما يتم استيراده من الخارج من سلع إستراتيجية سيرتفع سعره، وخاصة السلعة الأساسية التي يستخدمونها بشكل يومي، ويفاقم من ذلك قرار الحكومة في فترات سابقة برفع الدعم عن الكهرباء والمياه". واستدرك: "قرار تعويم الجنيه سيترتب عليه كبير في ارتفاع نسبة العجز في الموازنة إلى 15 %، لأن الدولة سوف تتحمل المزيد من الدعم، بالإضافة لارتفاع حجم الدين الخارجي والداخلي بعد رفع سعر الفائدة، وتغيير سعر الصرف سيزيد الدين العام بقرابة 360مليار جنيه، وبالتالي يجب على النظام وضع حلول لمعالجة الأثار المترتبة من القرار".