قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما استخدام الفيتو الرئاسي لتعطيل قانون يجيز مقاضاة السعودية حول اعتداءات 11 سبتمبر 2001، رغم مخاطر تعرضه للانتقاد الشديد أمام الرأي العام وأن يحاول الكونغرس تجاوز هذا الفيتو. البيت الأبيض أكد، أمس الخميس 22 سبتمبر 2016، أن أوباما سيعطل مشروع القانون الذي تبناه الكونغرس بالإجماع ويفسح المجال أمام أسر الضحايا لرفع دعاوى ضد النظام في الرياض أمام القضاء المدني. ويقول البيت الأبيض إن التشريع من شأنه أن يؤثر على حصانة الدول ويشكل سابقة قضائية خطيرة، كما يمكن أن يعرض موظفي الحكومة العاملين في الخارج لمخاطر. لكن هذا المبرر التقني قد لا يصمد أمام الاتهامات بأن أوباما يعطي أولوية أكبر لعلاقاته مع السعودية وليس لأسر الضحايا. موقف ترامب وكلينتون وسبق أن أشار المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب إلى ضعف أوباما ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في المسائل المتعلقة بالإرهاب. ومن جهتها، أعربت كلينتون عن الدعم لجهود الكونغرس من أجل "ضمان قدرة أسر ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر وغيرهم من ضحايا الإرهاب على محاسبة المسئولين"، بحسب جيسي ليريتش أحد المتحدثين باسم حملتها الانتخابية. وقبل أقل من 50 يوماً على موعد الاستحقاق الرئاسي، سيحاول الكونغرس، حيث يتمتع الجمهوريون بالغالبية، توجيه ضربة سياسية قوية إلى أوباما من خلال تجاوز الفيتو. ومن النادر جداً أن يلجأ الكونغرس إلى تجاوز فيتو رئاسي، لكن في حال نجح في ذلك فإنه سيكشف مدى ضعف البيت الأبيض في الوقت الذي يسعى فيه أوباما إلى إنجاز ما تبقى على جدول أعماله في الأيام الأخيرة المتبقية له في ولايته الرئاسية. يذكر أن أوباما قد استخدم حتى الآن الفيتو الرئاسي 11 مرة، دون أن يتم جمع الأصوات المطلوبة لتجاوزها وهي ثلثا أعضاء الكونغرس. وقالت مصادر في الكونغرس، أمس الخميس، إن البيت الأبيض يحاول كسب تأييد الأعضاء المعنيين بالشؤون الأمنية مثل ديان فاينستاين على أمل تفادي تجاوز الفيتو. علاقة النظام السعودي لكن ذلك سيشكل ضربة لأسر الضحايا الذين قاموا بحملة من أجل القانون انطلاقاً من قناعتهم بتورط النظام السعودي في الاعتداءات التي أوقعت نحو 3000 قتيل. ومع أن 15 من منفذي الاعتداءات كانوا سعوديين، لم يتم إثبات أي علاقة مع الحكومة التي تنفي أي صلة بالخاطفين. وكشفت وثائق كانت مصنفة طيّ السرية أن الاستخبارات الأميركية كان لديها شكوك عديدة بوجود روابط بين الحكومة السعودية والمهاجمين لكن دون إثبات وجود روابط. وتابعت الوثائق: "خلال وجود بعض الخاطفين في الولاياتالمتحدة كانوا على اتصال أو تلقوا دعماً من أفراد ربما كانوا مرتبطين بالحكومة السعودية". لكن انتصار البيت الأبيض سيساعد على تحسين العلاقات مع السعودية بعد التوتر الناجم عن انفتاح أوباما على إيران ونشر تقرير بعد رفع السرية عنه حول دول السعودية في الاعتداءات. وهدّد أمير سعودي كبير بسحب مليارات الدولارات من الأموال السعودية حال تبني مشروع القانون، إلا أن المسؤولين السعوديين يحاولون الآن النأي بالنفس عن هذه التصريحات دعم حلفاء ويحظى البيت الأبيض بدعم حلفاء دبلوماسيين يشعرون أيضاً بالقلق من تحول الولاياتالمتحدة إلى مكان يحق للأفراد فيه مقاضاة حكومات. وفي مذكرة احتجاج دبلوماسية، حصلت وكالة الأنباء الفرنسية على نسخة منها، حذر الاتحاد الأوروبي من "صراع بين القوانين والمبادئ الأساسية للقانون الدولي". وجاء في المذكرة أن "حصانة الدولة ركيزة أساسية في النظام القانوني الدولي"، مضيفة أن دولاً أخرى يمكن أن تتخذ "إجراءات للرد". وفي رسالة إلى المشرعين حذرت مجموعة من المسؤولين الأمنيين من بينهم وزير الدفاع السابق وليام كوهين، والرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) مايكل موريل، وستيفن هيدلي مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش، من أن التشريع سيضر بمصالح الولاياتالمتحدة. وجاء في الرسالة: "قواتنا ودبلوماسيونا وكل طواقم الحكومة العاملين في الخارج يمكن أن يتعرضوا لملاحقات في دول أخرى". وختمت الرسالة: "مصالحنا للأمن القومي وقدرتنا على محاربة الإرهاب ودورنا القيادي في العالم يمكن أن تصبح في خطر".