الراسب دائماً يبقى للإعادة , ولكن لعنوان هذا المقال قصة , وهي أنني قبل 30/6/2013 عكفت على كتابة مقال جديد حول الأزمة السياسية فإذا بالدكتور طارق الزمر حفظه الله يدخل عليّ ويسألني عن عنوان مقالي فقلت له : راسب ومنقول للسنة الثانية , ففطن الدكتور إلى ما يتضمنه هذا المقال وقال على الفور إن الظروف السياسية صعبة جداً ولا داعي لهذا المقال , فقبلت منه النصيحة وطويت أوراقي على الفور وانتهى الأمر عند هذا الحد , ولما كانت المسألة الآن في حكم التاريخ أردت أن أبين الفكرة لتحقيق الفائدة وهي أنني عشت معظم العام الذي حكم فيه الدكتور مرسي عفا الله عنه في قلق شديد على الأوضاع فلم تكن إدارة الأمور مقنعة لي , وكانت نصائحنا للدكتور محمد مرسي متوالية , ولكنني فوجئت كما تفاجأ غيري بتتابع أحداث مزعجة بدأت بعزل المشير طنطاوي والفريق عنان دون أن يكون هناك استعداد لردة الفعل المحتملة ثم تلا ذلك الإعلان الدستوري الذي حشد المعارضة ضد الرئيس ثم استقالة معظم مساعدي ومستشاري الرئيس , فأدركت أن هناك حالة من الخلل والارتباك فكتبت في حينها مقالاً بعنوان " اضطراب الأمر على أولي الأمر" أوضحت فيه أسباب المشكلة وكيفية المعالجة , ولكن مما يؤسف له أن النصائح التي تقدم بها حزب البناء والتنمية لم تلق قبولاً , بل وحجبت السكرتارية الإخوانية بعضها عن الرئيس فلم تصل إليه , وتأكدت من ذلك بالفعل , ثم لما أحسست بازدياد إحتمالات السقوط اضطررت إلى التصريح بأن فشل التجربة الإخوانية لا يعني فشل الرؤية الإسلامية لأن هناك تطبيقات أخرى خلاف الإخوان لم تختبر . ومع استمرار الأزمات وعدم القدرة على احتواء المشكلات أضطررت إلى أن أشير بحزم إلى أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه فإنني سأدعم شخصية أخرى في الانتخابات الرئاسية القادمة , ولقد قصدت من ذلك إشعار الإخوان بخطورة ما يجري وأن الممارسات لا تصب لصالح الرئيس , بل كانت تخصم من رصيده حتى وصل بنا الحال إلى حشد 30/6 الذي طالب برحيل الإخوان وممثلها الدكتور محمد مرسي ولذلك كان مقالي الذي لم ينشر بعنوان "راسب ومنقول للسنة الثانية" هو محاولة لتقرير أوضاع الفشل في السنة الأولى مع ضرورة النقل إجبارياً للسنة الثانية على أساس أن المحافظة على التجربة الديمقراطية واستيفاء المدة المقررة دستورياً هو الواجب المتحتم , لأن دونها سيفتح أبواب الصراع والخلاف والفتن , وأن أي محاولة للإصلاح يجب أن تتم عبر الآليات المعتمدة وبممارسة الضغوط المشروعة حتى تتحقق المطالب , ولكن جاءت قرارات 3/7 مخيبة لآمالي في المحافظة على الوضع المستقر , كما أن نصائحي بضرورة الاستفتاء على قرارات 3/7 لم توضع في الاعتبار ولم تجد آذاناً صاغية , إذ أنني قصدت من ذلك الاستفتاء على خارطة الطريق أن تكون المرجعية للشعب وليس لمن لديه القدرة العسكرية , كما أن حساب الاعداد في المظاهرات لا يصح ان يتم قياسه تليفزيونياً عبر الأقمار الصناعية , ولكن عبر الصناديق الانتخابية , ولهذا كان اختياري هو استمرار الرئيس محمد مرسي "عفا الله عنه" في الحكم مع استمرار الضغوط للإصلاح لكون الإزاحة الإجبارية هو فتح لباب الصراع على السلطة خارج إطار القانون وذلك يؤدي حتماً إلى ضرر كبير يعصف بالوطن كله وهو ما نعاني منه الآن . وختاماً فإن الأنظمة السياسية التي حكمت مصر منذ ثورة يوليو 1952أرى أن تقييمها السنوي هو راسب ومنقول إجبارياً للسنة التي تليها !! فلم يكن استمرار أي نظام منها على أساس من الكفاءة أو الاستحقاق عن جدارة . هذا وأسأل الله تعالى التوفيق لبلادنا , وأن يرشدنا إلى المخرج العادل لأزمة وطن جريح يحتاج إلى من يتنازل لأجله ويرفع ويخفف من آلامه . والله المستعان