قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية, إن هناك عددا من الأسباب التي ساعدت نظام بشار الأسد على البقاء في السلطة بعد مرور أكثر من خمس سنوات على اندلاع الحرب في سوريا, أبرزها التدخل العسكري الروسي, ودعم القاهرةلدمشق, حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 18 سبتمبر, أن "القاهرة دعمت نظام الأسد, لأن سقوطه يعني انتصار الإخوان المسلمين في سوريا, وهو ما قد يشكل تهديدا للنظام المصري", على حد قولها. وتابعت " السلطات المصرية حظرت جماعة الإخوان المسلمين, ولذا فإنه في حال نجح إسلاميو سوريا في الإطاحة بنظام الأسد, فإن هذا قد يشجع إخوان مصر على تحدي النظام الحالي في البلاد". ومن جانب آخر, شككت الصحيفة في صمود الهدنة الأخيرة في سوريا, وقالت إنها عكست بوضوح تزايد النفوذ الروسي هناك, وتراجع دور الولاياتالمتحدة في الصراع السوري وفي منطقة الشرق الأوسط أيضا. وكان النظام السوري أعلن الاثنين 19 سبتمبر انتهاء الهدنة التي استمرت سبعة أيام بوساطة أمريكية - روسية, متهما فصائل المعارضة بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار، وفق بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا". ويتبادل النظام السوري وروسيا من جهة والمعارضة المسلحة من جهة أخرى الاتهامات بشأن عدم الالتزام بوقف إطلاق النار، حيث يحمل كل طرف الطرف الآخر ارتكاب أكثر من ثلاثمائة خرق للهدنة. وكان وزيرا خارجية الولاياتالمتحدةوروسيا توصلا بجنيف في 9 سبتمبر إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا يقوم على أساس وقف تجريبي لمدة 48 ساعة اعتبارا من مساء الاثنين 12 سبتمبر ويتكرر بعدها مرتين. ونص الاتفاق على أنه بعد صمود وقف إطلاق النار سبعة أيام, يبدأ التنسيق التام بين أمريكاوروسيا في قتال تنظيم الدولة, وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) وقال صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية, إن اتفاق الهدنة الجديد بشأن سوريا, الذي وقعه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف, عزز وضع نظام بشار الأسد الذي كان آيلا للسقوط قبل عام واحد, أي قبل التدخل العسكري الروسي. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها في 14 سبتمبر, أن الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبرما من قبل اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار في سوريا، ولم يلتزما بأي منها، وكانت مكافأتهما الحصول على مزيد من الأراضي وتعزيز وضعهما الاستراتيجي، ولم ينالا من واشنطن عقابا, بل مزيدا من التنازلات والعروض لاتفاقات جديدة. وتابعت " إذا جرت مفاوضات سياسية جديدة بشأن مستقبل سوريا في أي وقت, فإن نظام الأسد وداعميه الروس والإيرانيين سيكونون في وضع أفضل من المعارضة السورية, بسبب اتفاقات وقف إطلاق النار المتتالية, والتي لا تخدم سوى النظام السوري". واستطردت " الهدنة الجديدة ضربة قوية للمعارضة السورية، لأن الولاياتالمتحدة وافقت على مطلب روسي طالما طالب به بوتين, وهو أن تشارك واشنطنموسكو في استهداف جماعات المعارضة, التي يُقال إنها إرهابية". وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن واشنطن عجزت في اتفاق الهدنة الجديد عن منع طيران نظام الأسد من إسقاط البراميل المتفجرة وغاز الكلور على مناطق المعارضة, وهو ما يعني استمرار المجازر ضد المدنيين. وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية, قالت كذلك إن اتفاق الهدنة الجديد بشأن سوريا, الذي وقعه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف, لن يصمد طويلا. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 12 سبتمبر, أن وقف إطلاق النار لن يطول لأن نظام بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرغبان في الانتصار أكثر مما يرغبان بالسلام. وتابعت " الأسد وإيران أيضا لا يفكران أبدا في أن سوريا سيكون لها مستقبل يختلف عما هي عليه الآن". واستطردت "لماذا تلتزم المعارضة السورية بوقف إطلاق النار, بينما تتواصل انتهاكات نظام الأسد, الذي يستغل أي هدنة جديدة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوف قواته؟". وكانت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية, قالت أيضا إن اتفاق الهدنة الجديد بشأن سوريا, يضع التزامات صعبة على المعارضة السورية, فيما لا يتضمن أي التزام واضح من موسكو بالضغط على نظام بشار الأسد لوقف مجازره ضد المدنيين. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 11 سبتمبر, أن المعارضة السورية "المعتدلة", بموجب الاتفاق, مطالبة بالانفصال سياسيا وعسكريا عن جبهة فتح الشام, تمهيدا لضربها من قبل أمريكاوروسيا معا بعد أسبوع من تنفيذ وقف إطلاق النار. وتابعت " هذا الالتزام المفروض على المعارضة, أمر صعب نظرا إلى العلاقات التي ربطت بينها وبين جبهة فتح الشام, عندما تخلت أمريكا عن دعم هذه المعارضة في معركة حلب". ونقلت الصحيفة عن أحد مسئولي "فتح الشام" قوله في تعليقه على اتفاق أمريكاوروسيا على تنفيذ هجمات مشتركة للقضاء عليهم :"لدينا عدد كبير من المحاربين الاستشهاديين المستعدين لحرق الأرض تحت أقدام تحالف الصليبيين"، وحذرت "الإندبندنت" من أن هذا التصريح يحمل تهديدا حقيقيا, وليس ل"التبجح" فقط, حسب تعبيرها. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قالت أيضا إن اتفاق الهدنة الجديد بشأن سوريا, ينص على قيام واشنطنوموسكو بتوجيه ضربات جوية مشتركة لكل من جبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقا", وتنظيم الدولة "داعش". وأضافت الوكالة في تقرير لها في 10 سبتمبر, أن الاتفاق يطلب أيضا من فصائل المعارضة السورية النأي بنفسها كليا عن جبهة فتح الشام. وتابعت " الاتفاق ينص أيضا على أن تمارس موسكو ضغوطا على النظام السوري للالتزام بوقف القتال, فيما ستضغط واشنطن على أطراف المعارضة". وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف أعلنا في جنيف فجر السبت الموافق 10 سبتمبر عن خطة جديدة للهدنة في سوريا، تنص على وقف كل الأطراف العمليات القتالية اعتبارا من مساء الاثنين 12 سبتمب، وإتاحة وصول المساعدات إلى كل المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها بما في ذلك حلب، وانسحاب قوات كل الأطراف من طريق الكاستيلو في حلب. وحسب الاتفاق, فإنه بعد سبعة أيام من بدء وقف العمليات القتالية, ستنشئ روسياوالولاياتالمتحدة مركزا مشتركا لمحاربة تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام. وطالب مبعوث الولاياتالمتحدة الخاص إلى سوريا مايكل راتني فصائل المعارضة السورية بالالتزام بالهدنة التي ينص عليها الاتفاق الروسي الأمريكي، في حين أعلنت دمشق موافقتها على الاتفاق, ورحبت به إيران أيضا, وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن نجاح الهدنة "مرتبط بإنشاء آلية مراقبة شاملة، وخصوصا مراقبة الحدود لوقف وصول إرهابيين جدد، وكذلك أسلحة وموارد مالية إليهم", حسب تعبيره. وبدورها, نقلت "الجزيرة" عن مصادر في المعارضة السورية قولها إن الفصائل المسلحة قبلت باتفاق الهدنة الأمريكي الروسي وسترسل ملاحظاتها عليه. وصرح زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لتجمع "فاستقم", وهو أحد فصائل المعارضة المسلحة، بأن المعارضة سترسل إلى الجانب الأمريكي ملاحظاتها على بعض بنود الاتفاق, ومن أبرزها ما يتعلق بآلية ضمان التزام النظام بوقف إطلاق النار وآلية محاسبته في حال حصول اختراقات. وأكد ملاحفجي أن المعارضة لا تزال تدرس بنود الاتفاق في نواحيه السياسية، لكن فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات فلا شك أن المعارضة تقف مع كل ما يضمن حماية المدنيين. وأضاف أن هناك ملاحظات أخرى بشأن جبهة فتح الشام وإغفال الميليشيات الموالية لنظام الأسد، مؤكدا أن المعارضة التزمت بكل الهدن التي تم الاتفاق عليها من قبل، ولكن نظام الأسد هو من كان يخرقها. وفي 17 سبتمبر, أعربت مستشارة الهيئة العليا لوفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف مرح البقاعي عن مخاوفها من تقسيم البلاد ضمن الاتفاق الروسي الأمريكي الأخير, في ظل خلاف الطرفين على إعلان تفاصيله. وقالت البقاعي إن هناك تفاصيل للاتفاق لا تريد وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن تخرج إلى التداول، معربة عن استغرابها من عدم وصول تفاصيل الاتفاق إلى هيئة المفاوضات المعنية بالحل السياسي في البلاد. ولدى تعليقها على التصريحات الأمريكية بأن التكتم على تفاصيل الاتفاق يخدم "الأمن العملياتي", قالت البقاعي ل "الجزيرة", إن الأمر أبعد من ذلك بكثير، فهو اتفاق أمريكي روسي يخدم البلدين فقط. وحول الإصرار الروسي على كشف التفاصيل مقابل الرفض الأمريكي لذلك، قالت البقاعي إن ذلك مجرد مناورة بين موسكووواشنطن بحيث يرمي كل طرف الكرة بملعب الآخر. ورجحت البقاعي أن يكون الاتفاق قد جاء ضمن صفقة التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية، وأعربت عن خشيتها أن يفضي هذا الاتفاق إلى تقسيم البلاد، وهو ما ترفضه المعارضة التي تسعى لتكون دولة مدنية موحدة. وكان من المقرر أن يُطلِع سفيرا روسياوالولاياتالمتحدةبالأممالمتحدة فيتالي تشوركين وسامانثا باور مجلس الأمن الدولي في 16 سبتمبر على تفاصيل الاتفاق -الذي تنص بعض بنوده على وقف النار، وإيصال المساعدات، وشن ضربات مشتركة ضد المقاتلين الإسلاميين بسوريا- ولكن ذلك ألغي في اللحظات الأخيرة. وقالت البعثة الأمريكية في الأممالمتحدة إنها لم تستطع الاتفاق مع روسيا على طريقة لإطلاع مجلس الأمن على تفاصيل الاتفاق، حسب زعمها. وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي إن موسكو لن تنشر تفاصيل الاتفاق مع واشنطن بشأن سوريا من طرف واحد، مشيرا إلى أن الأمريكيين طلبوا الإبقاء على بعض بنود الاتفاق في إطار السرية.