كلية المنصور الجامعة تعزّز الثقافة الفنية عبر ندوة علمية    مفاجأة في أسعار كرتونة البيض اليوم الجمعة في بورصة الدواجن والأسواق    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    وزير الكهرباء يبحث مع مجموعة شركات صاني الصينية التعاون في مجالات الطاقة المتجددة    وزارة التضامن تفتتح غدا معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بالبحر الأحمر    الميلاد تحت الحراسة: كيف تستخدم إسرائيل المسيحيين وأعيادهم لتجميل وجهها وتفكيك خصومها؟    مصر: نتابع باهتمام التطورات في اليمن ونؤكد دعم وحدته وسيادته    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    عاصفة شتوية عنيفة تضرب الولايات المتحدة وتتسبب في إخلاء منازل في لوس أنجلوس    الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافًا لحزب الله في لبنان    باكستر: جنوب إفريقيا أقرب للفوز على مصر    معتدل نهارا بارد ليلا....حالة الطقس اليوم الجمعه 26 ديسمبر 2025 فى المنيا    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بقنا    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    أيمن بهجت قمر يحتفل بتصدر أفلامه قائمة أعلى الإيرادت بالسعودية    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    جيش الاحتلال: قصفنا مجمع تدريب ومستودعات أسلحة تابع لحزب الله في لبنان    نقل الفنان محمود حميدة للمستشفى بعد تعرضه لوعكة.. اعرف التفاصيل    كامل الوزير: إلزام كل مصنع ينتج عنه صرف صناعي مخالف بإنشاء محطة معالجة    زيلينسكي: اتفقت مع ترامب على عقد لقاء قريب لبحث مسار إنهاء الحرب    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 26-12-2025 في قنا    ذكرى سعيدة ل حسام حسن قبل مواجهة جنوب أفريقيا اليوم (فيديو)    فضل شهر رجب.. دعاء مستحب واستعداد روحي لشهر رمضان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26-12-2025 في محافظة قنا    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    انطلاق الامتحانات العملية لطلاب برنامج الصيدلة الإكلينيكية بجامعة القاهرة الأهلية    خطوات مهمة لضمان سلامة المرضى وحقوق الأطباء، تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسؤولية الطبية    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    زعيم كوريا الشمالية يدعو إلى توسيع الطاقة الإنتاجية للصواريخ والقذائف    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    مسؤول أمريكي: إسرائيل تماطل في تنفيذ اتفاق غزة.. وترامب يريد أن يتقدم بوتيرة أسرع    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    مخاطر الوجبات السريعة على صحة الأطفال    مفاجأة للأمهات.. أول زيارة للأطفال لطبيب الأسنان تبدأ في هذا العمر (فيديو)    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    الأرصاد تحذر من ضباب يغطي الطرق ويستمر حتى 10 صباحًا    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أمم إفريقيا - طالبي: آمل أن يستغل الركراكي قدراتي.. وعلينا أن نتعامل مع الضغط بإيجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة تبحث عن كعكة اقتصاد الظل
ساسة بوست:
نشر في المصريون يوم 08 - 09 - 2016

«اقتصاد الظل»، أو الاقتصاد غير الرسمي كأنشطة إقتصادية "غير قانونية" تحدث بمنأى عن أعين السلطات الحكومية، بات معضلة كبيرة تواجه الحكومة المصرية.
ووفق دراسة للمركز المصري للدراسات الاقتصادية (ECES) في عام 2014 فإن حجم أنشطة الاقتصاد غير الرسمي ارتفع بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، نتيجة غياب الجهات التي تراقب الأنشطة الاقتصادية، وتزايد انعدام الأمن .
وكشفت الدراسة عن أن حجم القطاع غير الرسمي في مصر يتراوح بين 1.2 إلى 1.5 تريليون جنيه مصري، وما يساوي ما بين 65 و70% من حجم الاقتصاد الرسمي، وأن اقتصاد الظل يتكون من 18 مليون مؤسسة، منها 40 ألف مصنع.
وأكد التقرير بأنه وفقًا للدراسة أيضًا فإن الاقتصاد غير الرسمي يُهدر على الحكومة حوالي 300 مليار جنيه في الضرائب المحتملة ليكون تحديا جديدا أمام الحكومة .
وأشار التقرير إلى أن العمالة الرسمية قد انخفضت بنسبة 5% في القطاع الصناعي، و8% في قطاع التشييد والبناء، و15% في قطاع الخدمات في العام 2013 وفي الوقت نفسه زادت العمالة غير الرسمية بنسبة 40% في عام 2012 وبنسبة 45% في عام 2013 مقارنة بنسبة 30% في عام 1998.
وتابع التقرير "تُصنَّف مصر واحدةً من الدول المكتظة بالسكان في العالم، وتزاحم إثيوبيا على المركز الثاني بعد نيجيريا، من حيث أكبر عدد للسكان في القارة السمراء، وكذلك هي الأضخم في عدد السكان في المنطقة العربية برمتها، بتعداد تجاوز 90 مليون نسمة خلال عام 2016، وهي ثالث أكبر اقتصاد في القارة الأفريقية بعد نيجيريا وجنوب أفريقيا. كما تعتبر مصر من البلدان النامية، التي يمثل اقتصاد الظل أو الاقتصاد غير الرسمي فيها نسبة ضخمة من الناتج المحلي الإجمالي".
وأشار التقرير إلى إنه ليس من السهل تحديد حجم اقتصاد الظل بالضبط رغم وجوده أينما التفتنا يمينًا أو يسارًا، إلا أن تنوعه وتشعبه، وبذل المشاركين فيه قصارى جهدهم ليتجنبوا الكشف عن أنشطتهم، واحتواءه على أنشطة في الأصل غير قانونية، وبالتالي من سماتها السرية الشديدة؛ كل ذلك يجعل تقدير حجمه الكلي بدقة من الأمور الصعبة، لذا نجد تفاوتًا في التقديرات حول حجمه كما أن وسائل قياسه نفسها متنوعة ومختلفة.
ويُعد تقدير حجم اقتصاد الظل من القضايا الهامة؛ لأن صناع القرار والقائمين على الإدارات الحكومية، يحتاجون إلى معلومات دقيقة حول عدد الأشخاص العاملين في هذا الاقتصاد، وكيف تتم أنشطتهم، ومقدار هذه الأنشطة، حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تخصيص الموارد وإصدار التشريعات الملائمة، واتخاذ القرارات الاقتصادية المؤثرة سواء في نطاق السياسات الاقتصادية المالية والنقدية أو السياسات الاجتماعية. من أجل ذلك أوجد خبراء الاقتصاد والإحصاء مجموعة متنوعة من العمليات الحسابية لقياس مدى ضخامة اقتصاد الظل، بحسب موقع ساسة بوست.
أما عن تقدير عدد الباعة الجائلين، فتشير الإحصاءات الموجودة داخل محافظات الجمهورية إلى أن عدد الباعة الجائلين يقترب من ثمانية ملايين مواطن، يعملون في أسواق عشوائية تزداد يومًا بعد آخر، حيث إن هناك ما يقرب من 120 سوقًا في جميع أرجاء الدولة، وكلها تقريبًا تتعامل بالأموال السائلة.
في تقرير للبنك الدولي نُشر في يونيو 2014، عن أوضاع العمالة في مصر، بعنوان «الأولوية في مصر: توفير وظائف أكثر وأفضل»، جاء فيه أن معدلات التوظيف في القطاعات غير الرسمية في مصر تُعد مرتفعة، وفقًا للمعايير العالمية والإقليمية، فيما تتجه سوق العمل في مصر نحو التحول إلى القطاعات غير الرسمية، رغم أن باقي دول العالم قد بدأت تنحو صوب المزيد من التوظيف في القطاعات الرسمية.
وأورد التقرير بعض الأرقام الصادرة عن منظمة العمل الدولية بخصوص العمالة في مصر، إذ إن 56% من الذكور العاملين في المجالات غير الزراعية في مصر يعملون في القطاعات غير الرسمية. كما أن العمالة غير الرسمية قد قفزت من 30.7% عام 1998 إلى 40% عام 2012.
وفي ندوة نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، بالتعاون مع اتحاد الصناعات المصرية، بعنوان «أهمية تقنين أوضاع القطاع غير الرسمي»، في مايو 2014، جاء فيها أن 8.2 مليون شخص يعملون بشكل غير رسمي في مصر، منهم 68% يعملون في منشآت غير رسمية، مقابل 22% في منشآت رسمية، و10% يشتغلون بأنشطة البيع الجائل وما شابهها. وتشير التقديرات كذلك إلى أن 92% من ممتلكات المواطنين المصريين العقارية يتم حيازتها بدون صكوك ملكية رسمية، وتقدر قيمة استبدالها بنحو 360 مليار دولار أمريكي.
وفي ورقة بحثية صدرت عن مجموعة بحوث التنمية بالبنك الدولي، عام 2010، تحت عنوان «اقتصاد الظل في جميع أنحاء العالم: تقديرات جديدة ل162 دولة في الفترة من 1999 إلى 2007»، وضحت حجم اقتصاد الظل بالنسبة إلى حجم الاقتصاد الرسمي، وفي الجدول أدناه، اخترنا عينة من الدول مرتبة حسب درجة حجم اقتصاد الظل فيها، مع التركيز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال أعوام 1999 و2003 و2007.
لماذا يتجه الأفراد إلى اقتصاد الظل؟
ولكن، ما الذي يدفع الأشخاص في مصر لممارسة الأنشطة الاقتصادية بعيدًا عن أعين الحكومة، كما تشير جميع الأدلة إلى ازدياد حجم اقتصاد الظل في مصر وسرعة نموه؟ إذا ما سألنا ماسح الأحذية في الشارع أو صاحب عربة كبدة عن ذلك، فحتمًا سيشيح بوجهه عنا متبرمًا من فرط سذاجة السؤال، وربما في أحسن الأحوال سيجيب بسؤال آخر و هو: «ولمَ أعمل تحت رحمة وعين الحكومة؟»، ربما هو على حق في ذلك، لكن بالنسبة إلينا، لابد أن نتطرق إلى هذه الجزئية، كونها المدخل الأهم لوضع تصور حول كيفية جذب القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.
في الواقع، البلدان التي لديها معدلات ضرائب منخفضة نسبيًا، وقوانين ولوائح قليلة وغير معقدة، وقواعد قانونية راسخة؛ تميل إلى أن تكون اقتصاديات الظل فيها أصغر حجمًا عما سواها من البلاد.
وترجع العوامل الرئيسية الدافعة لنمو اقتصاد الظل لدى أرباب العمل، بالنسبة إلى العاملين لديهم؛ إلى الضرائب، واشتراكات الضمان الاجتماعي، والخضوع لقانون العمل. كما تشير العديد من الدراسات إلى وجود دليل قوي على أن النظام الضريبي يؤثر على اقتصاد الظل. كما أن القوانين، واللوائح، والقرارت الحكومية مثل متطلبات الترخيص، ولوائح قانون العمل، والحواجز التجارية، والقيود المفروضة على عمل الأجانب؛ تدفع أصحاب العمل إلى اقتصاد الظل.
تميل اقتصاديات الظل إلى أن تكون أصغر في البلدان التي تكون فيها مؤسسات الحكومة قوية وفعالة. في الواقع، قد وجدت بعض الدراسات أنه ليس ارتفاع معدلات الضرائب في حد ذاتها هي التي تزيد من حجم اقتصاد الظل، ولكن التطبيق السيء وغير الفعال للنظام الضريبي، واللوائح الكثيرة والمعقدة والمتشابكة من قبل الحكومات، هي التي تدفع الأشخاص إلى اقتصاد الظل. لذا فاقتصاد مليء بالقيود، مع إدارة ضعيفة وغير عادلة، وغير حازمة في تطبيق القانون؛ هو اقتصاد يوفر بيئة خصبة لأنشطة الظل، وهي أيضًا نفس الظروف التي ينمو ويزدهر فيها الفساد.
الفساد واقتصاديات الظل
هناك بعض الدراسات التي تربط بين حجم اقتصاد الظل والفساد، إذ إنه في البلدان التي لديها معدلات فساد مرتفعة؛ يزداد فيها نسبيًا أنشطة اقتصاد الظل، إذ إن الفساد في الأساس هو إساءة استخدام السلطة العامة من أجل المنفعة الخاصة.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد دشناوي، أن الدولة لها تأثير كبير في ازدهار هذا القطاع، وفي زيادة نسبته، فالاقتصاد الموازي لا ينتعش ولا يعيش إلا في الدول الضعيفة والحكومات غير الباسطة يديها على موارد الدولة بالإضافة إلى الفساد والبيروقراطية، فهما شريان الحياة لهذا الاقتصاد؛ فكلما زاد الفساد زاد الاقتصاد الموازي، وكلما ضعفت الدولة زاد الاقتصاد الموازي، وكلما زادت البطالة زاد الاقتصاد الموازي.
كما أن دخول نطاق الاقتصاد غير الرسمي سهل ويسير، فأي شخص لديه النية للعمل بعيدًا عن الجهات الرسمية، يمكنه أن يجد أي نوع من العمل يؤدي إلى تحقيق ربح نقدي في الحال.
انعدام الثقة في الحكومة
من الأسباب التي تدفع الأفراد إلى الابتعاد عن أعين الحكومة أيضًا، هي أسباب ناجمة عن دوافع نفسية بالأساس، مُخضتها انعدام الثقة في الأجهزة الحكومية، وافتراض سوء النية دائمًا في الحكومة، فالعاملون تحت عباءة الاقتصاد الخفي يرون أن الدولة لا تؤدي لهم الخدمات العامة كما ينبغي، كما أنهم يتلقون معاملة سيئة من الموظفين الحكوميين.
بالإضافة إلى الموروثات القديمة المحفورة في أذهانهم حول المنظومة الضريبية في مصر؛ فقديمًا كانت الضرائب تعد بمثابة السيف المسلط على عنق من يسجلون منشآتهم رسميًا عن طريق التقديرات الجزافية التي كانت تصل إلى مبالغ خيالية لا تمت للواقع بصلة، لينتهي الحال بالشخص إلى السجن والتشرد إذا ما عجز عن سداد هذه المستحقات. ويبدو أن هذه الصورة الكئيبة لم تغِب حتى الآن عن أذهان الجميع، ما يدل على فشل الحكومة في تغييرها حتى بعد صدور قانون الضرائب الجديد القانون 91 لسنة 2005 الذي يعتبر ثورة في تشريعات الضرائب إذا ما تم مقارنته بالقوانين السابقة في مصر.
كما أن البطالة في القطاع الرسمي تدفع الأفراد أيضًا إلى البحث عن فرص عمل في القطاع غير الرسمي. انخفاض المستوى التعليمي وانخفاض مستوى التدريب للعديد من العمال يؤدي إلى استبعادهم من القطاع الرسمي. الافتقار إلى الفرص الاقتصادية المربحة في المناطق الريفية يؤدي إلى زيادة الهجرة إلى المراكز الحضرية، وهذا بالتالي يؤدي إلى زيادة الطلب على الوظائف الرسمية في المدن الكبرى، والتي لديها بطبيعة الحال قدرة محدودة على استيعاب هذا التدفق الكبير من العمال.
تأثير اقتصاد الظل على الاقتصاد الرسمي
1- الأنشطة الاقتصادية تحت نطاق اقتصاد الظل لا تدفع الضرائب
كما ذكرنا سابقًا أن المبلغ المفترض دفعه للضرائب 300 مليار جنيه وفقًا لدراسة، هو بالطبع مبلغ ضخم يقترب من الإيرادات الضريبية المحصلة بالفعل في الموازنة العامة للدولة عن العام المالي 2015/2016 وهي 362 مليار جنيه تقريبًا.
عدم تحصيل هذا المبلغ المفترض يؤدي إلى تقليل العوائد الضريبية ومن ثم يساعد في تفاقم عجز الموازنة، ويقلل من قدرة الدولة على القيام بالأعباء المنوطة بها. كما أنه عندما تنخفض الإيرادات الضريبية قد تضطر الحكومة إلى رفع معدلات الضرائب على القطاع الرسمي ما يؤدي إلى إحداث ضرر بالغ بالقطاع الرسمي، وهو ما يقود في النهاية إلى ازدهار اقتصاد الظل.
2- خلل القرارات وعدم نجاعة السياسات
ازدهار اقتصاد الظل يجعل الإحصاءات الرسمية مثل معدل البطالة، وقوة العمل الرسمية، والدخل، والاستهلاك؛ لا يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي فإن السياسات والبرامج التي صيغت على أساس هذه الإحصاءات تكون غير مناسبة، وتؤدي إلى نتائج عكسية مما يفاقم من المشاكل الاقتصادية أكثر.
يقول دشناوي، إنه بالإضافة إلى أن الاقتصاد الموازي يخفض دخل الحكومة وبالتالي يخفض الخدمات المقدمة للمواطنين، فإنه يؤدي إلى فشل الدولة في الوصول إلى إحصائيات اقتصادية دقيقة، ويقلل من قدرة الدولة على توجيه الاقتصاد وتحفيزه، وذلك بخلاف الأثر السلبي الآخر بعدم قدرة الدولة على تطوير العاملين بهذا القطاع لزيادة الإنتاجية والمنافسة، وتقديم المزيد من الائتمان والموارد لتوسعة الأعمال.
3- منافسة غير عادلة
بسبب عدم خضوع الأنشطة الاقتصادية لاقتصاد الظل لأي التزامات حكومية، مما يؤدي إلى تقليل التكاليف التشغيلية لإنتاج السلع والخدمات، وبالتالي تقدم هذه المنتجات بأسعار أقل من نظيرتها في الاقتصاد الرسمي، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لقواعد المنافسة الحرة، مما يؤثر على كفاءة وتنافسية وجودة السلع والخدمات التي يقوم القطاع الرسمي بإنتاجها.
4- جذب القطاع الرسمي إلى القطاع غير الرسمي
من أخطر الآثار المترتبة على استفحال اقتصاد الظل هو زيادة قدرته على جذب القطاع الرسمي بسبب ما يتمتع به من مزايا وما لديه من حوافز، فحتى تستطيع المؤسسات والشركات العاملة تحت عباءة الاقتصاد الرسمي المنافسة في بيئة يغلب عليها العمل في الظل، فإنها تضطر إلى التحايل على القوانين واللوائح إلى أن تنتقل رويدًا رويدًا هي الأخرى إلى القطاع غير الرسمي لتتساوى مع نظيرتها في السوق المحلي.
5- سلبيات اقتصاد الظل على العمالة
العمالة غير الرسمية لديها العديد من السلبيات بالنسبة للعمال، مثل انعدام الأمن الوظيفي، وعدم تغطية الضمان الاجتماعي بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية، والمعاشات التقاعدية، وعدم وجود حقوق قانونية يستطيع العامل بها الحصول على حقوقه في مواجهة صاحب العمل. كما يتم التمييز ضد النساء في هذا القطاع في كلٍّ من التوظيف والدخل.
ويشرح دشناوي فيقول إن تكلفة العمالة في اقتصاد الظل تقل بكثير عن نظيرتها في الاقتصاد الرسمي، إذ إن تكلفة الأجور في القطاع الرسمي تكون مرتفعة نظرًا لجذبها للكثير من العمالة رغم قلة المعروض منها، خاصة أن القطاع غير الرسمي لا يدفع ضرائب، ولا يشترك للعاملين في برامج التأمينات الاجتماعية.
7- استيلاب موارد الدولة
ويُوضح دشناوي، أن اقتصاد الظل يحصل على موارد الدولة ويحرم منها القطاع الرسمي رغم عدم تحمله أي عبء عن ذلك، ويعمل في الخفاء، ويجعل الموارد أكثر ندرة نسبيًا.
يستدرك دشناوي قائلًا إن اقتصاد الظل لا يعتبر كله مساوئ، ولكن له العديد من الإيجابيات أيضًا؛ فالقطاع غير الرسمي يسهل الحصول على لقمة العيش والهروب من الفقر المدقع، كما أن ازدهاره يحفز على الإنفاق العام مما يدعم الاقتصاد غير الرسمي، ويدفع معدلات النمو العام للدولة، خاصة وأنه أكثر تنافسية من الاقتصاد الرسمي، كما أن ثلثي إلى نصف الدخل المكتسب منه تقريبًا يوجه إلى الإنفاق في الاقتصاد الرسمي مما يزيد من نمو الاقتصاد بشكل عام ويدفع عوائد الضرائب بشكل غير مباشر، كما أن اقتصاد الظل هو حيلة المواطنين للهروب من بيروقراطية الحكومة في فتح الأعمال وانتشار الفساد في الجهاز الحكومي.
على صناع السياسة في مصر أن يقللوا من تكلفة دخول الاقتصاد الرسمي، من خلال معالجة المسائل التي تمت إثارتها في السطور السابقة، كما ينبغي وضع تصور أشمل لوضع العاملين في القطاع غير الرسمي، ولا يقتصر الأمر على النظرة الضيقة التي ينظر بها المسئولون الحكوميون في مصر إلى اقتصاد الظل باعتباره منجمًا ينبغي اقتحامه من أجل زيادة العوائد الضريبية، فالموضوع أكثر تعقيدًا وتشابكًا من مجرد بائع يقف على طاولة لبيع الملابس في الشارع، بالتالي ينبغي شن الغارات عليه من قبل ما يسمى البلديات، ولكن ينبغي أولًا معالجة الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى العمل تحت مظلة اللارسمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.