أعلنت الحكومة بشكلٍ رسمي، الأحد الماضي، تأجيل التوقيع على العقود الاستشارية لسد النهضة الإثيوبي، مؤكدة أنها لازالت تحاول التوصل لحل وسط مع إثيوبيا لتوقيع العقود الفنية. وكان خبراء ومتخصصون، توقعوا تهرب إثيوبيا من التوقيع على العقود الفنية خصوصًا وأنها أعلنت عدم تحديد موعد توقيع العقود، فيما كانت مصر تُصر على أن التوقيع سيكون في الخامس والسادس من الشهر الحالي. وأرجعت وزارة الموارد المائية والري، سبب تأجيل التوقيع على العقود، في عدم تمكن المسئولين في المكتب الاستشاري المختص بدراسة آثار سد النهضة والمكتب القانوني المختص بكتابة وصياغة العقود من دخول السودان لعدم حصولهم على التأشيرات اللازمة لذلك. وقال خبير الموارد المائية والري الدولي، الدكتور مساعد عبد العاطي، إنه كان متوقعًا التأجيل، مؤكدًا أن هناك تناقضًا كبيرًا فيما قامت به إثيوبيا، فاتفاقية المبادئ الموقعة في مارس من العام الماضي تُلزمها بأن تحدد مع مصر وقتًا محددًا لتوقيع العقود الفنية الخاصة بدراسة آثار سد النهضة. وأشار إلى أن إثيوبيا تعلم جيدًا أن التهرب من التوقيع يُتيح لها فرصة مناسبة للمراوغة وكسب الوقت، مضيفًا: في الوقت الذي تقوم فيه إثيوبيا بالتهرب من توقيع العقود تُنجز 70 % من سد النهضة، متسائلًا: كيف يتم ذلك؟ وطالب الخبير الدولي، مصر بالدعوة لقمة بين الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا"، للنظر في التطورات الجديدة على اتفاقية المبادئ، معتبرًا أن هناك خرقًا للاتفاقية وتعطيل بنودها، مؤكدًا أن القانون الدولي يلزم إثيوبيا بتنفيذ إعلان المبادئ بحسن النية. وأضاف: من الثابت أن مصر الدولة الوحيدة التي سوف تتأثر سلبيًا ببناء إثيوبيا لهذا السد، ومصر أيضًا الدولة الأكثر رعاية بمقتضى قواعد القانون الدولي باعتبارها دولة المصب، كما أنها الدولة الوحيدة دون سائر دول حوض النيل التي تعتمد على مياه نهر النيل بنسبة تفوق 97%، بالتأكيد هذا التماطل الإثيوبي ليس في صالح مصر. من جانبه، قال الخبير المائي الدكتور ضياء القوصي، إن هناك إساءة بالغة لمصر وذلك بتعريضها لمواقف محرجة أمام المكاتب والشركات العالمية، لافتًا إلى أن إثيوبيا تتجاهل مصر تمامًا وتسير في مخططها لبناء سد النهضة، معتبرًا أنها أدارت الأزمة ببارعة حينما تمكنت من إقناع مصر باتفاقية المبادئ. وأضاف ل"المصريون"، أن أسلوب المراوغة الفنية المتبع حاليًا "مالوش لازمة"، مؤكداً أن الوضع الحالي سيئ جدًا، متابعًا: لا أعتقد أن أسلوب التفاوض سيكون مفيدًا مع إثيوبيا، لأنها تستمر في بناء سد النهضة بمعدلات قياسية، وذلك بالتوازي مع ادعائها بأنها تتفاوض مع مصر وتبذل جهدًا للتوصل إلى حلول وسط. ووقع الرئيس عبدالفتاح السيسي على اتفاقية المبادئ في مارس 2015، وهيّ اتفاقية حددت معالم المشهد في قضية سد النهضة، ونصت على تكليف مكتب استشاري يكون مختصًا بدراسة الآثار السلبية للسد، وقطعت الاتفاقية شوطًا كبيرًا ما بين الرفض والتأييد والانتقاد، إلى أن وصلت لتكليف مكتب استشاري فرنسي ومكتب قانوني آخر لإعداد الدراسات، وتتهرب إثيوبيا من التوقيع على الاتفاقيات خشية أن تأتي النتائج عكس ما تُخطط له.