قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية, إن الصورة المفجعة للطفل السوري عمران, الذي تم انتشاله من تحت الأنقاض, في أعقاب غارة جوية روسية على حي القاطرجي في حلب, تؤكد مجددا استخفاف النظام السوري وحلفائه بالقانون الدولي الإنساني. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها في 19 أغسطس, أن صورة عمران تضاف إلى صورة أخرى أفزعت العالم قبل عام تقريبا للطفل ايلان الكردي, وهو جثة هامدة على شاطئ تركي بعد أن قذفته الأمواج. وتابعت " عمران ضحية جديدة للحرب البائسة في سوريا, وهناك كثيرون غيره ممن لم تنشر صورهم, ويعرف العالم بمعاناتهم" . وسخرت الصحيفة من الاجتماعات المتكررة في جنيف حول سوريا, وقالت إنه لا طائل منها في ظل تعنت نظام الأسد, وعدم ممارسة ضغوط غربية كافية على روسيا. واستطردت " الصورة المفجعة للطفل عمران ومن على شاكلته يجب أن تكون حافزا لممارسة ضغوط جدية على نظام الأسد وروسيا، بجانب الاستجابة الفورية لصدمة هذا الطفل وأمثاله بالإسراع في تقديم الرعاية الطبية والنفسية, التي يحتاجون إليها". وخلصت "الجارديان" إلى القول :" رغم الصورة الكئيبة للأزمة في سوريا, لا يزال بإمكان بريطانيا أن تقدم شيئا ولو صغيرا بتسهيل مساعي لجوء مئات الأطفال السوريين الذين لا عائل لهم إلى أراضيها". وكان الطفل عمران نجا من غارة روسية استهدفت حي القاطرجي بحلب الأربعاء الموافق 17 أغسطس، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وإصابة 12 آخرين بجروح. وهذه الغارة ليست الأولى من نوعها ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، فهي تأتي ضمن الحملة العسكرية التي تشنها طائرات روسية وسورية على أحياء حلب خاصة الشرقية والجنوبية منها، ما يتسبب في سقوط عشرات القتلى يوميا. وعمران ذو السنوات الأربع ظهر داخل سيارة إسعاف مغطى بالغبار والدماء تسيل من وجهه، قبل أن يحدق مذهولا في عدسة المصور بعد دقائق على إنقاذه من غارة استهدفت منزله, وهي صورة أخرى للمأساة السورية المتعاظمة, ومصير الأطفال فيها. وتذكر بالصورة الأشهر اللاجئ ايلان الكردي "ثلاثة أعوام", الذي جرفته مياه البحر الأبيض المتوسط قبل شهور. وحسب "الجزيرة", فإن المأساة التي عاشها الطفل الحلبي عمران , ابن الأعوام الأربعة, تفوق أفلام الرعب الخيالية, فيما قال المصور محمود رسلان, الذي التقط الصورة, لوكالة الصحافة الفرنسية : "التقطت العديد من صور الأطفال القتلى أو الجرحى جراء الغارات اليومية التي تستهدف الأحياء تحت سيطرة فصائل المعارضة في حلب", وأضاف "في العادة يفقدون وعيهم أو يصرخون، لكن عمران كان يجلس صامتا، يحدق مذهولا كما لو أنه لم يفهم أبدا ما حل به". وغزت الصورة التي توثق هذه اللحظة المأساوية مواقع التواصل الخميس الموافق 18 أغسطس إلى جانب مقاطع فيديو نشرها مركز حلب الإعلامي الموالي للمعارضة، تظهر عمران وهو يجلس على مقعد داخل سيارة إسعاف. وفي الصورة، يغطي الغبار جسد عمران وتظهر الدماء على وجهه، ويبدو مذهولا ولا ينطق بكلمة، ويكتفي بمسح الدماء عن جبينه بيده الصغيرة ثم يعاينها بهدوء ويمسحها بالمقعد من دون أن يبدي أي رد فعل. وأضاف المصور "كانت الساعة قرابة السابعة والربع (الرابعة و15 دقيقة مساء بتوقيت غرينتش) حين سمعت دوي غارة وتوجهت فورا إلى مكان القصف" مضيفا "كان الظلام قد حل لكنني رأيت مبنى دُمر بالكامل وقربه مبنى آخر مدمر جزئيا", في إشارة إلى المبنى حيث منزل عائلة عمران. ويعتبر رسلان أن عمران "يلخص معاناة الأطفال في حلب الذين يتعرضون يوميا للقصف حتى وهم داخل منازلهم". وكان المصور الفوتوغرافي قريبا من حي القاطرجي حيث يقطن عمران مع عائلته بالطابق الأول من أحد المباني، حين تعرض لغارة جوية. وتتعرض الأحياء الشرقية تحت سيطرة فصائل المعارضة في حلب لغارات جوية أدت إلى مقتل المئات منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء شرقية وأخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام. وتابع رسلان "كان علينا تخطي ثلاث جثث مع مسعفي الدفاع المدني قبل دخول المبنى (...) أردنا الصعود إلى الطابق الأول لكن الدرج انهار تماما". وإزاء ذلك، اضطروا للتوجه إلى مبنى ملاصق, وسحب أفراد عائلة عمران الواحد تلو الآخر من شرفة لشرفة". واستطرد "انتشل المسعفون بادئ الأمر عمران ثم شقيقه (خمس سنوات) وشقيقتيه (ثمانية و11 عاما) وبعدها الأب والأم، وجميعهم أحياء". وتابع رسلان الذي يظهر وهو يلتقط الصور بشريط فيديو مركز حلب الإعلامي "عندما وضعوا عمران داخل سيارة الإسعاف، كانت الإنارة جيدة واستطعت التقاط الصور". وأشار إلى أن عمران "كان تحت هول الصدمة لأن حائط الغرفة انهار عليه وعلى عائلته", لافتا إلى أن والده وبعد إنقاذه رفض التقاط الصور, أو الكشف عن لقب العائلة. ووفق رسلان، فإن "هذا الطفل كما سائر أطفال سوريا هم رمز للبراءة, ولا علاقة لهم بالحرب". ومن جهتها، اعتبرت واشنطن أن عمران يمثل "الوجه الحقيقي للحرب". وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي :"هذا الفتى الصغير لم يعرف يوما في حياته إلا الحرب، والموت والدمار والفقر في بلاده". وحسب "الجزيرة", تحولت صورة ايلان الكردي اللاجئ السوري (ثلاثة أعوام) الذي جرفته المياه بعد غرقه في أحد الشواطئ التركية في سبتمبر من العام الماضي, إلى رمز لمعاناة اللاجئين السوريين الهاربين في زوارق الموت باتجاه أوروبا. وأسفرت الحرب في سوريا خلال خمس سنوات عن مقتل مئات الآلاف، كثير منهم أطفال, وتسببت بدمار هائل في البنى التحتية، وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.