يجلس الطفل السوري عمران ذو السنوات الاربع داخل سيارة اسعاف مغطى بالغبار والدماء تسيل من وجهه، قبل ان يحدق مذهولا في عدسة المصور محمود رسلان، بعد دقائق على انقاذه من غارة استهدفت منزله في مدينة حلب. اكد رسلان -27 عاما- "التقطت العديد من صور الاطفال القتلى او الجرحى جراء الغارات اليومية" التي تستهدف الاحياء تحت سيطرة الفصائل في حلب، وفي العادة يفقدون وعيهم او يصرخون لكن عمران كان يجلس صامتا. يحدق مذهولا كما لو انه لم يفهم ابدا ما حل به". وغزت الصورة التي توثق هذه اللحظة المأسوية مواقع التواصل الاجتماعي / اليوم الخميس، الى جانب مقاطع فيديو نشرها مركز حلب الاعلامي الموالي للمعارضة، تظهر عمران وهو يجلس على مقعد داخل سيارة اسعاف..والغبار يغطي جسده والدماء على وجهه. يبدو مذهولا ولا ينطق بكلمة..يمسح الدماء عن جبينه بيده الصغيرة ثم يعاينها بهدوء ويمسحها بالمقعد من دون ان يبدي اي ردة فعل. ويعتبر رسلان ان الطفل "يلخص معاناة الاطفال في حلب الذين يتعرضون يوميا للقصف حتى وهم داخل منازلهم". وكان المصور الفوتوغرافي قريبا من حي القاطرجي حيث يقطن عمران مع عائلته في الطابق الاول من احد المباني، حين تعرض لغارة جوية. وتتعرض الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل في حلب لغارات جوية ادت الى بمقتل المئات منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين احياء شرقية واخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام..وترد الفصائل بقصف الاحياء الغربية بالقذائف موقعة عددا كبيرا من القتلى. واوضح "كانت الساعة قرابة السابعة والربع حين سمعت دوي غارة وتوجهت فورا الى مكان القصف وكان الظلام قد حل لكنني رايت مبنى تدمر بالكامل وقربه مبنى اخر مدمر جزئيا في اشارة الى المبنى حيث منزل عائلة عمران، وكان علينا تخطي ثلاث جثث مع مسعفي الدفاع المدني قبل دخول المبنى اردنا الصعود الى الطابق الاول لكن الدرج انهار تماما، وازاء ذلك، اضطروا للتوجه الى مبنى ملاصق وسحب افراد عائلة عمران الواحد تلو الاخر من شرفة لشرفة، وانتشل المسعفون في بادئ الامر عمران ثم شقيقه (5 سنوات) وشقيقتيه (8 و11 عاما) وبعدها الاب والام وجميعهم احياء. واضاف "عندما وضعوا عمران داخل سيارة الاسعاف، كانت الانارة جيدة واستطعت التقاط الصور والطفل كان تحت هول الصدمة لان حائط الغرفة انهارعليه وعلى عائلته، لافتا الى ان والده وبعد انقاذه رفض التقاط الصور او الكشف عن شهرة العائلة..هذا الطفل كما سائر اطفال سوريا هم رمز للبراءة ولا علاقة لهم بالحرب". وتعيد صورة عمران الى الاذهان لناحية رمزيتها صورة الطفل ايلان الكردي اللاجئ السوري ذو الاعوام الثلاثة، الذي جرفته المياه بعد غرقه الى احد الشواطئ التركية في سبتمبرالماضى.حيث تحولت صورته رمزا لمعاناة اللاجئين السوريين الهاربين في زوارق الموت باتجاه اوروبا. وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقا الى نزاع متشعب الاطراف، اسفر عن مقتل اكثر من 290 الف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.