استقبل البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، أمس بالمقر البابوى بالعباسية، الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية. وعقب اللقاء المغلق الذى جرى بينهما واستمر قرابة نصف الساعة، عقد البابا وشهاب مؤتمراً صحفياً مصغراً رفضاً خلاله تلقى أى أسئلة من الحضور، وأعلنا فيه بعضاً مما دار فى اللقاء. وصرح شهاب بأنه تبادل مع البابا شنودة الآراء فى العديد من القضايا العامة، وقال: «استمعت إلى توجيهاته وملاحظاته». وأشار الوزير إلى أن لقاءه بالبابا ليس فقط لقيمة الأخير سياسيا، وإنما للعلاقة «شديدة الخصوصية التى تجمعنا منذ أن كنت رئيساً لجامعة القاهرة». وتطرق شهاب للحديث عن قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين، منوها بأن «اللجنة التابعة لوزارة العدل والمكلفة بإعداده قطعت شوطاً جيداً فى عدة مواد منه، ومستمرة فى عملها بنشاط». وأثنى على مشروع القانون المقدم من الكنيسة، مؤكدا أن مسودته الأولى تم إعدادها بعناية. من جانبه، وصف البابا شنودة، الوزير مفيد شهاب ب«الذكاء والتواضع والتفانى فى خدمة البلد»، مشيراً إلى أنه «يقدر موقف الكنيسة تماماً فى قضاياها المهمة المتعلقة بالعقيدة». ووجه البابا الشكر للرئيس مبارك ل«سعيه الدائم إلى حل مشاكل الكنيسة، والعمل على تذليل الصعاب التى تواجهنا، وتفهم موقفنا الرافض لمخالفة الشريعة». وأكد أن «القرار الصادر برفض الزواج الثانى للمطلقين الأقباط لا رجعة فيه، والدولة تشجعنا من منطلق احترامها لعقيدتنا»، وقال: «أعتقد أن قانون الأحوال الشخصية الموحد سيصدر هذه المرة من قبل الدولة نفسها ولن يتضمن أى شىء ضد شريعتنا». وصرح البابا عقب توديعه شهاب بأنه لن يوافق مطلقا على الاعتراف كنسياً بالزواج المدنى، وقال «من يتزوج مدنياً يوثق زواجه مدنياً». وبرر البابا موقفه من حذف فصل التبنى من القانون دون الرجوع إلى باقى الكنائس، إلى أن التبنى يخالف الشريعة الإسلامية، وهو لا يريد أن يدخل فى صدام قانونى مع «إخوتى المسلمين». ورفض البابا فكرة قبوله دعوة العلمانيين الأقباط لحضور مؤتمرهم، متسائلاً من الذى يتبع من؟ وقال «هم من يتبعنى لذلك أنا من أوجه الدعوة وليسوا هم». من جانبه، كشف هانى عزيز، مستشار البابا، أن شهاب أبلغ البابا شنودة خلال اللقاء رسالة من الرئيس مبارك، مفادها أن الرئيس طلب من اللجنة سرعة إعداد المشروع بعدما علم أن اللجنة لم تدرس حتى الآن، سوى 9 مواد من أصل 192 مادة بالقانون وأضاف: «الرئيس أمر بأن يتم الانتهاء من المشروع نهائياً فى مدة أقصاها شهرين من الآن». وأوضح عزيز أن وزير المجالس النيابية أكد للبابا أن القانون بذلك سينتهى فى فترة إجازة مجلس الشعب، وأن لديه خيارين، الأول أن يقدم القانون إلى الرئيس للتوقيع عليه واعتماده أو الانتظار لانعقاد المجلس والموافقة عليه. وذكر عزيز أن البابا أوضح أن طريقة إصدار القانون شأن حكومى لن يتدخل فيه، وأن ما يهمه سرعة إصدار القانون، وألا يكون به ما يخالف الإنجيل. من جهة أخرى، شدد البابا خلال عظته الأسبوعية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أمس الأول، على أن الشريعة لا تتغير بتغير الزمن، منتقدا فى الوقت ذاته بعض الكتاب والمفكرين المطالبين بضرورة «مواكبة الشريعة وأحكامها للتغير الزمنى والتطور المدنى». وقال: «إن كلام الرب يبقى على مدى العصور والأيام، وسنظل متمسكين بشريعتنا التى وضعها لنا المسيح ولن نغيرها على مر السنين». وانتقد البابا المعارضين له فى موقفه من رفض الزواج الثانى للمطلقين، وقال: «هؤلاء الأشخاص يريدون تفسير الإنجيل على أهوائهم الشخصية، ولكننا ملتزمون بتعاليم الإنجيل، ولا يجوز إرضاء هؤلاء الناس على حساب الشريعة». وهاجم البابا أحد القساوسة الإنجيليين والذى أعلن أن منع الزواج الثانى يعتبر تحريماً لما حلله الله، وطالبه بأن يأتى له بآية واحدة يحلل فيها الإنجيل الزواج الثانى. وأوضح أن المسيحية لا تسمح بالزواج الثانى إلا فى حالة وفاة أحد الطرفين، ولكنها تمنع زواج المطلقين المخطئين، منوها بأن الفرق بين الزواج الكنسى والمدنى أن الأول زواج يجمعه الرب بطقوس دينية واضحة وصريحة ولا يمكن أن يفرقه إنسان، على عكس الثانى فإنه يتم عن طريق التوثيق بالشهر العقارى، ويلغى بإلغاء هذا التوثيق.