فيما استقبل البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اليوم بالمقر البابوي بالعباسية، الدكتور مفيد شهاب وزير شئون مجلس الشعب. كشف هاني عزيز، مستشار البابا شنودة، أن شهاب أبلغ البابا برسالة من الرئيس حسني مبارك، مفادها أن الرئيس طلب من اللجنة المختصة بإعداد قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين، الانتهاء منه خلال شهرين. وعقب اللقاء المغلق الذي جري بينهما، واستمر قرابة النصف ساعة، عقد البابا وشهاب مؤتمرا صحفيا مصغرا رفضا خلاله تلقي أي أسئلة من الحضور، وأعلنا فيه بعضا مما دار في اللقاء. وصرح شهاب أنه تبادل مع البابا شنودة الآراء في العديد من القضايا العامة، وقال: «استمعت إلي توجيهاته وملاحظاته». وأشار الوزير إلي أن لقاءه بالبابا «ليس فقط لقيمته السياسة، وإنما للعلاقة شديدة الخصوصية التي تجمعنا منذ أن كنت رئيسا لجامعة القاهرة». وتطرق شهاب للحديث عن قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين، منوها بأن «اللجنة التابعة لوزارة العدل المكلفة بإعداده، قطعت شوطا جيدا في عدة مواد منه، ومستمرة في عملها بنشاط». واثني علي مشروع القانون المقدم من الكنيسة، مؤكدا أن مسودته الأولي تم إعدادها بعناية. من جانبه وصف البابا شنودة، الوزير مفيد شهاب ب«الذكاء والتواضع والتفاني في خدمة البلد»، مشيرا إلى أنه «يقدر موقف الكنيسة تماما في قضاياها الهامة المتعلقة بالعقيدة». ووجه البابا الشكر للرئيس مبارك ل«سعيه الدائم إلي حل مشاكل الكنيسة، والعمل علي تذليل الصعاب التي تواجهنا، وتفهم موقفنا الرافض لمخالفة الشريعة». وأكد: أن «القرار الصادر برفض الزواج الثاني للمطلقين الأقباط لا رجعة فيه، والدولة تشجعنا من منطلق احترامها لعقيدتنا»، وقال: «أعتقد أن قانون الأحوال الشخصية الموحد سيصدر هذه المرة من قبل الدولة نفسها ولن يتضمن أي شيء ضد شريعتنا». وصرح البابا عقب توديعه لشهاب بأنه لن يوافق مطلقا علي الاعتراف كنسيا بالزواج المدني، وقال «من يتزوج مدنيا.. يوثق زواجه مدنيا». وبرر البابا موقفه من حذف فصل التبني من القانون دون الرجوع إلي باقي الكنائس، إلي أن التبني يخالف الشريعة الإسلامية، وانه لا يريد أن يدخل في صدام قانوني مع «إخوتي المسلمين». ورفض البابا فكرة قبوله دعوة العلمانيين الأقباط لحضور مؤتمرهم، متسائلا من الذي يتبع من؟ وقال «هم من يتبعني لذلك أنا من أوجه الدعوة وليسوا هم». وقال مستشار البابا: إن شهاب أبلغ البابا شنودة خلال اللقاء رسالة من الرئيس مبارك، مفادها أن الرئيس طلب من اللجنة سرعة إعداد المشروع بعدما علم أن اللجنة لم تدرس حتي الآن، سوى 9 مواد من أصل 192 مادة بالقانون. وأضاف: «الرئيس أمر بأن يتم الانتهاء من المشروع نهائيا في مدة أقصاها شهرين من الآن». وأوضح عزيز أن شهاب أكد للبابا، أن القانون بذلك سينتهي في فترة أجازة مجلس الشعب، وأنه لديه خياران: الأول أن يقدم القانون إلي الرئيس للتوقيع عليه واعتماده، أو الانتظار لانعقاد المجلس والموافقة عليه. وذكر عزيز أن «البابا أوضح أن طريقة إصدار القانون شأن حكومي لن يتدخل فيه، وان ما يهمه سرعة إصدار القانون، وألا يكون به ما يخالف الإنجيل». من جهة أخري شدد البابا خلال عظته الأسبوعية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية أمس علي أن «الشريعة لا تتغير بتغير الزمن»، منتقدا في الوقت ذاته بعض الكتاب والمفكرين المطالبين بضرورة «مواكبة الشريعة وأحكامها للتغير الزمني والتطور المدني». وقال: «إن كلام الرب يبقى على مدى العصور والأيام، وسنظل متمسكين بشريعتنا التي وضعها لنا المسيح ولن نغيرها على مر السنين». وانتقد البابا المعارضين له في موقفه من رفض الزواج الثاني للمطلقين، وقال: «هؤلاء الأشخاص يريدون تفسير الإنجيل علي هواهم الشخصي، ولكننا ملتزمون بتعاليم الإنجيل، ولا يجوز إرضاء هؤلاء الناس على حساب الشريعة». وهاجم البابا احد القساوسة الإنجيليين والذي أعلن أن «منع الزواج الثاني يعتبر تحريما لما حلله الله»، وطالبه بأن يأتي له بآية واحدة يحلل فيها الإنجيل الزواج الثاني. وأوضح أن المسيحية لا تسمح بالزواج الثاني إلا في حالة وفاة أحد الطرفين، ولكنها تمنع زواج المطلقين المخطئين، منوها بأن الفرق بين الزواج الكنسي والمدني أن الأول «زواج يجمعه الرب بطقوس دينية واضحة وصريحة، ولا يمكن أن يفرقه إنسان، على عكس الثاني فإنه يتم عن طريق التوثيق بالشهر العقاري، ويلغي بإلغاء هذا التوثيق».
