رغم أن المونديال حلم ممتد بالبهجة على مدى أيامه ما بين الحادى عشر من يونيو الحالى وحتى الحادى عشر من يوليو المقبل فإن بعض الظواهر التى اقترنت بالعرس الكروى العالمى مثل ازدهار تجارة سلع المونديال المزورة قد تدفع البعض للقول: «كم من الجرائم ترتكب باسم الساحرة المستديرة»! وقال فيش نايدو المتحدث باسم شرطة جنوب أفريقيا إن تزوير تذاكر مونديال 2010 «مستحيل» موضحاً للصحفيين أنه فى كل تذكرة سبع خصائص أمنية تمنع تزييفها أو نسخها كما أنه لن يكون بمقدور أحد أن يشترى تذاكر من السوق السوداء. فالتذاكر المبيعة لا يمكن أن يعاد بيعها لأنها تباع فى المنافذ بجنوب أفريقيا باسم الشخص وباستخدام الهوية الشخصية فلا يستطيع شخص آخر أن يستخدمها، وبعيداً عن الاحتياطات الأمنية الصارمة بشأن تذاكر كأس العالم فإن الطريق نحو مونديال 2010 يشهد ازدهاراً لتجارة السلع المغشوشة والمنتجات المقلدة فى عدة دول أفريقية من بينها الدولة المضيفة لبطولة كأس العالم حيث ذكرت الشرطة فى جنوب أفريقيا أنها ضبطت سلعاً مغشوشة تحمل علامات مزورة ذات صلة بالمونديال وتبلغ قيمتها نحو 14 مليون دولار وذلك فى عدة محال أمنية منذ مطلع العام الحالى. وفى سياق استشراء ظاهرة استغلال العرس الكروى العالمى للتربح عبر ممارسات التزوير والغش- تحدثت وسائل إعلام عالمية عما يحدث فى مدينة مثل إبيدجان عاصمة كوت ديفوار «ساحل العاج» حيث تباع «الملبوسات المضروبة» أو المغشوشة والتى تحمل شارات وعلامات ورموزاً لمنتخب الأفيال، وفى مقدمة هذه الملبوسات الزى الرياضى للاعبين. وإذا كان سعر الطاقم الأصلى للزى الكامل الذى سيرتديه اللاعب فى مباريات المونديال يصل إلى 88 دولاراً فى مدن الغرب و75 دولاراً فى المدن الأفريقية مثل إبيدجان وجوهانسبرج وبريتوريا فان «الزى المقرصن» أو المغشوش يمكن لأى شخص أن يشتريه من باعة فى قلب عاصمة كوت ديفوار بمبلغ لا يزيد على 5 دولارات. ولأنها ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب والأبعاد فإن ثمة من يطرح أسئلة مثل: «ألا توفر هذه السلع المقرصنة والمقلدة بل المغشوشة الفرصة الفقراء ومحدودى الدخل ليبتهجوا بالمونديال:!.. ومن أين لمشجع إيفوارى محدود الدخل لمنتخب الأفيال ال75 دولاراً ليشترى لأحد أبنائه الزى الأصلى للاعبى منتخبه الوطنى الذى يشجعه الإيفواريون لحد الهوس.. أليس من حق الفقراء أن يشعروا ببهجة المونديال»؟! وربما كانت مثل هذه الأسئلة تشكل القوة الدافعة لازدهار ظاهرة السلع المغشوشة والمقرصنة فى سياق الاستعداد لمونديال جنوب أفريقيا 2010 ومع ذلك فإن الأمر يثير تساؤلات أخلاقية بقدر ما ينطوى على ضرر فادح بالشركات التى أنتجت أصلاً هذه السلع والمنتجات. وإن كان من المشروع بل المطلوب الاستفادة من «موسم المونديال» لتحقيق الربح فإن الأمر المستهجن حقاً أن يتحقق هذا الربح عبر التزوير أو غش المنتجات وتقديم سلع مقلدة بأسعار زهيدة لكنها رديئة للغاية كما هى الحال فى أطقم الأزياء الرياضية والملبوسات التى تباع فى قلب إبيدجان ويعتقد بعض المشترين من أصحاب النوايا الحسنة أنها منتجات أصلية. ودخل الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» كطرف أصيل فى هذه القضية المعقدة ليرفع عشرات القضايا أمام المحاكم بشأن جرائم تزوير لمنتجات وسلع تحمل علامات المونديال من بينها أكثر من 100 قضية فى جنوب أفريقيا وحدها. ومع ذلك ستجد أصواتاً تتردد هنا وهناك بقوة مؤكدة أن على الفيفا الاهتمام بقضايا أكثر خطورة وإلحاحاً مثل ظاهرة «مهربى الكرة التى تحولت إلى دموع فى عيون أفريقيا» رغم الوعود الخلابة والكلمات المعسولة التى تتحدث عن مليارات الدولارات سيمطرها الشمال الغنى على القارة السمراء بفضل كنوزها الكروية!. ورويداً رويداً تحول الضحايا من أطفال أفريقيا إلى وصمة عار على جبين الشمال الغنى على حد وصف صحفيين أوروبيين تصدوا لفضح هذه الظاهرة مثل الصحفى كليف مايرى الذى سعى لتسليط أضواء كاشفة على «ظاهرة مهربى الكرة فى القارة العجوز» فيما لا يحرك الفيفا ساكناً.