لاجئ سبعينى لأولاده بعد 62 عاما من التشريد بين مخيمات النازحين: وصيتكم العودة!

بينما تحتفل إسرائيل بتأسيس دولتها على أنقاض القرى والمدن الفلسطينية قبل 62 عاماً، يستذكر الفلسطينيون تلك المرحلة بمزيد من الألم والجرح الذى لم يندمل بعد، خصوصاً أن هجرتهم التى ظنوا أنها لن تزيد على أيام محدودة تحولت إلى قضية لجوء دائم.
الحاج كامل راضى (75 عاماً)، واحد من ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين مازالت تفاصيل النكبة ملتصقة فى مخيلتهم بكل ذكرياتها المؤلمة، إذ اضطر إلى الهجرة من قرية «الجورة» الوادعة على شاطئ البحر المتوسط إلى قطاع غزة فى رحلة حفها الموت من كل جانب.
وفى أزقة مخيم خان يونس جنوب القطاع، التقت «المصرى اليوم» الحاج كامل فى منزل صغير بأحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين للحديث عن المناطق التى هجروا منها عام 1948، إذ لا يمل من تكرار الحديث عن البيارات الجميلة وصيد السمك، والأيام الجميلة التى كان يقضيها مع أهل القرية قبل أن تهاجمهم عصابات «الهاجاناة والآرجون».
وقال: «كانت حياتنا بسيطة وجميلة، نصطاد قليلا من السمك، ونزرع القمح والذرة والشعير لنأكل منها طوال العام».
وقبل أن يستطرد الحاج كامل فى حديثه، يشيح بوجهه عنا ليخفى دموعه التى سالت بمجرد أن بدأ يسترجع من قاموس ذاكرته مشاهد الموت والدماء والتشريد، ثم ما هى إلا لحظات ليعود وقد سالت الدموع على لحيته البيضاء قائلاً: «فجأة ودون سابق إنذار بدأت القذائف تنهال على بيوتنا من كل اتجاه، والجميع بدأ يصرخ ويحاول حمل قليل من أمتعته، لنسير بين المنازل المحترقة والجميع أصبح لا يعرف إلى أين يتجه، لأن النار كانت تحيط بنا من كل حدب وصوب».
وأضاف: «كان والداى يبكيان وهما يشاهدان النيران تحترق فى المنازل والمزارع، فقررا الهروب تجاه غزة مشياً على الأقدام حتى وصلناها صباح اليوم التالى».
أكملت عائلة الحاج كامل مسيرة التشريد حتى انتقلت من مدينة غزة إلى خان يونس فى جنوب القطاع، وهناك صنعت لنفسها كوخاً من عسف النخيل لتؤوى صغارها بصورة مؤقتة، على أمل العودة بعد أيام قلائل لكن الواقع خالف التوقعات».
ولا ينقطع الأمل عن الحاج كامل فى العودة إلى «الجورة»، علّه يستنشق هواءها أو يقطف من ثمارها قبل أن يلاقى ربه، لكنه يوصى أحفاده الذين التفوا حوله: «هذه وصيتكم.. العودة إلى حيث أرض أجدادكم، فحقكم فى العودة لن تحرموه مهما طال الزمن».