أعلنت البرتغال وإسبانيا عن حزمة إجراءات تقشفية جديدة ترمى لوضع حد للعجز فى الميزانية وبهدف تهدئة المخاوف الأوروبية من احتمالات تكرار سيناريو أزمة الديون اليونانية، التى اعتبرها خبراء اقتصاديون جرس إنذار للاقتصاد الأمريكى، الذى يعانى عجزا كبيرا فى الموازنة. تزامن ذلك مع فتح الإدارة الأمريكية نيران الاتهامات على 12 مصرفا أمريكيا وأوروبيا عالميا بتهمة التلاعب بنشر معلومات وبيانات مضللة لرفع تقييمها المالى فى خطوة زادت من حدة أزمة الرهن العقارى التى كانت سببا رئيسياً فى اندلاع الأزمة المالية التى يعانى الاقتصاد العالمى من وطئتها حتى الوقت الحالى. وتعهدت إسبانيا والبرتغال، الدولتان الأكثر عرضة للتأثر بأزمة الديون فى اليونان، لشركائهما فى منطقة اليورو ببذل جهود إضافية للحد من العجز، خلال عامى 2010 و2011. ففى مدريد أعلنت الحكومة عزمها إجراء مزيد من التخفيضات تقدر ب50 مليار يورو فى محاولة للحد من عجز الموازنة من 9.2% إلى أقل من الحد المسموح به فى الاتحاد الأوروبى والذى يبلغ 3% بحلول 2013. وبجانب تخفيض رواتب القطاع العام تتضمن الإجراءات الجديدة تخفيض رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة 15% والإبقاء على جزء من مبالغ التقاعد خلال العام المقبل دون تغيير وخفض الاستثمارات العامة والإنفاق المحلى والإقليمى والمساعدات التنموية. وإزاء هذه الإجراءات التقشفية، دعا اتحاد النقابات العمالية فى إسبانيا أمس الأول، إلى تنظيم إضراب عام لعمال الحكومة والقطاع العام يوم 2 يونيو المقبل. واعترف رئيس الوزراء لويس ثاباتيرو أمام البرلمان بأن الاقتصاد الإسبانى سيتعافى من الأزمة بوتيرة أبطأ من المتوقع وأنه سيجرى تخفيض رواتب القطاع العام بنسبة 5% خلال 2010 وسيتم تجميدها خلال العام المقبل. أما فى البرتغال، فتعتمد الإجراءات التقشفية على زيادة الضرائب وخفض النفقات، وقال رئيس الوزراء جوزيه سقراطيس إن الحكومة تريد خفض عجز الميزانية من 9.4% إلى 7.3% من إجمالى الناتج المحلى خلال العام الحالى ثم إلى 4.6% العام المقبل. وتأمل البرتغال فى خفض عجز الميزانية إلى الحد الأقصى المسموح به لدول منطقة اليورو، وهو 3% من إجمالى الناتج المحلى عام 2013. قالت الحكومة إنها ستزيد ضريبة القيمة المضافة بنسبة نقطة مئوية وضريبة الدخل بنسبة نقطة ونصف، بجانب خفض أجور موظفى الحكومة ورؤساء الشركات العامة بنسبة 5%. وتمثل الزيادة الجديدة فى الضرائب والتى ستطبق على الشركات ذات الدخل المرتفع نقضا لتعهد سابق من جانب الحكومة بعدم المساس بالضرائب فى إطار محاولاتها للحد من عجز الميزانية. ودعا رئيس الوزراء الشعب البرتغالى إلى «تفهم» أن الإجراءات ضرورية لكى «ندافع عن اقتصادنا واقتصاد أوروبا». ومن أزمة الديون إلى البنوك، اتهمت الولاياتالمتحدة 12 مصرفا أمريكياً وأوروبياً بتضليل المستثمرين ووكالات التصنيف المالى. وفتحت النيابة الفدرالية الأمريكية بالتعاون مع سلطات البورصة، تحقيقا جنائيا أوليا يهدف إلى تحديد ما إذا كانت هذه المصارف خدعت زبائنها بشأن سندات على علاقة بسوق العقارات الأمريكية، التى انهارت فى 2007 وتقديم معلومات غير صحيحة لوكالات التصنيف المالى، أدت إلى رفع التقييم المالى لهذه المصارف، وبالتالى شجعت عددا كبيرا من المستثمرين على شراء سندات عقارية. وتعتبر هذه الممارسات عاملاً رئيسياً وراء انهيار هذه البنوك ما أدى لانتكاسة نظام الإقراض العقارى فى أمريكا والعالم، والتى أوقعت النظام المالى العالمى فى أزمة طاحنة، مازالت تداعياتها جاثمة على اقتصاديات دول كثيرة حتى الآن. وأبرز البنوك محل الاتهام «جولدمان ساكس» و«مورجان ستانلى» و»سيتى جروب» و«جى بى مورجان تشيز» والمصرفين السويسرى «يو.بى.إس» والألمانى دوتيش بنك، قد تكون معنية بهذا التحقيق. تلقت هذه المؤسسات المصرفية إخطارات للمثول أمام لجنة ضبط البورصات الأمريكية فى إطار تحقيق حول تعاملات المصارف فى هذه السندات الشهيرة. وفى كلمة بشأن الاقتصاد الأوروبى وسط أزمة الديون اليونانية، قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما إنه يحادث الزعماء فى أوروبا لمناقشة الإجراءات القوية التى اتخذوها بالفعل، للحفاظ على قوة اقتصادهم وعملة اليورو. وعن الاقتصاد الأمريكى قال «إنه يسير دون شك فى الاتجاه الصحيح»، وأقر أوباما بأن سوق العمل لاتزال تعانى من تبعات الانكماش الاقتصادى. وأضاف: «لكن يمكننى القول إنه من دون شك نسير فى الاتجاه الصحيح»، ناسبا هذا التقدم إلى سياسة التحفيز التى أطلقتها حكومته. وذكر أن «هذه الإجراءات الصعبة التى اتخذناها تعمل. على الرغم من المتشائمين وأن اقتصادنا يسجل نموا من جديد. عربياً، كشفت إحصائيات حديثة أعلنتها جامعة الدول العربية فى افتتاح مؤتمر بعنوان «التكامل العربى فى مجال تطوير التعليم الزراعى وأهميته فى تحقيق الأمن الغذائى العربى» فى تونس أن فاتورة «الفجوة الغذائية» فى العالم العربى بلغت حوالى 22.5 مليار دولار أمريكى خلال 2008 وحدها.