أسوأ شىء أن تتطوع بتقديم نصيحة لصديق لم يطلبها منك.. وأسوأ من ذلك أن تأتى نصيحتك لا توافق هوى صديقك، الذى يعيش واحدة من أسعد أوقات حياته وكل من حوله يشيدون بنجاحه وعبقريته وحكمته.. وفجأة تأتى أنت بنصيحتك ومطالبك وحديثك الجاد عن الحاضر والمستقبل فتبدو النغمة النشاز وسط أوركسترا النفاق والزيف والمديح.. ولن يمنعنى ذلك من أن أتقدم بالنصيحة للصديق العزيز.. المهندس فرج عامر، رئيس نادى سموحة، الذى لايزال يحتفل وسط الكثيرين بتأهل سموحة للدورى الممتاز لأول مرة فى تاريخه.. وأنا بالتأكيد لا أود أن أسرق من فرج عامر فرحته واحتفالاته الصاخبة بهذا النجاح الكروى الرائع.. إلا أننى بدأت ألاحظ أن الناس حول فرج عامر «الجديد» نجحوا فى أن يسرقوا منه فرج عامر «القديم».. بدأوا يجعلونه يتحدث عن قناة تليفزيونية لسموحة.. وعن لاعبين أجانب أكد له وكلاء لاعبون آفاقون أنهم سيأتون بهم من أدغال أفريقيا وشواطئ أمريكا اللاتينية.. وعن أشياء أخرى لا قصد من ورائها إلا استنزاف فرج عامر قدر المتاح والمستطاع.. والمثير فى الأمر أن فرج عامر أذكى منهم جميعا.. رجل لم يولد فى قصر ولم يعرف تلك الحياة المرفهة والناعمة.. وإنما هو الصعيدى الجدع من أسوان الذى ذاق كل مرارات الدنيا قبل أن ينجح، وعايش كل عذاباتها قبل أن ترسو سفينته على شاطئ الثروة والقوة والنفوذ.. ورجل بهذه المواصفات يصعب جدا أن يخدعه أحد.. لكن يبدو أن فرج عامر يعيش حالة فقدان توازن سبق أن عاشها كثيرون جداً فى لحظات نجاحهم وفرحتهم، فكانت القرارات الخاطئة والحسابات المدمرة.. ولا أخفى سراً أننى كنت ولاأزال أراهن على أن يقدم فرج عامر تجربة جديدة واستثنائية وشديدة الخصوصية مع سموحة فى الدورى الممتاز.. سواء وهو يضع أسساً مالية محكمة لناد يلعب الكرة فيكسب منها وليس يستدين أو يتوسل دعم الآخرين لينفق عليها.. أو وهو يبنى شعبية وجماهيرية لناد جديد فيخلق له حالة خاصة من الانتماء الذى يخلق جمهوراً فيأتى الجمهور بالسند والقوة والإعلام والدعم والبقاء فى الأضواء.. لكننى لم أعد أثق فى رهاناتى.. ففرج عامر بدأ يسلك نفس الطريق الذى سبق وسار فيه كثيرون قبله.. يصعدون للممتاز فتبدأ مرحلة الترقيع وشراء لاعب من هنا واستئجار لاعب من هناك والاعتماد على موظفى الشركة ومصانعها بدلاً من قاعدة جماهيرية حقيقية، وسلخ سموحة من بيئته السكندرية ليصبح مجرد ناد جديد فى مصر للمرتزقة المحترفين ومصدراً للمكسب ينهش لحمه سماسرة اللاعبين وسماسرة الإعلام أيضا.. وأنا الآن أرجو من فرج عامر أن يهدأ قليلا وأن يغلق عليه بابه قليلا وأن يفكر قليلا.. أرجوه أن يبتعد عن جميع المستشارين الإعلاميين بجميع أشكالهم ويطرد كل وكلاء اللاعبين ويجدد ثقته فى لاعبيه الذين صعدوا به للممتاز، وأن يعلن سموحة نادياً لكل الإسكندرية.. فهذا هو الرهان الحقيقى الذى لابد أن ينجح. [email protected]