بهدوء، مر المؤتمر الدائم ال17 للوسائل السمعية والبصرية فى حوض البحر المتوسط «كوبيام»، الذى عقد فى باريس 8 – 11 أبريل، دون أن يسمع عنه الكثيرون فى القاهرة، رغم الضجة السياسية التى رافقته فى عاصمة النور، قبل نحو 10 أيام من مؤتمر «المعرفة» التابع ل«كوبيام»، والمقرر فى القاهرة اليوم. جاء الاهتمام الفرنسى «السياسى» بهذا الحدث «الثقافى»، على المستوى «السامى» للرئيس نيكولا ساركوزى، وبرعاية خاصة قادتها الدبلوماسية الفرنسية الخارجية بنشاط فى مختلف دول الشرق الأوسط، من تونسوالجزائر والمغرب، إلى مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل. وعلى مدار 3 أيام، بحث مهنيون وإعلاميون، دور وسائل الإعلام المسموعة والمرئية فى تشجيع التبادل الثقافى والحضارى بين دول شمال وجنوب المتوسط، سابحين فى فضاء سمعى وبصرى يهدف لتحقيق 3 مشروعات رئيسية، هى إنشاء «جامعة»، وإطلاق موقع إلكترونى، وتدشين قناة تليفزيونية متعددة اللغات، هى الأكثر طموحا بين المشاريع الثلاثة. أما اليوم الرابع، فقد احتفى فيه المنظمون ببيان ختامى، تبنى – بالإجماع– إطلاق القناة. وفى حين لم يبد أحد أى من المصوتين أى ملاحظات، أعرب د. رياض نجم، رئيس اتحاد الإذاعات العربية «آسبو» عن تخوفه مما وصفه ب «دس السم فى العسل»، قائلا ل «المصرى اليوم» إن النص على بث القناة عبر «جميع الدول الأورو-متوسطية، شمالها وجنوبها»، يفرض إسرائيل على كل دول المنطقة المرتبطة بهذا المشروع. كانت إسرائيل عضوا فى «كوبيام» منذ إعلانه عام 1996، لكنها خرجت، وفى قول آخر «انسحبت» عام 1998، بعد «ضغوط عربية» رفضت إدماجها ضمن دول المنطقة، وذلك رغم مشاركة «بيلى سيجال»، مدير قسم الأرشيف فى الإذاعة الإسرائيلية (آى. بى. إيه)، فى اجتماعات «كوبيام» الأخيرة فى باريس. وبعد خروج إسرائيل، أصبحت الدول الأعضاء هى: فلسطين، والأردن (بالنظر لدورها اللاعب فى الضفة الغربية)، ولبنان، ثم مصر وليبيا وتونسوالجزائر والمغرب وموريتانيا، وألبانيا وقبرص وكرواتيا وإسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا ومالطا والجبل الأسود والبرتغال ورومانيا وسان مارينو وصربيا وسلوفينيا وسويسرا وتركيا. ويلاحظ هنا أمران. أولا أن بعض هذه الدول لا يطل على حوض المتوسط، وثانيا، غياب سوريا، الذى اكتفى إيمانويل هوج، رئيس «كوبيام»، بالتعليق عليه متسائلا «لا أعلم لماذا لم ينضم السوريون إلينا، لم يكن هناك الكثير من الحديث حول هذا الأمر». وبالتأكيد على أهمية العلاقة التبادلية بين دول الحوض، وأهمية برامج التدريب التى تقدمها دول الشمال، ثم بسؤاله عن طبيعة المكاسب المقابلة التى يمكن أن تجنيها هذه الدول من نظيراتها فى الجنوب، قال هوج «يجب ألا نفكر فى مصالح كل طرف منفصلا، وإنما فى مصلحتنا كجماعة متكاملة، علاقات التعاون متبادلة، ولدينا 10 مشروعات تعاون». من جانبه، قال محمد أحمدين، رئيس مركز المعلومات فى التليفزيون المصرى، الذى شارك فى الاجتماعات «نحن نسعى للدخول فى ذاكرة المتوسط عبر مشروع لأرشفة التراث القديم والحديث ليتم تبادله فى الدول العربية». أما أليساندرا باراديزى، الأمين العام ل «كوبيام»، فقد أكدت أن كلا الجانبين مستفيد وأضافت «أعلم أن بعض المنتقدين يتصورون أن فكرة هذا المؤتمر شمالية فقط، لكنى أؤكد لك أن الفكرة مشتركة وخرجت من القاهرة عام 1996، ونحن لا نجبر أحدا على الانضمام إلينا». وتعليقا على ماهية التبادل بين الشمال والجنوب، رأى مصدر عربى - رفض ذكر اسمه - أن الشمال يقدم بالفعل مشروعات تنموية وثقافية، لكنه ينتظر بالمقابل مواقف سياسية تتغاضى عن إدماج إسرائيل بذريعة التعاون المهنى. وقال: «منذ تأسيس كوبيام 1996، كان هناك اتفاق عرفى لإعطاء الرئاسة للجنوب، تولتها مصر ثم الجزائر، وهى تمثل الجانب الشرفى، فى حين يتولى الشمال الأمانة العامة، التى تشكل الإدارة الفعلية، وتتولاها الآن إيطاليا». لكن المصدر تحدث عن إتمام «صفقة» أثناء رئاسة الجزائر، انتقلت بموجبها الرئاسة من الجزائر إلى فرنسا، لتدير دول الشمال منذ ذلك الحين جناحى «كوبيام». وبينما تطرقت الأمين العام الإيطالية خلال المؤتمر إلى أن «السلام فى الشرق الأوسط ممكن، طالما آمنا به»، أكد رئيس اتحاد الإذاعات العربية أنه «لا ولن يتحقق السلام عبر كوبيام، طالما استمر الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى». وشدد على أنه بالرغم من أن «كوبيام» تحرك مهنى بحت، إلا أنه يهدف بالنهاية إلى إحياء الاتحاد من أجل المتوسط وتفعيله، وأردف «نحن نشجع تقارب الثقافات والعادات، لكن نصر على عدم خلط الأوراق، نتمسك بالنواحى الثقافية والحضارية، لكن السلام لن يأتى إلا بحل الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، وليس عبر كوبيام».