«هو المكفوف مش ليه حق زى أى إنسان»، صرخة أطلقها رجب محمد رضا، أحد الفائزين بمسابقة معرض العلوم والهندسة ISEF Egypt بالمركز الأول فى محافظة المنيا، ورغم أنه مكفوف إلا أنه لم يمتنع عن المشاركة ليحصل على الجائزة عن ابتكاره الخاص فى «مجال صيانة التليفون المحمول» وفاز رضا بالجائزة ليس لأنه كفيف، ولكن لأنه صاحب اختراع جديد تحكى تفاصيله السطور التالية: «أنا شخص عادى، عمرى 21 سنة، كفيف، إيه المانع أن ابتكر وأبدع؟».. هكذا بدأ رجب مهندس الهاردوير حديثه عن اختراعه قائلاً «معرفش حاجة عن الموبايل غير إنه جسم صلب فى إيدى بس فيه إمكانيات عالية جداً». تبدأ قصة رجب، من المنيا، بمدرسة النور للمكفوفين، التى قضى بها معظم سنوات دراسته ليكتشف أحد الأعطال فى موبايل المعلمة، ويبدأ فى فك الجهاز ومحاولة إعادة تركيبه عن طريق حاسة اللمس، يفشل، ولكنه يعاود المحاولة مرات عديدة إلى أن يحقق هدفه باقتحامه هذا العالم المجهول، ليصبح أشهر مهندسى الصيانة فى المنيا. رغم صغر سنه، إلا أنه كان تلميذاً شاطراً، كما يصف نفسه، استطاع أحد رجال القرية تعريفه على مكونات الجهاز عن طريق بعض قطع «الفل والاسفنج» والتى كان يستخدمها لطبع المكونات عليها، لكى يتحسسها ويتعلم الأخطاء والعيوب. قال رجب، تعلمت الكثير والكثير على مدى عامين تحسست جميع الأجهزة للتعرف على العيوب ومحاولة إصلاحها، وعادة ما تكون عيوب سماعة أو موبايل وقع فى المياه أو حتى «بوردة» محروقة وفى البداية كنت أصلح عيوب الأجهزة مجانا. «اوضتى هى ورشتى» هكذا يصف رجب حياته ويومه، الذى يبدأ من الساعة 7 صباحاً وينتهى مع أول ساعات الليل، ولكن يومى الخميس والجمعة للتصليح وعادة ما يكون الأصحاب لهم النصيب، أما الآخرون فكنت أتقاضى منهم أجوراً رمزية، لا تتعدى 5 جنيهات. ولكن اختراعه يدور حول «ICU» بالمعالج وهو أحد مكونات البوردة بجهاز المحمول، والذى عادة ما يسبب تلفه احتراقاً للموبايل وحدوث مفرقعات، وهناك مادة تستخدم فى انتزاعه وتغييره، ولكنها مرتفعة الثمن تصل إلى 150 جنيهاً، للجرام الواحد، ولكنه استطاع أن يبتكر مادة جديدة تساعد على نزعه وتغييره، تبلغ قيمتها 2.5 جنيه، متمنياً أن يتم تطبيقها، ورغم كابوس الإحباط الذى كان يحيط به، إلا أنه يتمنى الحصول على «لاب توب» وفلاش نت ومنحة ICDL من وزير التعليم، لكى يكمل طريقه فى صيانة الهاردوير. أما بيتر رمسيس فرنسيس الفائز بالمركز الأول فى مجال علوم الكمبيوتر لتطويره «برنامج ناطق للمكفوفين»، فبدأ الأمر لديه بالتحدى، عندما حرم من لاب توب كجائزة لحصوله على المركز الأول على مستوى المحافظة فى الصف السادس الابتدائى، لأنه كفيف، ولن يتمكن من استخدامه، ليصبح هذا الموقف نقطة تحول فى حياته. قال رمسيس: اعتمدت على أخى الأكبر فى تعليمى على الكمبيوتر، لأبدأ أولى خطواتى فى عالم البرمجة، من خلال تطبيقات تمكن المكفوفين متابعة كل شىء على الإنترنت، وتمكنهم من التواصل مع الآخرين دون إذلال نفسى لأحد، كنت أقضى ساعات طويلة على الإنترنت للتدريب على برنامج فيجوال بيسك، لأطور برنامج يقرأ الأيقونات باللغتين العربية والإنجليزية ليرشد المكفوف إلى ما يريده على جهازه. ويحلم بيتر بدراسة الفرنسية فى كلية الألسن حتى يتمكن من تحويل برنامجه إلى برنامج عالمى، كما يتمنى الحصول على لاب توب ومودم إنترنت. المشروعات أثلجت صدر صلاح عليوة، مدير مركز التطوير التكنولوجى بوزارة التربية والتعليم، والذى اعتبرها نواة لعلماء جدد فى مراحل عمرية مبكرة، مؤكداً أنهم قادة المستقبل الحقيقيين، كما أكد «طه خليفة» - مدير إنتل مصر- أن المؤسسة لديها اهتمام بارز بالاختراعات والمخترعين، خاصة أن التعليم لن يصبح منظومة متكاملة إلا عندما تضاف إليه الأفكار التكنولوجية الخاصة بهؤلاء المبتكرين الصغار.