تمكين المرأة وتوليها المناصب القيادية، خاصة فى سلك القضاء، تخصيص عدد من المقاعد للنساء فى مجلس الشعب، وغيرهما من القضايا غالبا ما جاءت فى قائمة أولويات الجمعيات والمنظمات النسائية خلال الفترة الماضية، وعبرت عنها من خلال العديد من الوقفات الاحتجاجية والنشرات، الأمر الذى أثار التساؤل حول مدى اهتمام تلك المنظمات بالغالبية العظمى من نساء مصر، اللاتى يغرقن فى مشاكل الأمية والفقر والسعى وراء لقمة العيش. دكتورة أمانى قنديل، مستشار المركز القومى للمرأة، أكدت أنه لابد من التمييز بين نوعين من المنظمات النسائية، الجمعيات الحقوقية النسائية التى تسعى إلى توعية المرأة المصرية بحقوقها والمنظمات النسائية الخدمية، التى تهدف إلى التمكين الاقتصادى للمرأة من خلال المشروعات الصغيرة والقروض، موضحة أن بعض المنظمات النسائية الحقوقية تفتقد الرؤية الواضحة لواقع المرأة، ويظهر ذلك بوضوح من خلال الموضوعات التى تطرحها أجندتها ومستوى الخطاب المستخدم. يذكر أن التقرير العربى الذى يرصد تقدم جهود الجمعيات الأهلية بالتضامن مع الحكومات، أشار إلى وجود 144 جمعية مهتمة بشؤون المرأة فى مصر من أصل 2000 جمعية أهلية، وأن أعدادها تضاعفت 3 مرات خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة. وأن أنشطتها تتنوع ما بين مشروعات تهدف إلى تمكين المرأة وزيادة مشاركتها فى مواقع صنع القرار، وبين التمكين الاقتصادى للمرأة وتقديم قروض ميسرة لها. وأشار التقرير إلى أن التمويل يعد من أهم المعوقات التى تواجه تلك الجمعيات، فهو من جهة ضعيف بالمقارنة بما تحصل عليه الحكومات من تمويل، إذ تستأثر الأخيرة بالنصيب الأكبر من الجهات المانحة، ومن ناحية أخرى يرتبط بأولويات الأنشطة، التى قد تفرضها الجهات المانحة حسب ترتيب الأولويات فى الأجندة الخاصة بها. وقد انتقدت دكتورة أمانى قنديل بعض التيارات التقليدية التى تعتبر وضع المرأة على أجندة الأولويات هو ناتج عن أجندة غربية، وأوضحت أن اعتماد نسبة كبيرة من المنظمات النسائية على المنح والتمويل الخارجى يثير الجدل حول تبنيها أجندة أجنبية إلا أنها تعتبر أن جدول القضايا التى تتبناها تلك الجمعيات لا يُختلف على أهميته، وإن كانت تعتبر أن عدم وجود استدامة فى الأنشطة لتوقفها على طرف مانح من أكبر نقاط ضعف تلك المنظمات، كما تواجه تحديات ثقافية كبيرة وعادات موروثة وقوانين لا تحترم على أرض الواقع. فى مجتمع تحتل المرأة المعيلة فيه نسبة 34% وفقا لإحصائية حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ترى ما مطالب واحتياجات تلك المرأة؟.. سؤال طرحناه على هالة عبدالقادر، المدير التنفيذى للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، لتؤكد أن التمكين الاقتصادى للمرأة يأتى على رأس الأولويات، فالمرأة التى تعانى من مشقة الحصول على قوت يومها لن تشغلها كوتة المرأة فى مجلس الشعب أو تعيين المرأة فى منصب القضاء، والتى تطلق عليها قضايا الصفوة. وتعتبر هالة أن توفير المساعدات القانونية المجانية للمرأة يأتى على رأس القائمة، لأن عدم قدرتها على تكبد مبالغ فادحة قد يجعلها تتنازل عن حقها، وعلى جانب آخر يأتى التمكين المعرفى وتوعيتها بحيث تتجنب الوقوع فى الكثير من المشاكل. عزة سليمان، مدير مركز قضايا المرأة، أكدت حرص المركز على ترسيخ ثقافة ممارسة الحقوق والتحرر من الخوف والتابوهات، التى تقع المرأة أسيرة لها موضحة أن تغيير قانون الأحوال الشخصية من الأولويات، التى يركز عليها المركز، خاصة المواد التى تحوى تمييزاً صارخاً ضد المرأة. وعلى جانب آخر، أوضحت أنه فى ظل الفقر الشديد لابد من التركيز على الخدمات، التى تحتاجها المرأة وإصباغها بطابع حقوقى. أزمة النقاب الأخيرة، التى تجاهلها عدد كبير من المنظمات النسائية ولم تدافع عن حق المرأة فى ارتداء ما تريد والاهتمام المبالغ فيه ب«تاكسى السيدات» الذى طالبن بإلغائه وإلغاء عربة السيدات فى مترو الأنفاق يعكس هوة بين المنظمات النسائية واحتياجات المرأة المصرية.