سعر الذهب إلى الهبوط.. اتفاق واشنطن وبكين يربك الأسواق والأوقية عند أدنى مستوى في أسبوعين

في تطور مفاجئ هز سعر الذهب، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج، أمس، في مدينة بوسان الكورية الجنوبية، عن توافقٍ أساسي ينهي النزاعات التجارية الكبرى بين القوتين العظميين، ما أدى إلى هبوط فوري في سوق الذهب، وفي الوقت نفسه، أضاف قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض محدود للفائدة مزيدًا من القلق للمستثمرين في المعدن الأصفر.
بدأت القصة في أجواء الدبلوماسية ببوسان، حيث لم يتردد شي جين بينج في الإعلان عن «إجماع أساسي» بين الدولتين يعالج القضايا الرئيسية التي أثارت القلق العالمي خلال الأيام الماضية.
وقال «شي»، في تصريحات نقلتها روسيا اليوم، إن مجموعتينا التجارية والاقتصادية أحرزتا تقدمًا كبيرًا، مضيفًا أن الصين وأمريكا يمكنهما مساعدة بعضهما على تحقيق النجاح والازدهار المشترك.
وأكد الرئيس الصيني أن التاريخ والواقع يفرضان أن تكون البلدان شريكتين وصديقتين، مشددًا على أن نهضة الصين لا تتعارض مع رؤية أمريكا، بل يمكن أن يؤدي ذلك إلى إنجازات تعود بالنفع على الجميع.
من جانبه، قال ترامب في بداية المحادثات: سيكون اجتماعنا ناجحًا للغاية، ليس لدي شك في ذلك، ووصف «شي» بأنه قائد عظيم لبلد عظيم، متوقعًا علاقات رائعة وتدوم طويلًا، مؤكدًا توقعه خفض التعريفات الجمركية المتعلقة بالفنتانيل على الصين بنسبة 20%، ما يشير إلى خطوة عملية نحو تهدئة الحرب التجارية التي أشعلتها واشنطن منذ سنوات.
يعد هذا الاتفاق، الذي يأتي بعد أشهر من التوترات، خطوة كبيرة تعيد رسم خريطة التجارة العالمية، حيث يتوقع خبراء الاقتصاد أن يحفز النمو الاقتصادي ويقلل من مخاطر الركود، وهو ما أكده الدكتور أحمد المغاوري، رئيس لجنة التجارة والاستثمار بمنظمة التجارة العالمية، من أن العالم كله سيستفيد من التوافق بين واشنطن وبكين، وستكون له آثار إيجابية على الاقتصاد العالمي.
وأضاف المغاوري أن الذهب، الذي شهد طوابير عليه كملاذ آمن أثناء الحرب التجارية، سيظل الملاذ الآمن حتى تستقر الأوضاع، وهو أمر سيستغرق وقتًا، لكنه أكد أن التوافق من المؤكد أن يؤثر على سعر الذهب محليًا وعالميًا، مشيرًا إلى أن ارتفاعاته السابقة كانت مدفوعة ب«مخاوف غير مسبوقة».
أما في واشنطن، فقد أضاف اجتماع الاحتياطي الفيدرالي أمس، الذي استمر يومين، طبقة أخرى من الغموض، قرر الفيدرالي خفض سعر الفائدة ب25 نقطة أساس، ليصل إلى نطاق 3.75% إلى 4%، وهو الخفض الثاني في 2025، مدعومًا باستقرار التضخم وتصدعات في سوق العمل الأمريكية. وقال رئيس الفيدرالي جيروم باول، في المؤتمر الصحفي، إن الفيدرالي قد لا يخفض الفائدة مرة أخرى فيما تبقى من 2025، مضيفا أن خفضا آخر في ديسمبر ليس نتيجة مفروغا منها، بل بعيد عن ذلك، بسبب وجهات نظر متباينة بقوة داخل اللجنة.
وتصريح رئيس الفيدرالي تسبب في تحول مؤشر داو جونز من صعود 0.28% إلى خسارة 189 نقطة 0.4%، وانخفض إس آند بي 500 بنسبة 0.4%، بينما قلص ناسداك أرباحه إلى 0.1%، مدعومًا بصعود إنفيديا بنسبة 3% التي دفعَت قيمتها السوقية إلى أكثر من 5 تريليونات دولار للمرة الأولى.
وتسببت تلك القرارات في تراجع حاد في أسعار الذهب بعد إعلان الاتفاق التجاري، حيث هبط بنسبة 2% إلى أدنى مستوياته في أسبوعين عند 3939 دولاراً للأوقية، قبل أن يقلص خسائره إلى 0.13% ويعود إلى 3964 دولاراً للسبائك، مدفوعاً بارتفاع مؤشر الدولار بنسبة 0.66% إلى 99.1، الذي يضعف جاذبية الذهب كأصل غير مدر لفائدة.
وتترقب بورصة الذهب اليوم نتائج المحادثات النهائية بين «ترامب» و«شي»، لتحدد سعر أونصة الذهب بالدولار في السوق المصرية، حيث استقر اليوم عيار 21 عند 5360 جنيهاً مع توقعات بتراجع جديد خلال الساعات الماضية.
وأكد محمود رفعت الخبير الاقتصادي أن أسعار الذهب بدأت تنخفض في الساعات الماضية عقب الإعلان عن الاتفاق بين الصين وأمريكا متوقعًا انهيارا قادما قصير الأمد، ويحذر من موجة متوسطة بانخفاض، وموجة قصيرة بارتفاع، مؤكدًا أن الاتجاه العام للذهب سيكون في صعود جديد، خاصة مع توقعات بخفض سعر الفائدة في ديسمبر المقبل ما يؤدي إلى عودة مسار الذهب إلى الارتفاع من جديد.