موعد الإجازة الرسمية المقبلة في مصر للقطاع العام والخاص (5 أيام بأكتوبر عطلة أسبوعية)    بحضور وزير الزراعة السوري.. «سويلم» يفتتح الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 لموظفي الحكومة في مصر    قمة شرم الشيخ للسلام.. شهادة دولية على ريادة مصر وصوتها العاقل في الشرق الأوسط    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    من البيت.. رابط استخراج الفيش الجنائي مستعجل من الإنترنت (الأسعار والخطوات)    «شغلوا الكشافات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم في مصر مع تحركات الأسواق العالمية    ترامب يعلن عزمه لقاء زيلينسكي في البيت الأبيض الجمعة المقبلة    طقس خريفي معتدل يسيطر على أجواء مصر اليوم.. وأجواء مائلة للبرودة ليلًا    النادي المصري يُثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني    عاكف المصري: قمة شرم الشيخ أكدت أن مصر الحارس الأمين للقضية الفلسطينية وخط الدفاع الأخير    رئيس مدغشقر يغادر البلاد دون الكشف عن مكانه    عماد النحاس يكشف عن رأيه في حسين الشحات وعمر الساعي    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    بريطانيا توجه رسالة شكر إلى مصر بعد قمة شرم الشيخ للسلام    سمير عمر: البوصلة لحل الدولتين عربية وإسلامية.. ومن الخطأ اعتبار أمريكا وحدها اللاعب الرئيسي    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي التوليدي يعيد تشكيل العملية التعليمية    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    أسعار الطماطم والبطاطس والخضار بالأسواق اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    «اختياراته تدل على كدة».. رضا عبدالعال ينتقد حسام حسن: يحلم بتدريب الأهلي    «بين الأخضر وأسود الرافدين».. حسابات التأهل لكأس العالم في مجموعة العراق والسعودية    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    ترامب: لا أعلم شيئًا عن «ريفييرا غزة».. ووقف إطلاق النار «سيصمد»    مدير منظمة الصحة العالمية يعلن دخول 8 شاحنات إمدادات طبية إلى غزة    «الإسكان»: 54 ألف حساب لأصحاب «الإيجار القديم» في أول يوم تقديم    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    شاهد سقوط مفاجئ لشجرة ضخمة على سيارة بمنطقة الكيت كات    توفير أكثر من 16 ألف يومية عمل ضمن اتفاقية تحسين مستوى المعيشة بالإسكندرية    «شرم الشيخ» تتصدر مواقع التواصل ب«2 مليار و800 ألف» مشاهدة عبر 18 ألف منشور    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    لا تدع لسانك يسبقك.. حظ برج العقرب اليوم 14 أكتوبر    إسعاد يونس: خايفة من الذكاء الاصطناعي.. والعنصر البشري لا غنى عنه    بعد استبعاد أسماء جلال، هنا الزاهد مفاجأة "شمس الزناتي 2"    أحمد التايب للتليفزيون المصرى: مصر تحشد العالم لدعم القضية الفلسطينية    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    4 طرق لتعزيز قوة العقل والوقاية من الزهايمر    هتشوف فرق كبير.. 6 مشروبات واظب عليها لتقليل الكوليسترول بالدم    التفاح والقرنبيط.. أطعمة فعالة في دعم صحة الكلى    علماء يحذرون: عمر الأب يحدد صحة الجنين وهذا ما يحدث للطفرات الجينية في سن 75 عاما    قرار جديد للشيخ سمير مصطفى وتجديد حبس صفاء الكوربيجي.. ونيجيريا تُخفي علي ونيس للشهر الثاني    مصرع شاب غرقًا في حوض زراعي بقرية القايات في المنيا    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    تخصيص 20 مليون دولار لتأمين الغذاء والمياه والمأوى بغزة    أسعار السمك البلطي والبوري اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة قنا    ضبط 10 آلاف قطعة باتيه بتاريخ صلاحية مزيف داخل مخزن ببني سويف    د.حماد عبدالله يكتب: القدرة على الإحتمال "محددة" !!!    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    محافظ قنا يشهد احتفالية قصور الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر    قرار من النيابة ضد رجل أعمال نصب على راغبي السفر بشركات سياحة وهمية    جامعة بنها: إعفاء الطلاب ذوي الهمم من مصروفات الإقامة بالمدن الجامعية    وزير الري يشارك فى جلسة "مرفق المياه الإفريقي" المعنية بالترويج للإستثمار فى إفريقيا    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير خارجية السودان السابق: على الدول العربية تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك لمواجهة العدوان الإسرائيلي (الحلقة 40)
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 09 - 2025

وسط عالم يموج بالتحولات السياسية والاقتصادية، وفى ظل الصراعات المتزايدة التي تهز منطقة الشرق الأوسط، التي تعيش واقعًا معقدًا، بعد أكثر من عام على حرب الإبادة في قطاع غزة دونما آفاق واضحة لإنهائها، مع تمدد النزاع إلى جنوب لبنان، ووصول أصدائه إلى اليمن والعراق، ثم إيران.
نطرح في سلسلتنا «مستقبل الشرق الأوسط» مسارات منطقتنا، عبر حوارات مع نخبة من الساسة والمنظرين والمفكرين والدبلوماسيين الحاليين والسابقين من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لتقديم رؤاهم مستندين إلى تجارب الماضى ودروس الحاضر، لنستشرف معًا الطريق نحو المستقبل.
وانطلاقًا من جذور الصراع العربى الإسرائيلى، مرورًا بالتدخلات الإقليمية وصعود بعض القوى الجديدة كالفواعل من غير الدول، وتعقد المشهد العربى، نفتح معًا أبواب نقاش مستنير حول الدروس المستفادة من التاريخ وتأثيرها على مستقبل منطقتنا؛ لطرح رؤى وأفكار لاستشراف الغد والدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية إذا ما أعادت إحياء روابط تاريخية في محيطها والدفع نحو استقرار مستدام وتحقيق مصالحها.
تنقسم محاور النقاش إلى جزأين، الأول أسئلة سبعة ثابتة، اعتمدناها بناء على طلب كثير من القراء، تتمركز حول مستقبل المنطقة، أما الثانى فيتضمن أسئلة تتجه نحو مساحات تتناسب مع خلفية الضيف صاحب الحوار، كى يضيف لنا أبعادا أخرى حول الرؤية التي تنتهى إليها الحوارات وصولا إلى كيف يمكن أن يكون للمنطقة مشروعها الخاص، بعيدا عن أي مخططات تستهدفها؟.
كشف عن رؤيته لمجمل التحديات التي تواجه المنطقة العربية، بدءًا من الهيمنة الاستعمارية الناعمة وأدواتها الجديدة، مرورًا بمحاولات إعادة تشكيل خرائط المنطقة سياسيًا واقتصاديًا لخدمة مشروع الهيمنة الإسرائيلية وصولًا لتشخيصه للأوضاع السياسية والأمنية في الإقليم انطلاقًا من خبراته وتجربة السودان المريرة.
وزير الخارجية السودانى السابق، على يوسف، شخَّص في حواره ل«المصرى اليوم» الواقع السياسى والأمنى لمنطقتنا في ظل حرب الإبادة في غزة، وتطرق للوضع في السودان وسوريا وإيران، مؤكدًا أن استقرار منطقتنا والحل لكل أزماتها يبدأ من إصلاح الداخل العربى عبر تجاوز الانقسامات وتعزيز التكامل والتعاون المشترك، وحمل دعوة صريحة للتكامل ووحدة القرار، واليقظة السياسية، في مواجهة مشاريع التفكيك والإضعاف التي تستهدف «الأمة بأكملها».
انتقد الوزير السودانى «الواقع العربى المأزوم»، مؤكدًا أن إسرائيل لم تُفرض في خاصرة الأمة العربية عبثًا، بل لتكون أداة للهيمنة الإمبريالية بمساعدة أمريكية صريحة، واصفًا واشنطن بأنها باتت «قاعدة إسرائيلية متأخرة» نتيجة لتغلغل نفوذ المال الصهيونى وتأثيره على صناعة القرار الأمريكى.
واعتبر على يوسف أن العمل العربى المشترك لم يعد خيارًا بل ضرورة استراتيجية في مواجهة مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي يهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ لصالح إسرائيل، وابتلاع ما تبقى من الأرض والقرار، فيما شدد على أن إرادة الشعوب يجب أن تكون الفيصل في ملفات حساسة كالتطبيع والمقاومة، وإلى نص الحوار..
■ مصطلح «الشرق الأوسط» مصطلح استعمارى جغرافى، لكنه ساد عالميًا.. برأيك، كيف تنظر لأثر التاريخ على واقع المنطقة وما يدور بها من صراعات؟
- عالم اليوم امتداد للحقب الاستعمارية التي رسمت خرائط الشرق الأوسط وإفريقيا وحدودهما، نعانى من إرث استعمارى ثقيل، صاغته اتفاقيات مثل سايكس- بيكو 1916 التي رسمت المنطقة العربية، ومؤتمر برلين 1885، الذي رسم إفريقيا، فرغم الاستقلال السياسى عاد الاستعمار بشكل خفى عبر السيطرة على الموارد وتفكيك القرار الوطنى. وعلى قيادات المنطقة الكف عن لوم الآخرين وأن تتكاتف لبناء تحالفات عادلة تعيد لها دورها. الغرب يستفيد من مقدراتنا، وعلينا نسج تعاون وموقف مشترك لمواجهة هذه السياسات الاستعمارية والإمبريالية.
■ برز مصطلح «الشرق الأوسط» في كتابات الأمريكى ألفريد ماهان عام 1902 قبل أن تتحدث عنه كونداليزا رايس، وهو ما يتردد بقوة حاليًا فهل تعتفد أن المنطقة تتجه لإعادة ترسيم تخدم الهيمنة الإسرائيلية بعد عودة ترامب للبيت الأبيض؟
- ما تشهده منطقتنا من تطورات متسارعة لا يمكن فصله عن المشروع الأكبر لفرض الهيمنة الإسرائيلية على العرب. إسرائيل فُرضت في خاصرة الأمة العربية لخدمة مشاريع السيطرة الأمريكية والغربية على مواردنا وإخضاع شعوبنا العربية. هذا ما قصدته كونداليزا رايس ب«الشرق الأوسط الجديد» لأنهم يريدون شرق أوسط تهيمن عليه إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
هذا المشروع قائم على تفكيك المنطقة وإعادة تركيبها بما يحقق لإسرائيل النفوذ والسيطرة، دون الحاجة لاحتلال مباشر. إنه شرق أوسط لا تُضاف فيه أراضٍ جديدة لإسرائيل فحسب، بل تُعاد فيه صياغة الخرائط السياسية والولاءات الإقليمية، نسير بخطى حثيثة نحو الشرق الأوسط الجديد الذي أرادته أمريكا بحيث يُسمح لإسرائيل بالتغلغل في عمق المنطقة لتستفيد من ثرواتها وتُخضع شعوبها لصالح مشروعها الإمبريالى.
هناك ارتباط بين الحروب الجارية ومحاولات إعادة ترسيم الخرائط السياسية والاقتصادية. لكن المشكلة الأساسية تكمن في فشل العرب في استيعاب مصادر قوتهم والتعامل الإيجابى مع المتغيرات. فبدلًا من الاعتماد على التعاون العربى، تُمنح التسهيلات للمستثمر الأوروبى، بينما الأولى تعزيز الاستثمار والتكامل العربى بما يخدم احتياجات الأمة.
■ برأيك ماذا تفعل القوى الإقليمية الكبيرة في المنطقة إزاء هذه المخططات، وبالتحديد مصر والسعودية بوصفهما الدولتين الكبيرتين في المنطقة؟
- مواجهة المشروع الإسرائيلى التوسعى مسؤولية مشتركة وواجب جماعى. لم يعد التكامل العربى ترفًا سياسيًا، بل ضرورة استراتيجية أمام المخاطر المتنامية التي تهدد وجودنا. إسرائيل تتآمر على مستقبلنا، وعلى شعوبنا، وهذه حقيقة يدركها حتى الأطفال.
لمصر مكانة محورية بحكم تاريخها، ودورها الريادى في قيادة العمل العربى منذ تأسيس جامعة الدول العربية وتتضاعف مكانتها ومسؤوليتها مع اشتداد التهديدات، ما يفرض على القاهرة أن تمارس مسؤوليتها كدولة مركزية في الإقليم. أما السعودية فليست مجرد قوة نفطية، بل تتحمل مسؤولية دينية إضافية تجاه شعوب المنطقة كونها حاضنة الحرمين الشريفين، وبالتالى يمتد دورها إلى أبعاد تتجاوز الجغرافيا والسياسة، ليشمل حماية هوية الأمة ومصالح شعوبها.
وعليه تتحمل القاهرة والرياض عبئًا مضاعفًا، لتنظيم العمل العربى المشترك واستخدام ثقلهما السياسى والدبلوماسى في المحافل الدولية- من الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن- لإيصال صوت الأمة والدفاع عن قضاياها.
■ يغيب أي مشروع عربى موحّد في مواجهة التوسع الإسرائيلى، أين مشروعنا العربى تجاه ما يخطط للمنطقة؟
- العامل الاقتصادى هو المدخل الأساسى لأى تكامل عربى، كما فعلت أوروبا التي بدأت وحدتها بالمصالح الاقتصادية، وعلى الدول العربية والجامعة العربية التركيز على التكامل الاقتصادى كخطوة أولى تقودنا لمؤسسات أمنية وسياسية مشتركة وفعالة تمكننا من مواجهة الهيمنة الغربية.
مصر لها دور حاسم، ويمكن أن تقود نموذجًا واعدًا للتكامل العربى من خلال شراكة اقتصادية مع السودان في مجالات الزراعة والطاقة والمعادن، لتبنى بذلك نواة لتكامل عربى أوسع يشمل الخليج وبقية الدول.
■ لعبت مصر أدوارًا محورية في الشرق الأوسط على مدار التاريخ، كيف يمكنها تأدية دورها بفاعلية رغم التحديات المتزايدة؟
- مصر اتخذت قرارًا واضحًا بالحفاظ على دورها التاريخى، ورغم ما مر من انكماش لهذا الدور إلا أنها تتحرك بذكاء في أكثر من اتجاه: علاقات قوية مع الخليج، وانفتاح على إفريقيا، وتحرك دبلوماسى فاعل. هناك تحديات، وبالنسبة لسد النهضة، أرى أنه أصبح واقعًا سيتم التعامل معه، وأرى أن مصر تستعيد احترامها وثقلها داخل القارة.
■ كيف تستفيد المنطقة العربية من تجاذبات القوى الكبرى وأحاديث التعددية القطبية العالمية؟ وكيف تلعب دورًا لصالحها في هذا التنافس الدولى، ولا تكون مقدراتها في يد قوة واحدة أضرت بها واستنزفت ثرواتها طوال عقود؟
- علينا التخفف من الهيمنة الأمريكية وبناء شراكات استراتيجية ومتوازنة مع كل الأطراف وخاصة مع الصين، وروسيا، والهند، ودول البريكس، لإنهاء حالة الهيمنة الأحادية والانتقال لمبادئ المساواة والمنفعة المشتركة والعلاقات الدولية السوية المتزنة الإيجابية. فعندما يكون لك سيد واحد يتصرف فيك كما يريد، إذا أحسنّا كعرب إدارة علاقتنا مع بعضنا ومع القوى الكبرى سنتحول- كعالم عربى- إلى قطب جديد في النظام الدولى متعدد الأقطاب خلال عقد أو عقدين.
■ لو قُدر لك أن ترسم صورة المستقبل لهذه المنطقة في ظل الصراعات الحالية والمخاطر المحيطة بها.. من أين تبدأ؟
- البداية من الداخل العربى، من الشعوب ومن الأنظمة، عبر تعزيز الوعى والربط الحقيقى بين المواطن العربى وحكوماته، ثم بين الحكومات ومصير الأمة ككل. هذا لا يتحقق إلا من خلال تفعيل دور جامعة الدول العربية ومؤسسات العمل العربى المشترك، بهدف الوصول إلى رؤية موحدة لمواجهة التحديات. التكامل العربى ضرورة استراتيجية وليس ترفًا سياسيًا، بل إنه السبيل الوحيد لمواجهة ما يحاك للمنطقة من مؤامرات مدعومة أمريكيًا وغربيًا.
وهنا أؤكد ثقتى الكبيرة في القيادة المصرية، وفى الرئيس عبدالفتاح السيسى تحديدًا، لما لمصر من موقع استراتيجى وثقل تاريخى يجعلها مؤهلة للعب دور ريادى في دفع قاطرة التكامل العربى، ويجب ترجمة دور مصر الريادى لبرامج عمل عربى مشترك وعلاقات بينية، مع الانفتاح على قوى كبرى بديلة عن القطب الأمريكى المتآكل.
■ بينما المنطقة على صفيح ساخن صعّد الاحتلال عدوانه بالتعدى على الأراضى السورية، وباستهداف أسطول إنسانى في مياه تونس، ثم باستهداف بعض قيادات حركة حماس في الأراضى القطرية.. ما قراءتك لدلالة ذلك، وبمَ تنصح القادة العرب؟
- الاعتداء الإسرائيلى على دولة قطر وسيادتها انتهاك صريح للقانون الدولى، ويُضاف لجريمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى في غزة والضفة الغربية في محاولة إجرامية للقضاء على القضية وحل الدولتين، وتهجير الفلسطينيين إلى خارج فلسطين، وعلى الدول العربية العمل الفورى لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك ومواجهة العدوان الإسرائيلى على قطر والشعب الفلسطينى وعلى الأراضى السورية وعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية أو عقد قمة ورفع شكوى عاجلة لمجلس الأمن، إن التهاون في وجه الاعتداء الاسرائيلى ستكون له عواقب وخيمة على الشعوب والدول العربية، لذا على القادة العرب التحرك الفورى لردع جرائم الاحتلال، وأن يتحدوا قبل فوات الأوان، وقبل أن يقول كلٌّ منهم «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض».
■ هل تعتقد أن إسرائيل قاعدة أمريكية إمبريالية متقدمة في الشرق الأوسط؟ وهل تشكل الصهيونية بارتباطها بالإمبريالية خطرًا على مفاهيم العدالة في العالم ككل؟
- لم تعد إسرائيل مجرد قاعدة أمريكية متقدمة في المنطقة العربية للسيطرة على مقدراتها، بل باتت الولايات المتحدة نفسها أشبه بقاعدة إسرائيلية متأخرة، بعدما تبين أن اللوبى الصهيونى يتحكم في القرار الأمريكى، ويقود مشروعًا خطيرًا لا يستهدف الشرق الأوسط فقط، بل يهدد العالم.
كلمة أن إسرائيل تشكل خطرًا على وجودنا لم تعد كافية. ما يحدث في غزة من مذابح ممنهجة تتجاوز كل حدود القدرة الإنسانية من قتل للأطفال، وتشريد للنساء، وقصف للخيام، ومطاردة الأبرياء في غزة كفرائس، جريمة ضد الإنسانية جمعاء، ويجب أن تكون ناقوس خطر.
نتنياهو بات يروّج لخريطة «إسرائيل الكبرى» من منبر الأمم المتحدة، المشروع واضح: سيطرة على المنطقة وإعادة تشكيلها بما يخدم استمرار الهيمنة الإسرائيلية وإلغاء أي إمكانية للعدالة أو التحرر في الشرق الأوسط.
■ تحدثت عن أن التكامل العربى هو بداية الحل، فما ردك على فشل مساعى التكامل والوحدة العربية تاريخيًا؟
- فشلت لأن الوحدة لا تُبنى بقرارات سياسية، بل تنطلق من وعى شعبى ومصالح اقتصادية مشتركة، ثم تتوج باتفاقات سياسية ودفاعية.
يؤسفنى غياب سوق عربية حرة حتى اليوم، لو نجح العرب في تعزيز اعتمادهم الاقتصادى على بعضهم وبنوا عليه شراكات سياسية لتغيّر واقعهم.
من المؤسف أن استثمارات عربية ضخمة تذهب للغرب، ومن المضحك المبكى أن استثمارات 4 بلدان عربية في جولة الرئيس الأمريكى ترامب بلغت تريليونات، بينما استثماراتها في الداخل العربى لا تتجاوز مئات الملايين. علينا أن نستخدم إمكاناتنا العربية لتطوير مصلحة الإنسان العربى وليس العكس.
■ ننتقل إلى السودان الذي يمتلك ثروات ضخمة من الذهب والمعادن واحتياطات غير مستغلة من الغاز وثروات حيوانية هائلة.. إلى أي مدى ساهمت الثروات في اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع؟
- أتفق معكِ. ثروات السودان تحولت ل«لعنة جيوسياسية»، أحد أسباب الحرب التي تدور حاليًا في السودان يرتبط بما يتمتع به السودان من ثروات زراعية ومعدنية هائلة، منها 200 مليون فدان صالحة للزراعة، ويُعد ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، ما جعله هدفًا لصراعات داخلية وخارجية. وتسعى قوى عديدة للسيطرة على هذه الموارد خارج إطار الدولة، مما ساهم في اندلاع الحرب الحالية. تاريخيًا، تعرض السودان لمحاولات تفكيك ونهب من قوى دولية، ويجب الحذر من تكرار ذلك عبر النزاع القائم. كما تُعد موانئ البحر الأحمر سببًا رئيسيًا في تأجيج الصراع نظرًا لأهميتها الاستراتيجية وتنافس القوى الإقليمية والدولية عليها.
■ هناك من يعتقد أن السودان يدفع ثمن الرفض التاريخى للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلى.. هل تعتقد أن ذلك مبالغة؟
- ليست مبالغة، هذا صحيح نسبيًا. وبالمناسبة لا ألوم من لديهم آراء سلبية في التطبيع مع إسرائيل، خصوصًا في ظل ما يجرى في غزة. الشعب السودانى رافض للتطبيع، أما الموقف الرسمى فأحيانًا يكون مرتبطًا بالمصالح. في تقديرى التطبيع يجب أن يخضع لإرادة الشعوب العربية، وأن يبنى عليها، وألا يكون مسألة مزاجية مرتبطة بالحاكم أو مسألة مصلحية مرتبطة بفئة ما.
■ هل هناك فرصة لوحدة وطنية، لاسيما بعد اتهام الجيش «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بحق الشعب السودانى؟
- بعد الانتهاكات والاعتداءات التي ارتكبتها «الدعم السريع» وبعد تدمير البنى التحتية وتشريد 22 مليون سودانى داخليًا وخارجيًا، لا بديل عن «حرب الكرامة» المدعومة من المستنفرين والمقاومة الشعبية للقضاء على الميليشيا المتمردة، ومع ذلك كل حروب العالم تنتهى بالمفاوضات والطرق السلمية. لكن لا يمكن الوصول لحل سياسى يكون فيه دور سياسى أو عسكرى للدعم السريع بمعزل عن الدولة ودون إدماجها بالطرق الشرعية في مؤسسات الدولة.
■ نأتى إلى غزة بعد 22 شهرًا من الإبادة الجماعية، كيف تقرأ مستقبل القطاع؟ وهل تخلى العرب عنها؟
- إسرائيل تسعى لامتلاك كل فلسطين وإنهاء الدولة الفلسطينية، متجاوزة أوسلو وكل القرارات وترحيل الفلسطينيين من غزة والضفة لدول أخرى. وبعد إحباط مخطط التهجير لسيناء يبحثون عن بدائل في السودان والصومال ودول أوروبية. وهذا جزء وخطوة نحو تنفيذ مخطط «إسرائيل الكبرى». بالطبع لم يقم العرب بما كان يجب أن يقوموا به بشأن غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.