فى كل مستشفى، هناك يد تُربّت على أكتاف المرضى، وقلب لا يهدأ حتى تطمئن الأرواح وتشفى من جراحها، إنها أيدى الممرضين، الجنود المجهولون الذين لا تُكتب أسماؤهم على التقارير، لكن يُطبع أثرهم فى القلوب. يأتى اليوم العالمى للتمريض كل عام فى 12 مايو، ليُذكرنا بدور هؤلاء الأبطال الحقيقيين عرفانًا بمجهوداتهم. نروى قصصًا حقيقية من قلب المستشفيات، حيث البطولة لا تُقاس بالسيوف، بل بالرحمة. فى أحد أروقة مركز الأورام بمدينة نصر، وبين ضجيج الأجهزة وصوت خطوات الأطباء، تمضى الممرضة آمال محمد، 25 عامًا، يومها بين المرضى، لا تملك رفاهية التعب، ورغم عملها 12 ساعة يوميًّا، قد تضطر فيها للسهر ليلًا، فإنها لم تفكر فى ترك المهنة عندما طرقت أبوابها، مؤكدة: «دخلت (تمريض) بعد الإعدادى، طبعًا مكنتش أعرف عنها حاجة، لكن أهلى شافوا إنها المستقبل، لما دخلت المهنة بعد دراسة 5 سنوات، حسيت إنها صعبة، فالعمل نحو 17 شيفت شهريًّا»، وتضيف: «كفاية ان حد يدعيلى دعوة حلوة بحس إن كل التعب راح». من جانبها، شقيقتها الكبرى «شروق»، تعمل فى التمريض منذ 11 عامًا، ظلت 8 منها بين أروقة قصر العينى الفرنساوى، لكنها لم تكن كافية ليتحجر قلبها أو تعتاد ألم المرضى ولا تكترث له كما يُشاع عن الممرضات، تقول إن أصعب ما فى المهنة أنها تجد الشخص يدخل المستشفى على قدميه، ويخرج منه محمولًا على الأكتاف، موضحة: «لما حد بيموت قدامى بتأثر جدًّا، وممكن أعيط». وتحكى أنها تعرضت لمشاكل كثيرة من أهالى المرضى، لكنها تلتمس لبعضهم العذر فى النهاية، وأكدت، فى حديثها مع «المصرى اليوم»، أن أحد الأهالى حطموا عدة أشياء من المستشفى بسبب ابنهم الذى ينزف: «شيفت السهر دايمًا فيه كوارث، وأهم مشاكله إن الدكتور بيكون نايم فى السكن، وعلى ما يصحى وينزل للحالة ممكن تحصل مشكلة، لكن هنا بيكون دورنا فى الإسعافات الأولية والأشعة وما شابه». نوال سيد، لا تعرف الروتين، فكل يوم يأتيها وجه جديد، حالة مختلفة، وألم جديد، لكن قلبها واحد، ينبض بالمساعدة دائمًا. أكثر من 20 عامًا أفنتها فى المهنة دون تفكير فى تركها بسبب متاعبها، بل تحرص على نفس الهِمّة والنشاط يوميًّا، كانت تعمل لأعوام طويلة فى قسم العمليات بمستشفى دار السلام، ومن ثَمَّ انتقلت إلى مركز طبى فى منطقة النزهة. توضح صاحبة ال44 عامًا: «مهنتنا إنسانية، الناس بيسمونا (ملائكة الرحمة)، مفيش أحسن من إننا نطمن حد خايف ونساعده، وأكتر شىء بيفرحنى أقول كلمة لمريضة ويعدى عليها سنين ولما تشوفنى تقولى أنا فاكرة كلامك أو موقفك أو نصيحتك أو ألاقى مرضى بييجوا يسألوا علىَّ بالاسم».