هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية    الصدارة مشتركة.. ترتيب مجموعة الأهلي في كأس العالم للأندية    "بعد مباريات الجولة الأولى".. جدول ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    ترامب: آمل في التوصل لاتفاق بين إيران وإسرائيل.. وسندعم تل أبيب في الدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    منافس الأهلي... التعادل السلبي ينهي الشوط الأول من مباراة بالميراس وبورتو    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    مصرع 4 أشخاص في حادث انهيار مدخنة مصنع طوب بالصف    متابعة دقيقة من الوزير.. ماذا حدث في أول أيام امتحانات الثانوية العامة 2025    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    يضم طائرات مسيرة ومتفجرات.. إيران تكشف عن مقر سري للموساد بطهران    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    محافظ قنا يقود دراجة عائدًا من مقر عمله (صور)    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    سمير غطاس: إيران على أعتاب قنبلة نووية ونتنياهو يسعى لتتويج إرثه بضربة لطهران    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    «بشرى لمحبي الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: «انخفاض مفاجئ»    تحريات لكشف ملابسات انهيار مدخنة مصنع طوب ومصرع 3 أشخاص بالصف    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    «الأهلي محسود لازم نرقيه».. عمرو أديب ينتقد حسين الشحات والحكم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهن سيئة السمعة.. أقصر الطرق للعنوسة
نشر في البوابة يوم 09 - 02 - 2016

العنوسة هى الخطر الأكبر الذى يهدد ملايين الفتيات المصريات.. يحاصرهن من كل اتجاه.. وينتظر الفرصة للانقضاض عليهن، ففى الوقت الحالى بات تأخر سن الزواج ظاهرة تؤرق المجتمع، وقد كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن عدد العوانس فى مصر بلغ 13.3 مليون، ما بين شاب وفتاة ممن تجاوزت أعمارهم 35 عامًا لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب، و10.5 مليون فتاة، ليمثل معدل العنوسة فى مصر 17٪ من الفتيات اللاتى فى عمر الزواج.
هذه واحدة من القضايا الملتهبة، بل يعتبرها البعض قنبلة موقوتة لما لها من تأثيرات اجتماعية مصحوبة بتداعيات خطيرة، باعتبارها تمس جميع الأسر المصرية باختلاف شرائحها الاقتصادية والاجتماعية.
الأسباب التى ساهمت فى تنامى الظاهرة متعددة، وأهمها العادات والتقاليد، وإن كان الخبراء والمتخصصون ركزوا فى دراساتهم العلمية على الظروف الاقتصادية والاجتماعية مثل، البطالة، أزمة السكن، المغالاة فى المهور، إلى جانب أسباب أخرى تخص الفتيات أنفسهن، منها عمل الفتيات فى بعض المهن التى ينظر لها المجتمع نظرة دونية من شأنها أن تعوق زواج الفتيات الأمر الذى يفتح الطريق أمام تنامى زيادة أعداد «العوانس».
أشهر هذه المهن الكوافيرة وعاملة النظافة وسكرتيرة خاصة ومندوبات المبيعات وأفراد أمن، كلها فى النهاية يرفضها العديد من الأسر المصرية فى اختيار زوجة لأبنائهم قصص وحكايات وراء كل فتاة تزاول تلك المهنة.
«نها أحمد»، 25 سنة خدمة اجتماعية، تعمل بمحل كوافير بأبى زعبل بالقليوبية، تقول: بعد أن أنهيت دراستى الجامعية، لم أجد عملًا، وعندما وجدت عملًا بمدرسة كان المرتب 800 جنيه فقط، لم تكف الموصلات وقرأت إعلانًا مطلوب خلاله آنسة للعمل بكوافير، وقابلت صاحبة العمل وظللت شهرًا أتدرب فيه ثم عملت كأى كوافيرة عادية مع أننى لم يكن لى صلة بهذا المجال على الإطلاق قبل ذلك، ومرتبى الآن 3000 جنيه، وأحيانا أحصل على 4000 جنيه فى الشهر حسب الشغل والزبائن والبقشيش.
وتضيف نها: الظروف صعبة والحياة تحتاج إلى مصاريف.. والدى موظف بالحكومة ولدى شقيقتان بالمدارس.. فقررت أن أساعد أبى فى المصاريف لأننى أشعر بأننى أصبحت عبئًا عليه رغم أنه كان رافضًا تلك المهنة.
وعن تأثير مهنتها على من يتقدم لخطبتها تقول: تقدم إلى البعض للخطوبة وبعد أن نتفق على كل شىء يذهبون ليسألوا عنى كما هو معروف عندنا فى زمور الزواج، فيعلموا أننى أعمل «كوافيرة» فيعتذرون عن المجىء مرة ثانية بأى مبرر.. وتتساءل «نها»: لماذا ينفر المجتمع من هذه المهنة؟.. ففى كل مهنة هناك السيئ وهناك الجيد، ومهنة «الكوافيرة» مثلها مثل أى مهنة أخرى وأتمنى أن يعلم الجميع ذلك، فضلًا عن أننى عملت بذلك العمل ليس برضائى أو اختيارى ولكن هى الظروف التى تجعلك تفعل كل شىء دون إرادة.
وبكلمات ممزوجة بشقاء 19 عامًا هى كل عمر «منار محمد» حاصلة على دبلوم تجارة تعمل بكوافير بروض الفرج، شبرا مصر، تقول: والدى توفى وأنا ابنة عشرة أعوام وأعيش أنا وأمى وشقيقتى، على معاش والدى 500 جنيه، بعد أن انتهيت من الدراسة لم أجد شيئًا أفعله وبجانبنا محل كوافير للسيدات صاحبته تعرفنى جيدًا فعرضت علىّ أن أعمل معها فوافقت نظرًا لسوء الأحوال بالبيت وأن أختى قد دخلت الثانوية العامة وتحتاج إلى الدروس ومصاريف وال500 جنيه لا تكفى.
تضيف منار: أعانى من محاولة البعض تشويه سمعتى، فقط لأننى أعمل بمحل كوافير مش عارفه ليه، «هى الكوافيرة حرام؟.. ولو حرام أنا لقيت شغل تانى وقلت لأ؟.. كل شاب يعرف أننى كوافيرة يعاملنى كأننى من بنات الليل، أليس حقى أن أتزوج مثل كل بنت؟.. فهناك بنات يعملن بأبشع المهن ولا أحد يعرف عنهن شيئًا ويتزوجن.. أما أنا بمجرد أن يعلموا أننى كوافيرة أكون فى نظرهم بنتًا للتسلية فقط، وليس للزواج، مع إن لبسى محتشم.
«مش مهم كلام الناس أو حتى زواج».. هذا هو رد «جيلان السيد» بكالوريوس حاسبات ومعلومات، 27 سنة، وتضيف: والدى صاحب محل «كوافير» يعمل به منذ أكثر من 15 سنة وتعلمت منه كل شىء وأنا الآن أتولى مسئولية المحل فليس من المنطق أن أترك مهنة والدى لغيرى فأنا أولى بالتأكيد بها كما أننى أستمتع كثيرًا بعملى.
لأننى أحب هذه المهنة لم أتزوج ولن أتزوج لقد أصبح عندى عقدة تسمى الزواج، ففى المنطقة توجد سيدة تسمى «أم أحمد الخاطبة» أتت لى بالكثير من العرسان لكن لا أعلم سر اختفائهم هل لأننى كوافيرة، الجميع بمنطقة عملى يشهد لى بالأخلاق الحسنة فلماذا يختفون فإذا كانت مهنتى أمام الزواج فلقد اخترت مهنتى فهى أبقى لى من أى شىء.
أما «جومان. ع»، 30 سنة، مطلقة، تعمل بمحل كوافير فى شبرا الخيمة منذ 5 سنوات تقول: تزوجت وعندى 25 سنة، وكان دائما تحدث مشاكل بسبب عملى، إلى أن وصلت المشاكل بالاختيار بين العمل والزوج، رأيت أن العمل أنفع لى من الزوج، بعد طلاقى الجميع حولى يأخذ عنى فكرة سيئة والسبب أننى كوافيرة لكننى سعيدة بعملى ولا أشغل بالى بحديث الناس.
ومن المهن الأخرى التى يرى أنها لا تليق بالفتاة المصرية «فرد أمن» رغم أنها تختص بالذكور فقط، ولكن اقتحمتها الفتيات، وذلك واضح فى محطات المترو «قوت محمد»، 22 سنة، معهد هندسة سنتين لم تجد عملًا غير ذلك، لتساعد أسرتها.. تحكى قصتها عن عريس المستقبل، فتقول: كنت مخطوبة قبل أن ألتحق بهذ العمل بالمترو ولم أعلم خطيبى حتى أستطيع أن أجهز نفسى ولا أكون عبئًا على أهلى، خاصة بعد بلوغ والدى مرحلة المعاش، وعندما علم خطيبى بعملى بالمترو فسخ الخطوبة بداعى أن هذا العمل لا يليق ببنت محترمة. صحيح أننى أتعرض يوميًا لمضايقات من الركاب والشباب، وكأننى فريسة سهلة. أنا الآن مخطوبة لمشرف بالمترو، ويطالبنى بترك العمل ولكن ظروفى لا تسمح أن أتركه، وطلبت منه أن ينتظر حتى أكمل أشياء أحتاجها فى جهازى، وحاليًا تجرى مفاوضات حتى يقتنع، وتتساءل قوت: هو فيه بنت تحب البهدلة؟.
«سناء مختار»، 25 عامًا، حاصلة على معهد خدمة اجتماعية تعمل مندوبة مبيعات لإحدى الشركات العاملة فى مجال بيع العطور ومستحضرات التجميل، تخرج «سناء» كل صباح تحمل حقيبة بها المنتجات وتمر على المقاهى والمحلات لعل أحدًا يرأف بحالها ويشترى منها لتعود آخر اليوم ببضعة جنيهات تساعد بها أسرتها.. تقول: يئست من الحصول على وظيفة محترمة ولم أجد أمامى سوى تلك المهنة، أشعر بمهانة كل يوم عندما أرى نظرة الشفقة فى عيون الناس، وأرى نفسى كأننى متسولة عندما يضع شخص يده فى جيبه، ويخرج مبلغًا من المال ويمده لى دون أن يشترى شيئًا من المنتجات، يأتى علىّ بعض الأوقات أجلس وأبكى بسبب هذا الوضع ولكنى مجبرة على ذلك، والدى مريض وإخوتى صغار فى المدارس ونفسى يتعلموا.
تضيف سناء: أتعرض لمضايقات الشباب كثيرًا طوال اليوم، فهم لا يشعرون باحتياج الآخرين، نظراتهم سهام تمزقنى، منهم من يطلب منى التجول معه فعندما أرفض كلماته تقع على مسامعى كالصخر فيقول: «إنتى بتلفى طول النهار وإيه يعنى لما نتمشى شوية».
تقدم لخطبتى شاب يعمل فى محل اتصالات ولكننى رفضته لأنه سيئ السمعة ومستهتر لا يستطيع أن يكون أسرة ويحافظ عليها، وأتمنى أن أجد ابن الحلال الذى ينتشلنى من هذا الوضع.
من جانبه يقول الدكتور أحمد ثابت محمدين، الخبير الاجتماعى والنفسى: هناك مشكلة كبيرة فى طريقة تفكيرنا ومفاهيمنا الخاطئة حول النظرة لبعض المهن بالنسبة للمرأة باحتقارها والتقليل منها، ومنها الممرضة والكوافيرة وغيرهما، لأن البعض ينظر لهذه المهن بشىء من السوء، ولكن اختلف ذلك كثيرًا فى الفترة الأخيرة نتيجة الإيمان بدور المرأة وتمكينها، والثقة بأن المرأة تستطيع العمل فى أى مجال، ويساعدها ذلك على تحقيق أهدافها، ولكن هناك بعض الأعمال كان لا يمكن ممارستها للمرأة لأنها مرفوضة فى المجتمع المصرى مثل الحراسات الخاصة والأعمال القتالية، وأصبحت مباحة الآن ولكن العمل ببعض المهن قد يؤدى بالفتاة إلى عنوستها بسبب العديد من المهن التى يرفضها المجتمع فى بعض الحالات كعمل الفتاة كوافيرة أو مندوبة مبيعات أو عاملة نظافة أو عاملة فى محل ولكن فى الحقيقة أن عمل المرأة وأداءها فى الفترة الأخيرة أحدث تغييرًا كبيرًا فى المجتمع لأنها خرجت للعمل بسبب شعورها بالنقص من تأخرها فى الزواج وفقدانها الثقة، الأمر الذى جعلها تحاول أن تثبت نفسها من خلال العمل لكى تحقق مكانة اجتماعية، والعادات وتقاليد المجتمع تقف عائقا، وأضاف ثابت أن المشكلة فى خروج الفتاة للعمل فتكون مسئولياتها ضعف مسئوليات الرجل، فخروجها للعمل ضرورة اجتماعية خروجها من المنزل يهيئ لها فرص التعارف ويمنحها فرصة اختيار الزوج المناسب لها.
أما الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، فترى أن بعض الأسر لا تزوج أولادها إلا حسب المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى، لذا تكثر القيود على الفتاة وكأننا فى عصر الجاهلية؟ وأن النظر لبعض الوظائف على أنها تؤدى للعنوسة شىء يدل على تخلف الأمم وليس تقدمها، وأنا أختلف مع هذه النظرة فى الظروف الحالية نظرًا للحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، فالعنوسة مرتبطة فى مجتمعنا بأن البنت تتجوز فى سن صغيرة فى حين ترى فى المجتمعات المدنية تتجاوز سن الثلاثين وأكثر تطلق عليها صفة العانس والمجتمع لا يسمح أن الزوجة تكون أكثر حظًا فى التعليم عن الرجل، وأضافت أن ارتفاع معدلات البطالة وغلاء الإسكان وتكاليف الزواج وغلاء المهور والعوامل النفسية التى نختار على أساسها الزواج والتغير الاجتماعى هى السبب الرئيسى للعنوسة، لذا ترفض «الساعاتى» النظرة الضيقة للفتاة من زاوية المهنة.
«المُمَرِّضة».. المفتَرى عليها
عمل الفتاة أصبح واقعًا تفرضه الظروف، بل وتنص عليه الحريات، غير أنه فى مصر يتخد أسبابا أخرى تجعل منه أساسا لا غنى عنه، أهمها على الإطلاق الظروف الاجتماعية، وانتشار الفقر والبطالة للدرجة التى تجبر الأنثى على الخروج لإيجاد عمل ما، والمساهمة بشكل أو بآخر فى استمرار حياة الأسرة، وفى بعض الأحيان تكون تلك الأنثى عائلًا، مما يجعل خروجها للعمل أمرًا ضروريًا ولا يندرج تحت بند الرفاهية والاختيار.
غير أن بعض المهن ينظر إليها ببعض الريبة، رغم ما تنطوى عليه من تعب وجهد، ورغم أهميتها القصوى أيضا، واحتياج المجتمع لها، ومن تلك المهن تأتى مهنة الممرضة، ملاك الرحمة المفترى عليها دائما.
أنغام زايد ممرضة تقول: «أنا من قرية صغيرة تتبع لمركز شبراخيت، وكان شغلى فى وادى النطرون بمستشفى اسمه اليوم الواحد على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، كنت باخد 3 ساعات كى أصل لمكان عملى، يعنى أخرج من بيتنا ستة الصبح أوصل تسعة أو تسعة ونص، المكان يحوى سكنا خاصا لنا، بنقعد أربع أيام وناخد تلاتة إجازة، اتعلمت فيه معنى الضمير وحب الناس، المستشفى من أفضل الأماكن التى اشتغلت فيها، بس طبعا زى أى مكان فيه مشاكل كتير، نقص فى الفرش والأدوية.. أوقات كنا بنلم من بعض فلوس ونشترى للمرضى اللى مالهومش أهل علاج، ونجيب أتواب قماش نفصلها ملايات علشان معظم الملايات بتتاخد مع حالات الوفيات ومابترجعش».
تضيف أنغام: «أنا ممرضة، ومش معنى إنى ممرضة يعنى جاهلة، أنا بكمل كلية حقوق وفى سنة تالتة دلوقى، وبكتب روايات وقصص وأول عمل ليا هينزل فى المعرض، وأغلب الممرضات أوائل مدارس ودخلوا بمجهودهم الشخصى، ويعتبر التمريض اللى تبع وزارة الصحة الشىء الوحيد اللى فى البلد مافيهوش واسطة ولا بيندفع فيه فلوس». أنغام تشعر بالحزن من نظرة البعض للممرضة وتقول: «عارف يعنى إيه واحدة بيبقى على كتفها هم جبال ولازم تضحك فى وشك علشان مالكش ذنب تشوفها مكشَّرة؟ يعنى إيه واحدة سايبة ولادها عند الجيران أو مع زوجها لحد ما ترجع، ورايحة تلف على سراير ناس تطبطب عليهم وتواسيهم وتعالجهم؟.. اشمعنى فى مصر التمريض وحش وسمعته مش حلوة، وفى بلاد بره الطبيب والممرضة ليهم مكانة وكل الناس بتحترمهم وماحدش بيتكلم عنهم بسوء؟».
وتجيب أنغام: «لأنه لو واحدة ضحكت فى وش الشاب المصرى، وعاملته زى ما يكون حد من أهلها يفكرها دايبة فى غرامه، وللعلم دى حاجة إحنا دارسينها، يعنى علمونا فى المدارس مانفرقش بين لون وديانة، علمونا نحط المريض مكان أبونا، أمنا، أخونا، علشان نحس بوجعه واللى هو فيه.
لو الممرضة مسكت إيد المريض علشان تشوفله النبض يتحول لعادل إمام (بتحبينى يا هدى).. يعنى الشاب بيبقى رايح بيتلوّى من الوجع وسايب اللى هو فيه وبيبصبص للممرضة.. وأخيرا كل مكان فيه الكويس وفيه الوحش، يعنى لو مستشفى كامل فيه ممرضة أو دكتور وحشين فدا مايديش الحق إن حد يحكم على الكل كدا».
أنغام انتهت من كتابة أول رواية لها باسم «نيكوبار»، وهو نوع من أنواع الحمام النادر، وهى خليط من الفانتازيا والرعب الساخر، تحكى عن الجن، وتدور أحداثها حول بنت تتعرض للمتاعب، مما يؤثر على نفسيتها.
أما فهيمة محمود فهى ممرضة منتدبة حاليا لمستشفى قوات مسلحة، تقول: «بانزل الطابور 7 ونص، وأستلم الشيفت 8 الصبح.. وأسلم الشيفت لزميلتى 8 الصبح تانى يوم، على المستوى الشخصى وبما إنى شغالة ممرضة بالتقريب هتلاقى أكتر من نص الممرضات غير صبورات وبيعاملوا المرضى بقسوة وزعيق، أما الجزء القليل اللى فاضل فبيراعى ربنا فى الناس، وده لأننا مجتمع معيوب بالكامل.
وعشان ما أكونش جاية علينا أوى، إمكانيات المستشفى بتكون أول عامل يخلينى أدى للمريض حقه، ولو مفيش إمكانيات للأسف ممكن أقف جنب مريض بيموت ومعايا دكتور ومش قادرين نعمل حاجة، لأن نظام تحويل المرضى فى المستشفيات عقيم، أما المستوى العلمى فالوقت الحالى أفضل بشكل ملحوظ، لأن أغلب التمريض دلوقتى تعليم عالى، وله كليات ومعاهد مش بتاخد أى طلبة ومحاضرات فى طب وشغلانة، بالإضافة للكورسات والامتحانات الدورية اللى بتعملها وزارة الصحة فى المستشفيات الحكومية، وللعلم أى ممرض أو عامل فى المجال الصحى فى مصر متبهدل، ويكفى أن بدل العدوى بتاعنا لسه 16 جنيه، ولما بنتصاب بأى فيروس الوزارة بتقولنا اخبطوا دماغكو فى الحيط».
وعن سوء الاهتمام بوقاية الممرضات بالمستشفيات قالت: «فيه مرضى بييجوا عندهم فيروس سى وإيدز ومش بيرضوا يعرفوا التمريض علشان بيخافوا إننا منتعاملش معاهم، وفيه مستشفيات مش متوافر فيها الجوانتيات، فيصاب البعض بمرض الإيدز وده مقلب حصل فيا شخصيًا».
وتضيف: «وأنا طالبة ست جات تقولى إنتى مخطوبة وعايزة تخطبنى لابنها، ولما قولتلها بابا بيرفض قالتلى طب عايزة أى بنت ممرضة من أصحابك أخطبها لابنى.
فيه ثقافة منتشرة بين الستات ملخبطة شوية بتقول الممرضات سيئات السمعة، بس نجوزهم عيالنا علشان شغالين وهيصرفوا على البيت، وهتحاول بشتى الطرق تشيل نظرة الدونية لخطيبة ابنها على الأقل لحد ما يتجوزوا، وبعدها تعايرها، ده إنتى حتة ممرضة، على أساس أن كلمة ممرضة شتيمة».
لفهيمة أيضا «عودة طاقية الإخفاء»، وتحتوى على 20 قصة متنوعة بين الفانتازيا والاجتماعى الساخر وقصة أطفال وقصص شبيهة بأدب قصص الومضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.