وزيرة التخطيط ل«النواب»: الاستثمارات الكلية المستهدفة تتجاوز 2 تريليون جنيه لأول مرة    القبض على البلوجر نادين طارق بتهمة بث فيديوهات خادشة    أحمد فهمي يعلن موعد طرح فيلمه الجديد مع أحمد السقا "عصابة المكس"    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    رئيس جامعة المنوفية يترأس لجنة اختيار مديري عموم الشئون الإدارية    منتدى وزراء الكهرباء في أفريقيا: 70٪ من سكان القارة بدون وقود طهي نظيف    رغم توافر السيولة الدولارية.. لماذا يرفض التجار استلام بضائعهم من الموانئ؟| تفاصيل    زيادة وتيرة حرب أسعار السيارات الكهربائية في الصين    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    "التخطيط" و"النيابة الإدارية" يطلقان برنامج "تنمية مهارات الحاسب الآلى"    الكويت توقف إصدار تأشيرات العمل للمصريين    تصاعد الحراك الطلابى بالجامعات الأمريكية.. وبنسلفانيا: «لا» لبايدن    روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل 48 طفلاً نازحا بسبب الحرب    بعد المظاهرات المنددة بإسرائيل.. مجلس النواب الأمريكي يطالب باستقالة رئيس جامعة كولومبيا    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    شوط أول سلبي بين طلائع الجيش وإنبي في الدوري    "أنا مش جمهور أنا معزول".. مرتضى منصور يوجه رسالة نارية بعد منعه من دخول الملعب    بالصور- جِمال الوادي الجديد تحصد مراكز متقدمة بمهرجان سباق الهجن بشمال سيناء    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    محمد علي السيد يكتب: معركة .. «انسحاب الساعة 1300»    رسميا..موعد امتحانات الشهادة السودانية 2024 وتاريخ انتهائها    وزير العدل يختتم مؤتمر الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حقوق الملكية الفكرية    حجز قضية مصرع شاب على يد 6 أشخاص في المنصورة للنطق بالحكم (فيديو)    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    الانتصار مفتاح السلام    الملك فؤاد خلال زيارته لمكتبة الإسكندرية: سعيد بوجودي في هذا الصرح العظيم| صور    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    لهذا السبب.. هنا الزاهد تتصدر تريند محرك البحث جوجل    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    عزف على أوتار الفقد    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    محافظ المنيا: تقديم كافة الدعم للأشقاء الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي لحين تماثلهم للشفاء    في الموجة الحارة- أعراض إذا تعرضت لها اذهب للطبيب فورًا    المستشفيات التعليمية: برنامج تدريبي لأطباء الهيئة حول تقييم الحالات لزراعة الكبد    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    الخميس ولا الجمعة؟.. الموعد المحدد لضبط التوقيت الصيفي على هاتفك    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    قبل سفرهم إلى أمريكا.. وزير التعليم يستقبل الطلاب المشاركين في مسابقة "آيسف"    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهن سيئة السمعة.. أقصر الطرق للعنوسة
نشر في البوابة يوم 09 - 02 - 2016

العنوسة هى الخطر الأكبر الذى يهدد ملايين الفتيات المصريات.. يحاصرهن من كل اتجاه.. وينتظر الفرصة للانقضاض عليهن، ففى الوقت الحالى بات تأخر سن الزواج ظاهرة تؤرق المجتمع، وقد كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن عدد العوانس فى مصر بلغ 13.3 مليون، ما بين شاب وفتاة ممن تجاوزت أعمارهم 35 عامًا لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب، و10.5 مليون فتاة، ليمثل معدل العنوسة فى مصر 17٪ من الفتيات اللاتى فى عمر الزواج.
هذه واحدة من القضايا الملتهبة، بل يعتبرها البعض قنبلة موقوتة لما لها من تأثيرات اجتماعية مصحوبة بتداعيات خطيرة، باعتبارها تمس جميع الأسر المصرية باختلاف شرائحها الاقتصادية والاجتماعية.
الأسباب التى ساهمت فى تنامى الظاهرة متعددة، وأهمها العادات والتقاليد، وإن كان الخبراء والمتخصصون ركزوا فى دراساتهم العلمية على الظروف الاقتصادية والاجتماعية مثل، البطالة، أزمة السكن، المغالاة فى المهور، إلى جانب أسباب أخرى تخص الفتيات أنفسهن، منها عمل الفتيات فى بعض المهن التى ينظر لها المجتمع نظرة دونية من شأنها أن تعوق زواج الفتيات الأمر الذى يفتح الطريق أمام تنامى زيادة أعداد «العوانس».
أشهر هذه المهن الكوافيرة وعاملة النظافة وسكرتيرة خاصة ومندوبات المبيعات وأفراد أمن، كلها فى النهاية يرفضها العديد من الأسر المصرية فى اختيار زوجة لأبنائهم قصص وحكايات وراء كل فتاة تزاول تلك المهنة.
«نها أحمد»، 25 سنة خدمة اجتماعية، تعمل بمحل كوافير بأبى زعبل بالقليوبية، تقول: بعد أن أنهيت دراستى الجامعية، لم أجد عملًا، وعندما وجدت عملًا بمدرسة كان المرتب 800 جنيه فقط، لم تكف الموصلات وقرأت إعلانًا مطلوب خلاله آنسة للعمل بكوافير، وقابلت صاحبة العمل وظللت شهرًا أتدرب فيه ثم عملت كأى كوافيرة عادية مع أننى لم يكن لى صلة بهذا المجال على الإطلاق قبل ذلك، ومرتبى الآن 3000 جنيه، وأحيانا أحصل على 4000 جنيه فى الشهر حسب الشغل والزبائن والبقشيش.
وتضيف نها: الظروف صعبة والحياة تحتاج إلى مصاريف.. والدى موظف بالحكومة ولدى شقيقتان بالمدارس.. فقررت أن أساعد أبى فى المصاريف لأننى أشعر بأننى أصبحت عبئًا عليه رغم أنه كان رافضًا تلك المهنة.
وعن تأثير مهنتها على من يتقدم لخطبتها تقول: تقدم إلى البعض للخطوبة وبعد أن نتفق على كل شىء يذهبون ليسألوا عنى كما هو معروف عندنا فى زمور الزواج، فيعلموا أننى أعمل «كوافيرة» فيعتذرون عن المجىء مرة ثانية بأى مبرر.. وتتساءل «نها»: لماذا ينفر المجتمع من هذه المهنة؟.. ففى كل مهنة هناك السيئ وهناك الجيد، ومهنة «الكوافيرة» مثلها مثل أى مهنة أخرى وأتمنى أن يعلم الجميع ذلك، فضلًا عن أننى عملت بذلك العمل ليس برضائى أو اختيارى ولكن هى الظروف التى تجعلك تفعل كل شىء دون إرادة.
وبكلمات ممزوجة بشقاء 19 عامًا هى كل عمر «منار محمد» حاصلة على دبلوم تجارة تعمل بكوافير بروض الفرج، شبرا مصر، تقول: والدى توفى وأنا ابنة عشرة أعوام وأعيش أنا وأمى وشقيقتى، على معاش والدى 500 جنيه، بعد أن انتهيت من الدراسة لم أجد شيئًا أفعله وبجانبنا محل كوافير للسيدات صاحبته تعرفنى جيدًا فعرضت علىّ أن أعمل معها فوافقت نظرًا لسوء الأحوال بالبيت وأن أختى قد دخلت الثانوية العامة وتحتاج إلى الدروس ومصاريف وال500 جنيه لا تكفى.
تضيف منار: أعانى من محاولة البعض تشويه سمعتى، فقط لأننى أعمل بمحل كوافير مش عارفه ليه، «هى الكوافيرة حرام؟.. ولو حرام أنا لقيت شغل تانى وقلت لأ؟.. كل شاب يعرف أننى كوافيرة يعاملنى كأننى من بنات الليل، أليس حقى أن أتزوج مثل كل بنت؟.. فهناك بنات يعملن بأبشع المهن ولا أحد يعرف عنهن شيئًا ويتزوجن.. أما أنا بمجرد أن يعلموا أننى كوافيرة أكون فى نظرهم بنتًا للتسلية فقط، وليس للزواج، مع إن لبسى محتشم.
«مش مهم كلام الناس أو حتى زواج».. هذا هو رد «جيلان السيد» بكالوريوس حاسبات ومعلومات، 27 سنة، وتضيف: والدى صاحب محل «كوافير» يعمل به منذ أكثر من 15 سنة وتعلمت منه كل شىء وأنا الآن أتولى مسئولية المحل فليس من المنطق أن أترك مهنة والدى لغيرى فأنا أولى بالتأكيد بها كما أننى أستمتع كثيرًا بعملى.
لأننى أحب هذه المهنة لم أتزوج ولن أتزوج لقد أصبح عندى عقدة تسمى الزواج، ففى المنطقة توجد سيدة تسمى «أم أحمد الخاطبة» أتت لى بالكثير من العرسان لكن لا أعلم سر اختفائهم هل لأننى كوافيرة، الجميع بمنطقة عملى يشهد لى بالأخلاق الحسنة فلماذا يختفون فإذا كانت مهنتى أمام الزواج فلقد اخترت مهنتى فهى أبقى لى من أى شىء.
أما «جومان. ع»، 30 سنة، مطلقة، تعمل بمحل كوافير فى شبرا الخيمة منذ 5 سنوات تقول: تزوجت وعندى 25 سنة، وكان دائما تحدث مشاكل بسبب عملى، إلى أن وصلت المشاكل بالاختيار بين العمل والزوج، رأيت أن العمل أنفع لى من الزوج، بعد طلاقى الجميع حولى يأخذ عنى فكرة سيئة والسبب أننى كوافيرة لكننى سعيدة بعملى ولا أشغل بالى بحديث الناس.
ومن المهن الأخرى التى يرى أنها لا تليق بالفتاة المصرية «فرد أمن» رغم أنها تختص بالذكور فقط، ولكن اقتحمتها الفتيات، وذلك واضح فى محطات المترو «قوت محمد»، 22 سنة، معهد هندسة سنتين لم تجد عملًا غير ذلك، لتساعد أسرتها.. تحكى قصتها عن عريس المستقبل، فتقول: كنت مخطوبة قبل أن ألتحق بهذ العمل بالمترو ولم أعلم خطيبى حتى أستطيع أن أجهز نفسى ولا أكون عبئًا على أهلى، خاصة بعد بلوغ والدى مرحلة المعاش، وعندما علم خطيبى بعملى بالمترو فسخ الخطوبة بداعى أن هذا العمل لا يليق ببنت محترمة. صحيح أننى أتعرض يوميًا لمضايقات من الركاب والشباب، وكأننى فريسة سهلة. أنا الآن مخطوبة لمشرف بالمترو، ويطالبنى بترك العمل ولكن ظروفى لا تسمح أن أتركه، وطلبت منه أن ينتظر حتى أكمل أشياء أحتاجها فى جهازى، وحاليًا تجرى مفاوضات حتى يقتنع، وتتساءل قوت: هو فيه بنت تحب البهدلة؟.
«سناء مختار»، 25 عامًا، حاصلة على معهد خدمة اجتماعية تعمل مندوبة مبيعات لإحدى الشركات العاملة فى مجال بيع العطور ومستحضرات التجميل، تخرج «سناء» كل صباح تحمل حقيبة بها المنتجات وتمر على المقاهى والمحلات لعل أحدًا يرأف بحالها ويشترى منها لتعود آخر اليوم ببضعة جنيهات تساعد بها أسرتها.. تقول: يئست من الحصول على وظيفة محترمة ولم أجد أمامى سوى تلك المهنة، أشعر بمهانة كل يوم عندما أرى نظرة الشفقة فى عيون الناس، وأرى نفسى كأننى متسولة عندما يضع شخص يده فى جيبه، ويخرج مبلغًا من المال ويمده لى دون أن يشترى شيئًا من المنتجات، يأتى علىّ بعض الأوقات أجلس وأبكى بسبب هذا الوضع ولكنى مجبرة على ذلك، والدى مريض وإخوتى صغار فى المدارس ونفسى يتعلموا.
تضيف سناء: أتعرض لمضايقات الشباب كثيرًا طوال اليوم، فهم لا يشعرون باحتياج الآخرين، نظراتهم سهام تمزقنى، منهم من يطلب منى التجول معه فعندما أرفض كلماته تقع على مسامعى كالصخر فيقول: «إنتى بتلفى طول النهار وإيه يعنى لما نتمشى شوية».
تقدم لخطبتى شاب يعمل فى محل اتصالات ولكننى رفضته لأنه سيئ السمعة ومستهتر لا يستطيع أن يكون أسرة ويحافظ عليها، وأتمنى أن أجد ابن الحلال الذى ينتشلنى من هذا الوضع.
من جانبه يقول الدكتور أحمد ثابت محمدين، الخبير الاجتماعى والنفسى: هناك مشكلة كبيرة فى طريقة تفكيرنا ومفاهيمنا الخاطئة حول النظرة لبعض المهن بالنسبة للمرأة باحتقارها والتقليل منها، ومنها الممرضة والكوافيرة وغيرهما، لأن البعض ينظر لهذه المهن بشىء من السوء، ولكن اختلف ذلك كثيرًا فى الفترة الأخيرة نتيجة الإيمان بدور المرأة وتمكينها، والثقة بأن المرأة تستطيع العمل فى أى مجال، ويساعدها ذلك على تحقيق أهدافها، ولكن هناك بعض الأعمال كان لا يمكن ممارستها للمرأة لأنها مرفوضة فى المجتمع المصرى مثل الحراسات الخاصة والأعمال القتالية، وأصبحت مباحة الآن ولكن العمل ببعض المهن قد يؤدى بالفتاة إلى عنوستها بسبب العديد من المهن التى يرفضها المجتمع فى بعض الحالات كعمل الفتاة كوافيرة أو مندوبة مبيعات أو عاملة نظافة أو عاملة فى محل ولكن فى الحقيقة أن عمل المرأة وأداءها فى الفترة الأخيرة أحدث تغييرًا كبيرًا فى المجتمع لأنها خرجت للعمل بسبب شعورها بالنقص من تأخرها فى الزواج وفقدانها الثقة، الأمر الذى جعلها تحاول أن تثبت نفسها من خلال العمل لكى تحقق مكانة اجتماعية، والعادات وتقاليد المجتمع تقف عائقا، وأضاف ثابت أن المشكلة فى خروج الفتاة للعمل فتكون مسئولياتها ضعف مسئوليات الرجل، فخروجها للعمل ضرورة اجتماعية خروجها من المنزل يهيئ لها فرص التعارف ويمنحها فرصة اختيار الزوج المناسب لها.
أما الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، فترى أن بعض الأسر لا تزوج أولادها إلا حسب المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى، لذا تكثر القيود على الفتاة وكأننا فى عصر الجاهلية؟ وأن النظر لبعض الوظائف على أنها تؤدى للعنوسة شىء يدل على تخلف الأمم وليس تقدمها، وأنا أختلف مع هذه النظرة فى الظروف الحالية نظرًا للحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، فالعنوسة مرتبطة فى مجتمعنا بأن البنت تتجوز فى سن صغيرة فى حين ترى فى المجتمعات المدنية تتجاوز سن الثلاثين وأكثر تطلق عليها صفة العانس والمجتمع لا يسمح أن الزوجة تكون أكثر حظًا فى التعليم عن الرجل، وأضافت أن ارتفاع معدلات البطالة وغلاء الإسكان وتكاليف الزواج وغلاء المهور والعوامل النفسية التى نختار على أساسها الزواج والتغير الاجتماعى هى السبب الرئيسى للعنوسة، لذا ترفض «الساعاتى» النظرة الضيقة للفتاة من زاوية المهنة.
«المُمَرِّضة».. المفتَرى عليها
عمل الفتاة أصبح واقعًا تفرضه الظروف، بل وتنص عليه الحريات، غير أنه فى مصر يتخد أسبابا أخرى تجعل منه أساسا لا غنى عنه، أهمها على الإطلاق الظروف الاجتماعية، وانتشار الفقر والبطالة للدرجة التى تجبر الأنثى على الخروج لإيجاد عمل ما، والمساهمة بشكل أو بآخر فى استمرار حياة الأسرة، وفى بعض الأحيان تكون تلك الأنثى عائلًا، مما يجعل خروجها للعمل أمرًا ضروريًا ولا يندرج تحت بند الرفاهية والاختيار.
غير أن بعض المهن ينظر إليها ببعض الريبة، رغم ما تنطوى عليه من تعب وجهد، ورغم أهميتها القصوى أيضا، واحتياج المجتمع لها، ومن تلك المهن تأتى مهنة الممرضة، ملاك الرحمة المفترى عليها دائما.
أنغام زايد ممرضة تقول: «أنا من قرية صغيرة تتبع لمركز شبراخيت، وكان شغلى فى وادى النطرون بمستشفى اسمه اليوم الواحد على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، كنت باخد 3 ساعات كى أصل لمكان عملى، يعنى أخرج من بيتنا ستة الصبح أوصل تسعة أو تسعة ونص، المكان يحوى سكنا خاصا لنا، بنقعد أربع أيام وناخد تلاتة إجازة، اتعلمت فيه معنى الضمير وحب الناس، المستشفى من أفضل الأماكن التى اشتغلت فيها، بس طبعا زى أى مكان فيه مشاكل كتير، نقص فى الفرش والأدوية.. أوقات كنا بنلم من بعض فلوس ونشترى للمرضى اللى مالهومش أهل علاج، ونجيب أتواب قماش نفصلها ملايات علشان معظم الملايات بتتاخد مع حالات الوفيات ومابترجعش».
تضيف أنغام: «أنا ممرضة، ومش معنى إنى ممرضة يعنى جاهلة، أنا بكمل كلية حقوق وفى سنة تالتة دلوقى، وبكتب روايات وقصص وأول عمل ليا هينزل فى المعرض، وأغلب الممرضات أوائل مدارس ودخلوا بمجهودهم الشخصى، ويعتبر التمريض اللى تبع وزارة الصحة الشىء الوحيد اللى فى البلد مافيهوش واسطة ولا بيندفع فيه فلوس». أنغام تشعر بالحزن من نظرة البعض للممرضة وتقول: «عارف يعنى إيه واحدة بيبقى على كتفها هم جبال ولازم تضحك فى وشك علشان مالكش ذنب تشوفها مكشَّرة؟ يعنى إيه واحدة سايبة ولادها عند الجيران أو مع زوجها لحد ما ترجع، ورايحة تلف على سراير ناس تطبطب عليهم وتواسيهم وتعالجهم؟.. اشمعنى فى مصر التمريض وحش وسمعته مش حلوة، وفى بلاد بره الطبيب والممرضة ليهم مكانة وكل الناس بتحترمهم وماحدش بيتكلم عنهم بسوء؟».
وتجيب أنغام: «لأنه لو واحدة ضحكت فى وش الشاب المصرى، وعاملته زى ما يكون حد من أهلها يفكرها دايبة فى غرامه، وللعلم دى حاجة إحنا دارسينها، يعنى علمونا فى المدارس مانفرقش بين لون وديانة، علمونا نحط المريض مكان أبونا، أمنا، أخونا، علشان نحس بوجعه واللى هو فيه.
لو الممرضة مسكت إيد المريض علشان تشوفله النبض يتحول لعادل إمام (بتحبينى يا هدى).. يعنى الشاب بيبقى رايح بيتلوّى من الوجع وسايب اللى هو فيه وبيبصبص للممرضة.. وأخيرا كل مكان فيه الكويس وفيه الوحش، يعنى لو مستشفى كامل فيه ممرضة أو دكتور وحشين فدا مايديش الحق إن حد يحكم على الكل كدا».
أنغام انتهت من كتابة أول رواية لها باسم «نيكوبار»، وهو نوع من أنواع الحمام النادر، وهى خليط من الفانتازيا والرعب الساخر، تحكى عن الجن، وتدور أحداثها حول بنت تتعرض للمتاعب، مما يؤثر على نفسيتها.
أما فهيمة محمود فهى ممرضة منتدبة حاليا لمستشفى قوات مسلحة، تقول: «بانزل الطابور 7 ونص، وأستلم الشيفت 8 الصبح.. وأسلم الشيفت لزميلتى 8 الصبح تانى يوم، على المستوى الشخصى وبما إنى شغالة ممرضة بالتقريب هتلاقى أكتر من نص الممرضات غير صبورات وبيعاملوا المرضى بقسوة وزعيق، أما الجزء القليل اللى فاضل فبيراعى ربنا فى الناس، وده لأننا مجتمع معيوب بالكامل.
وعشان ما أكونش جاية علينا أوى، إمكانيات المستشفى بتكون أول عامل يخلينى أدى للمريض حقه، ولو مفيش إمكانيات للأسف ممكن أقف جنب مريض بيموت ومعايا دكتور ومش قادرين نعمل حاجة، لأن نظام تحويل المرضى فى المستشفيات عقيم، أما المستوى العلمى فالوقت الحالى أفضل بشكل ملحوظ، لأن أغلب التمريض دلوقتى تعليم عالى، وله كليات ومعاهد مش بتاخد أى طلبة ومحاضرات فى طب وشغلانة، بالإضافة للكورسات والامتحانات الدورية اللى بتعملها وزارة الصحة فى المستشفيات الحكومية، وللعلم أى ممرض أو عامل فى المجال الصحى فى مصر متبهدل، ويكفى أن بدل العدوى بتاعنا لسه 16 جنيه، ولما بنتصاب بأى فيروس الوزارة بتقولنا اخبطوا دماغكو فى الحيط».
وعن سوء الاهتمام بوقاية الممرضات بالمستشفيات قالت: «فيه مرضى بييجوا عندهم فيروس سى وإيدز ومش بيرضوا يعرفوا التمريض علشان بيخافوا إننا منتعاملش معاهم، وفيه مستشفيات مش متوافر فيها الجوانتيات، فيصاب البعض بمرض الإيدز وده مقلب حصل فيا شخصيًا».
وتضيف: «وأنا طالبة ست جات تقولى إنتى مخطوبة وعايزة تخطبنى لابنها، ولما قولتلها بابا بيرفض قالتلى طب عايزة أى بنت ممرضة من أصحابك أخطبها لابنى.
فيه ثقافة منتشرة بين الستات ملخبطة شوية بتقول الممرضات سيئات السمعة، بس نجوزهم عيالنا علشان شغالين وهيصرفوا على البيت، وهتحاول بشتى الطرق تشيل نظرة الدونية لخطيبة ابنها على الأقل لحد ما يتجوزوا، وبعدها تعايرها، ده إنتى حتة ممرضة، على أساس أن كلمة ممرضة شتيمة».
لفهيمة أيضا «عودة طاقية الإخفاء»، وتحتوى على 20 قصة متنوعة بين الفانتازيا والاجتماعى الساخر وقصة أطفال وقصص شبيهة بأدب قصص الومضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.