انتقاد دولي لإحالة 43 متهمًا في قضية «التمويل الأجنبي» إلى «الجنايات»

انتقدت منظمات دولية قرار قاضي التحقيقات بإحالة المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني إلى محكمة الجنايات، ورأت تلك المنظمات أن الاتهام تحركه دوافع سياسية وليست قانونية، مطالبة السلطات المصرية بوقف التحقيق وإصدار قانون للجمعيات الأهلية يتماشى مع المعايير الدولية. وأعرب المعهد الديمقراطي الوطني الأمريكي عن «قلقه العميق» إزاء إحالة المتهمين في قضية تمويل منظمات المجتمع المدني إلى محكمة الجنايات، وهم 19 أمريكيًا من بينهم ابن وزير النقل الأمريكي، و5 صربيين، ومواطنان ألمانيان، و3 عرب، و14 مصريًا.
وقال المعهد، الذي ترأسه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «مادلين أولبرايت» - في بيان له - إنه ينفذ جميع أنشطته في مصر بطريقة شفافة وغير حزبية، وتعاون مع جهات التحقيق بشكل كامل، وتقدم بكل الأوراق اللازمة للتسجيل إلى وزارة الخارجية منذ عام 2005.
وأوضح المعهد الجمهوري الدولي أن الاتهام الموجه للمنظمات تحركه «دوافع سياسية»، رغم حديث الحكومة المصرية عن أنه يتم وفقًا للإجراءات القانونية والقضائية، مشيرًا إلى أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حال حقوق الإنسان في العالم لعام 2011 قال إن الدستور المصري ينص على استقلال القضاء، لكن الممارسة تثبت «أن القضاة كانوا عرضة لتأثير السلطة التنفيذية والفساد».
وأضاف المعهد، الذي يرأسه السيناتور الجمهوري «جون ماكين»، في بيان له، إن استمرار اتهام منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية لا يحدث لأسباب قانونية، بل تحركه دوافع سياسية، بهدف الحد من نمو المجتمع المدني في مصر، بقيادة «محاكم وبقايا نظام مبارك».
في سياق متصل، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات المصرية بإسقاط جميع الاتهامات المنسوبة إلى المنظمات غير الحكومية غير المسجلة، وإيقاف التحقيق الجنائي مع هذه المنظمات، وعدم اتخاذ أي تحركات في هذه القضية حتى يقدم البرلمان المصري الجديد تشريعاً يتسق مع المعايير الخاصة بالقانون الدولي، مشيرة إلى أن المنظمات الخاضعة للتحقيق لم تكن مسجلة بموجب قانون الجمعيات الصادر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لأن الحكومة لم ترد على طلبات التسجيل التي قدمتها هذه المنظمات.
وأضافت المنظمة - في بيان لها - أن مشروع قانون الجمعيات الذي اقترحته الحكومة مؤخرًا من شأنه أن يزيد من «القيود المفروضة» على حرية تكوين الجمعيات.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في «هيومان رايتس ووتش» جو ستورك إن السلطات المصرية تستخدم «قانونًا منزوع المصداقية» منذ عهد مبارك لملاحقة منظمات غير حكومية قضائيًا، فيما تقترح تشريعًا «أكثر تقييدًا» من المطبق، وعلى الحكومة أن تكف عن استخدام القانون القديم، وأن تجمد جميع التحقيقات الجنائية، وأن تقترح قانونًا «يحترم» المعايير الدولية.
وأشار إلى أن هذه الحملة تستهدف منظمات حقوق الإنسان والديمقراطية المصرية الممنوعة من التسجيل بسبب «قوات أمن مبارك»، رغم أهمية التمويل الأجنبي لعمل هذه المنظمات، مشيرًا إلى أن الحكومة العسكرية المصرية تستخدم الآن نفس الأساليب المستخدمة في زيمبابوي وإثيوبيا ل«إسكات الأصوات المستقلة»، مشيرًا إلى أن دولاً مثل لبنان والمغرب لا تطالب بالموافقة المسبقة على التمويل الأجنبي للجمعيات، ولا تطالب إلا بإعلان بالحصول على تمويل خلال 30 يومًا من تلقيه، في المغرب، وتقرير سنوي في لبنان. وتابع إن المسؤولين المصريين «يزعمون» أن التحقيق القضائي مع المنظمات مستقل، لكن القضاة اختارتهم نفس الوزارة التي أعدت تقرير منظمات المجتمع المدني.
واستطرد: «الحكومة أمرت بهذا التحقيق، فعليها إذن أن تأمر بوقفه، وأن تقترح بدلاً منه قانونًا جديدًا يتفق مع المعايير الدولية». وأكد «ستورك» على حق الحكومات في تنظيم أعمال منظمات المجتمع المدني، لكن «دون أن تتدخل» في إدارتها اليومية وأن تعرقل أنشطتها والقرارات التي تتخذها، مطالبًا البرلمان المصري بأن يصدر قانونًا جديدًا يضمن حقوق منظمات المجتمع المدني، في أن تعمل دون تدخل لا داعي له من السلطات. وقالت المنظمة إن معدل التحقيقات يشير إلى أن عشرات المنظمات الأخرى عرضة للخطر، لافتة إلى تقرير مسرب من وزارة العدل في سبتمبر الماضي تحدث عن 39 من بين المنظمات الأعلى صوتاً المعنية بحقوق الإنسان في مصر، غير المسجلة بموجب قانون الجمعيات، و28 منظمة أخرى تتلقى تمويلًا أجنبيًا دون إذن مسبق. واتهمت المنظمة مسؤولين «حكوميين وعسكريين» بشن حملة «تشهير» بمنظمات المجتمع المدني على مدار الشهور الماضية، واتهامها بتلقي تمويل أجنبي، والعمالة ومحاولة هدم الأمن القومي المصري ونشر الفوضى.