صورة أرشيفية قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن الحكومة المصرية تتحرك باتجاه تقييد حقوق الإنسان والمنظمات الديمقراطية، مطالبة نيابة أمن الدولة بإغلاق تحقيقات «الخيانة» التي تجريها مع منظمات غير حكومية متهمة بتلقي تمويل أجنبي، مشيرة إلى إعلان وزارة العدل عن أن وجود 30 منظمة غير حكومية غير مسجلة في وزارة التضامن وتتلقى تمويلا أجنبيا. وأضافت المنظمة الأمريكية، في بيان لها أمس، إن تقييد التمويل الأجنبي يؤدي إلى حرمان منظمات المجتمع المدني من القدرة على العمل، لأن مصادر التمويل المحلية في عهد مبارك كانت تخشى تمويل تلك المنظمات. وأشارت المنظمة أنه بموجب قانون الجمعيات، فإن لوزارة التضامن الاجتماعي الحق في منع التمويل لأسباب عديدة، منها إذا رأت الوزارة أن الغرض من التمويل لا يدخل ضمن اختصاصات الجمعية كما هي معلنة، وقالت إن القانون إلى «المنع التعسفي المتكرر» للتمويل عن مشروعات ومنظمات تتعامل مع قضايا حقوقية حساسة وهامة، مثل قضية التعذيب، واصفة قانون الجمعيات لسنة 2002 بأنه شديد التقييد، ويجرم أنشطة منظمات المجتمع المدني التي تمارسها منظمات غير مسجلة، كما يجرم تلقي أي تمويل دون تصريح رسمي مسبق. وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش جو ستورك: «بدء السلطات المصرية في إجراء تحقيقات جنائية بنفس أساليب مبارك في خنق المجتمع المدني، هو أمر مثير للشبهات حول التزام الحكومة الانتقالية بحقوق الإنسان، ولابد أن تقوم مصر أولا بتعديل قانون الجمعيات من أجل حماية استقلالية وحرية المجتمع المدني، لا أن تزيد من القيود عليه وتهدد بالملاحقة الجنائية». وأضاف ستورك إن «انتقاد المنظمات المستهدفة للمؤسسة العسكرية بسبب التعذيب والمحاكمات العسكرية يثير الشبهات حول التحقيق»، مشيرا إلى أن الكثير من المنظمات غير المسجلة «ستلعب دورا هاما» في مراقبة الانتخابات المقبلة، و«أي تدخل في حرية هذه المنظمات في العمل سيكون له أثر سلبي على أجواء ما قبل الانتخابات». وتابع: « لا يحق لأي حكومة منع التمويل الأجنبي عن منظمات المجتمع المدني»، مؤكدا أن التصريح المسبق قبل تلقي التمويل الأجنبي يعتبر من القيود التي «لا داعي لها»، بما أن هناك أساليب أخرى أنسب لتنظيم الإدارة المالية للمنظمات. ولفتت المنظمة إلى أن نيابة أمن الدولة أعلنت في 7 أغسطس الماضي عن البدء في تحقيق موسع في شكاوى تلقاها النائب العام من «جهات سيادية»، اتهم فيها المنظمات التي تحصل على تمويل «غير قانوني» من مصادر أجنبية بتهمة «الخيانة العظمى والتآمر على مصر وتنفيذ أجندات خارجية للإضرار بالأمن القومي المصري»، لكنه لم يذكر أي من المنظمات المعنية، وقالت هيومان رايتس ووتش إن نيابة أمن الدولة عادة ما تحقق في قضايا التنظيمات المسلحة أو الجريمة الدولية المنظمة، وتحيل القضايا إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، وهي محكمة لا تتبع إجراءات المحاكم الطبيعية ولا تتيح الحق في الإستئناف. ودعت هيومان رايتس ووتش السلطات المصرية إلى البدء فورا في تعديل القانون رقم 84 الخاص بالجمعيات، حتى يصبح متفقا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، عن طريق جعل نظام تسجيل الجمعيات بالإخطار، وتقييد صلاحيات التدخل في عمل المنظمات غير الحكومية، وحماية استقلالية المنظمات المالية مع مطالبتها بالشفافية المالية، وقالت: « لابد أن يطبق القضاة المصريون القواعد الدولية الخاصة بحرية تكوين الجمعيات، من أجل وقف العمل بقوانين وقواعد من قبيل القانون رقم 84، التي تضع قيودا متعسفة وغير متناسبة على حرية تكوين الجمعيات». وأضافت إن حكومة الرئيس السابق حسني مبارك استعانت بمجموعة معقدة ومتشابكة من القوانين والقرارات وصلاحيات الطوارئ من أجل خنق حرية تكوين الجمعيات، ومنعت مباحث أمن الدولة في حالات كثيرة تسجيل منظمات حقوق إنسان مستقلة بموجب القانون، ومنذ خلع مبارك في فبرايرالماضي، قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحرير قانون الأحزاب السياسية بما يسمح بإنشاء أحزاب سياسية جديدة بالإخطار لا أكثر، مع تعديل قانون النقابات، لكن لم تظهر أية بوادر لتحركات من أجل تعديل قانون الجمعيات، مشيرة إلى أن التصعيد في الخطاب الحكومي العام والمؤسسة العسكرية على مدار الشهور الأخيرة، يهدف إلى نزع الشرعية عن المنظمات التي تتلقى تمويلا أجنبيا.