أستاذ مناخ: التغير المناخي يضرب مصر.. ارتفاع قياسي في درجات الحرارة وندرة في الأمطار

في خطوة نحو التأكيد مجددا على تسارع ظاهرة التغير المناخي، أعلن باحثون من الاتحاد الأوروبي أن شهر يناير الماضي سجل أعلى متوسط لدرجات الحرارة منذ بدء التوثيق، يأتي هذا في ظل تواصل تسجيل درجات حرارة عالمية غير مسبوقة، ما يعكس تأثيرات الاحتباس الحراري المتزايدة على كوكب الأرض.
ووفقًا لخدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، فقد كان شهر يناير 2025 امتدادًا لسلسلة من الأشهر التي شهدت درجات حرارة استثنائية، وأوضحت النشرة الشهرية للخدمة أن 18 من بين آخر 19 شهرًا تجاوزت فيها درجات الحرارة العالمية متوسط مستويات ما قبل الثورة الصناعية بأكثر من 1.5 درجة مئوية.
وسجل متوسط درجة الحرارة العالمية خلال يناير ارتفاعًا بمقدار 1.75 درجة مئوية، مقارنة بالفترة التي سبقت الثورة الصناعية، مما يعزز المخاوف بشأن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
من جانبه، كشف الدكتور على قطب أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، أن العالم يواجه تغيرات مناخية مستمرة، حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، مما يؤثر على النظم البيئية والمناخية في مختلف الدول، موضحا أن لكل شهر من شهور السنة متوسطات مناخية تشمل درجات الحرارة، كميات الأمطار، والظواهر الجوية، إلا أن هذه المتوسطات تختلف من دولة إلى أخرى بناءً على الموقع الجغرافي، ومدى القرب من المسطحات المائية.
وأشار قطب، في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»، إلى أن التغيرات المناخية أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة عالميًا، وهو ما انعكس على مصر أيضًا، حيث كان من المفترض أن يبلغ متوسط درجة الحرارة العظمى على القاهرة خلال شهر يناير حوالي 17 درجة مئوية، إلا أن تسجيلات الأرصاد الجوية المصرية أظهرت أن المتوسط الفعلي كان بين 20 و21 درجة مئوية في معظم أيام الشهر،كما أن درجات الحرارة الصغرى، التي تُسجل عند الفجر، كانت أعلى من معدلاتها الطبيعية بحوالي 3 إلى 4 درجات مئوية.
وعن معدلات الأمطار هذا العام، أضاف أن هذه الزيادة في درجات الحرارة أثرت على معدلات هطول الأمطار، إذ شهدت مصر ودول شمال إفريقيا، باستثناء المغرب العربي وبعض دول الخليج، ندرة في الأمطار، مشيرا إلى أن استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض يؤدي إلى زيادة تبخر المياه من البحار والمحيطات، مما يتسبب في زيادة كميات الأمطار فوق هذه المسطحات المائية، وبالتالي حدوث فيضانات على الشواطئ، في حين تقل فرص هطول الأمطار على اليابسة.
وأكد أستاذ المناخ أن السبب الرئيسي في تفاقم أزمة المناخ هو عناد الدول الصناعية الكبرى ورفضها تقليل الانبعاثات الكربونية، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحب من اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، كما أبدى عدم التزامه بتوصيات مؤتمر المناخ COP29 في أذربيجان، وهو ما يعكس إصرار بعض الدول الكبرى على الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأوضح أستاذ المناخ، أن منطقة شرق المتوسط تتأثر عادة ب 12 إلى 13 منخفضًا جويًا خلال فصل الشتاء، إلا أن هذا العام شهدت المنطقة عددًا أقل بكثير من المنخفضات الجوية، ما أثر على معدلات الأمطار، وهو ما يعكس التأثير المتزايد للتغير المناخي على أنماط الطقس في المنطقة.
يذكر أن علماء المناخ قد أشاروا في وقت سابق إلى أن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية حاجز 1.5 درجة مئوية، فوق المستويات المسجلة قبل الثورة الصناعية، وأكدت خدمة «كوبرنيكوس» هذا التقييم، مشددة على أن تغير المناخ يدفع حرارة الأرض إلى مستويات غير مسبوقة في العصور الحديثة، ما قد ينذر بعواقب بيئية خطيرة على المدى القريب والبعيد.
يأتي هذا أيضا بعد أن تم تصنيف عام 2023 على أنه العام الأعلى حرارة على كوكب الأرض ضمن سجلات عالمية ترجع لعام 1850، نتيجة لتغير المناخ الذي تسببه الأنشطة البشرية وظاهرة النينيو الجوية التي تشهد ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية في شرق المحيط الهادئ إلى ارتفاع درجات الحرارة.