يحيى السنوار، ذو الشعر الأبيض الثلجي والحاجبين الأسودين، هو زعيم الجناح السياسي لحركة حماس في غزة، وأحد أكثر الرجال المطلوبين في إسرائيل. وتحمل سلطات الاحتلال السنوار مع آخرين مسؤولية الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، والتي قُتل فيها حوالي 1200 شخص، وجرى اختطاف أكثر من 200 آخرين. «السنوار هو القائد.. وهو رجل ميت»، هكذا أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاغاري في أوائل أكتوبر. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، إن «هذا الهجوم البغيض قرره يحيى السنوار، لذلك هو وجميع الذين تحته أموات يمشون». ومن بين هؤلاء محمد ضيف، الزعيم المراوغ لجناح حماس العسكري، كتائب عز الدين القسام. يعتقد هيو لوفات، زميل السياسات البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية «ECFR»، أن الضيف كان العقل المدبر وراء التخطيط لهجوم 7 أكتوبر لأنه كان عملية عسكرية، لكن السنوار «من المحتمل أن يكون جزءًا من المجموعة التي خططت». وتعتقد إسرائيل أن السنوار، الرجل الثاني في القيادة بعد زعيم حماس إسماعيل هنية، محاصر تحت الأرض، ويختبئ في أنفاق في مكان ما تحت غزة مع حراسه الشخصيين، ولا يتواصل مع أحد خوفا من أن يتم تعقب إشارته وتحديد موقعها. في ذلك الوقت، كانت خان يونس «معقلًا» لدعم جماعة الإخوان المسلمين، كما يقول إيهود يعاري، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي أجرى مقابلة مع السنوار في السجن أربع مرات. ويقول يعاري إن الجماعة الإسلامية «كانت حركة ضخمة للشباب الذين يذهبون إلى المساجد في ظل الفقر الذي يعيشه مخيم اللاجئين»، وأنها اكتسبت فيما بعد أهمية مماثلة بالنسبة لحماس. اعتقلت إسرائيل السنوار لأول مرة عام 1982، عندما كان يبلغ من العمر 19 عامًا، بتهمة «أنشطة إسلامية»، ثم اعتقلته مرة أخرى في عام 1985. وفي هذا الوقت تقريبًا، حصل على ثقة مؤسس حماس، الشيخ أحمد ياسين. ويقول كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن الاثنين أصبحا «مقربين للغاية». ويضيف مايكل أن هذه العلاقة مع الزعيم الروحي للمنظمة ستمنح السنوار فيما بعد «تأثير الهالة» داخل الحركة. يقول ياري: «إنه من النوع الذي يستطيع أن يجمع حوله أتباعًا ومعجبين، بالإضافة إلى العديد من الأشخاص الذين يخافون منه ولا يريدون الدخول في أي قتال معه». وفي عام 1988، زُعم أن السنوار خطط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين. وتم اعتقاله في العام نفسه، وأدانته إسرائيل بقتل 12 فلسطينيا وحكم عليه بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة. وبعد عامين من تأسيس حماس عام 1987، قام بتأسيس منظمة الأمن الداخلي المرهوبة التابعة للحركة، «المجد». كان لا يزال عمره 25 عامًا فقط. اشتهر المجد بمعاقبة المتهمين بما يسمى بالجرائم الأخلاقية- يقول مايكل إنه استهدف المتاجر التي تخزن «أشرطة الفيديو الجنسية»- بالإضافة إلى مطاردة وقتل أي شخص يشتبه في تعاونه مع إسرائيل. السجن.. «اعرف عدوك» قضى السنوار جزءا كبيرا من حياته البالغة- أكثر من 22 عاما- في السجون الإسرائيلية، من عام 1988 إلى عام 2011. ويبدو أن الوقت الذي قضاه هناك، والذي قضاه بعض الوقت في الحبس الانفرادي، جعله أكثر تطرفا. يقول يعاري: تمكن من فرض سلطته بلا رحمة، مستخدمًا القوة". لقد وضع نفسه كقائد بين السجناء، حيث كان يتفاوض نيابة عنهم مع سلطات السجن ويفرض الانضباط بين النزلاء. يقول ياري إنه «ماكر للغاية وداهية- رجل يعرف كيفية تشغيل وإيقاف نوع من السحر الشخصي». وعندما قال له السنوار إنه يجب تدمير إسرائيل وأصر على أنه لا يوجد مكان للشعب اليهودي في فلسطين، «كان يمزح قائلا: ربما سنستثنيك». أثناء وجوده في السجن، أصبح السنوار يجيد اللغة العبرية، ويقرأ الصحف الإسرائيلية. يقول ياري إن السنوار كان يفضل دائمًا التحدث معه بالعبرية، على الرغم من أن ياري كان يجيد اللغة العربية. يقول يعاري: «لقد سعى إلى تحسين لغته العبرية. أعتقد أنه أراد الاستفادة من شخص يتحدث العبرية بشكل أفضل من حراس السجن». جرى إطلاق سراح السنوار في عام 2011 كجزء من صفقة شهدت إطلاق سراح 1027 سجينًا فلسطينيًا وعربيًا إسرائيليًا من السجون مقابل رهينة إسرائيلية واحدة، وهو الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وظل شاليط محتجزا لمدة خمس سنوات بعد اختطافه من قبل شقيق السنوار، من بين آخرين، وهو قائد عسكري كبير في حماس. ومنذ ذلك الحين دعا السنوار إلى المزيد من عمليات اختطاف الجنود الإسرائيليين. بحلول ذلك الوقت كانت إسرائيل قد أنهت احتلالها لقطاع غزة وكانت حماس تتولى زمام الأمور، بعد أن فازت في الانتخابات ثم قضت على منافسيها، حركة فتح التي يتزعمها ياسر عرفات، وذلك بإلقاء العديد من أعضائها من فوق قمم المباني الشاهقة.