«عم محمد الميكانيكى».. يصلح ما أفسدته الحياة بيد واحدة

في منطقة شبرا الخيمة، وتحديدًا «عزبة عبدالغنى»، وداخل ورشة ضيقة بسيطة يمكث عم «محمد كاوتشة»، البالغ من العمر 53 عامًا، هذا الشخص الذي واجه تحديات الحياة بإيد واحدة وعين واحدة بعد أن تعرّض لحادث، لكنه أصر على العمل بعد الحادث في مهنة شاقة، متحديًا إعاقته- قائلًا: «عايز أجيب الجنيه بإيديا مش حد يدينى جنيه».
محمد معوض إبراهيم، المعروف ب«محمد كوتشة» نسبة إلى مهنته، حكى لنا عن حادثه الأليم الذي تعرض له وهو في ريعان شبابه- لم يتخط ال 18 عاما، مضيفًا: «كنت شغال ميكانيكى، وكنت بصلح عربية في الصحرا الغربية في العلمين، لقيت بتاعه نحاس كده قعدت أجيبها شمال تجيلى يمين لغاية ما انفجرت، ودونى المستشفى وعملوا البتر، وعينى كانت إتصفت وإتركب مكانها عين إزاز».
بعد هذا الحادث الصعب كان من الطبيعى أن يرى الدنيا سوداء ويشعر باليأس والإحباط من العالم، لكن عم محمد تدارك ذلك كله، وقرر أن يتحدى تلك الإعاقة ويعمل ويستمر، فالحياة لا تتوقف، ويتزوج وينجب لكى يعيش، وكأن تلك الحادثة لم تحدث من الأساس، وجرّب مهنا كثيرة حتى استقر على مهنة الكاوتش.
وأضاف عم محمد: «تلك المهنة هي الوحيدة التي استطعت العمل بها بعد الحادث.. حاليًا بقالى 30 سنة فيها مفيش حاجة عاقتنى الحمدلله»، ليثبت أنه رغم إعاقته إلا أن استطاع أن يطوع الحياة من أجل أن يحيى ويكسب لقمة عيش حلال يربى بها ابنه ويرعى زوجته المريضة.
صنع «عم محمد» قطعة صغيرة من الحديد لكى يضع فيها يده المبتورة وهو يقود عجلته من بيته إلى ورشته كل يوم، ولسان حاله يردد «لازم أجاهد علشان أعرف أكمل»، متابعًا: «أستطيع إصلاح أي نوع كاوتش زى أي شخص طبيعى يملك يدين.. واللحام بيطلع مسطرة وأكنها متخرمتش قبل كده».
واختتم: «الكثير من الناس تستعجب من كونى أعمل في هذه المهنة بيد واحدة، لكنى أثق في قدراتى لأبعد الحدود، وكل ما أريده هو أن يساعدنى أحد لشراء بضائع إلى ورشتى على أن أقوم بتقسيط التكلفة إليه على دفعات.. ذلك هو حلمى الصغير الذي أسعى من أجله».