«ابنى مش بيبص عليكِ».. قالتها الحاجة «آمال» لجارتها التي وقفت في شرفتها تصرخ: «الحقونى.. الحقونى في واحد بيبص عليّا ولابس شورت ومن غير هدوم من فوق»، لتتحول منطقة بهتيم بالقليوبية إلى ساحة معركة، بعد أن استعانت الجارة بأقاربها الذين حضروا حاملين أسلحة بيضاء. قبل ذهاب محمود عكاشة لعمله بإحدى الشركات، وفق والدته، «لقى أخوه الكبير محمد طالع فوق السطوح بيتابع حرامى.. وأبوه مُسن وكان في حالة رعب كبيرة.. طلع يشوف أخوه وقال له خلاص الحرامى مشى من هنا». الأم تتذكر بقية تفاصيل اليوم المشؤوم، حسب وصفها: «الحرامى حدف طوب على ابنى محمد وجرى، فقلنا له خلاص انزل من فوق السطح على شقتك.. وكنا فاكرين الحكاية خلصت.. فجأة لقيت واحدة ست ساكنة في العمارة اللى جنبنا بتصرخ في الأهالى وتقول الحقونى في شاب واقف عريان بيبص عليّا..الشارع اتقلب والناس كلها وقفت تتفرج علينا.. وابنى قال لها عيب الناس بتتفرج علينا.. مبصتش عليكِ ولا أعرفك». الأم المسنة خرجت من شرفتها ترد عن ابنها الإساءة: «يا ستى ابنى مش بيبص عليكِ ولا يعرفك، كان فيه حرامى في بيتنا وابنى بيدور عليه فوق السطح، دا حتى حدفه بالطوب»، لافتة إلى أنها ظلت تترجاها وتؤكد لها أن ما تتخيله لم يحدث على الإطلاق، إلّا أنها صممت واتصلت بأقاربها. بعد دقائق معدودة، طلبت الأم من ابنها الأصغر «محمود» أن يذهب إلى عمله، وقالت لابنها الأكبر «محمد»: «متخرجش من شقتك، هنحل الحكاية دى لكن حصل اللى ميخطرش على البال، نزلت الشارع أنا وجوزى نحاول تهدئة الجارة، وفجأة حضر زوج أختها وفتح مطواة وحاول يعورنى في وشى، دافعت عن نفسى بإيدى فقُطعت أوتار إيدى.. ولما ابنى محمد نزل يحمينى اتضرب بإيده وجوزى صفعه على وجهه وقال له اطلع إنت». صاحبة ال 70 عامًا تصمت قليلًا ودموعها تسيل على خديها، تحاول أن تتمالك أعصابها، لتحكى: «فجأة لقيت ابنى محمود رجع تانى، سألته إيه اللى جابك.. فقال لى واحد صاحبى كلمنى وقال لى إنكم بتتخانقوا.. وملحقش ينطق بالجملة، ولقيت زوج شقيقة جارتنا بيطعنه بالمطواة في صدره.. ولما روحنا بيه المستشفى قالولنا دا جاى ميت.. البقاء لله». والدة المجنى عليه تنهار باكية وهى تتذكر أحلام ابنها «محمود»: «كان نفسه يعمل معادلة ويدخل كلية الهندسة.. بيشتغل علشان يصرف على نفسه.. وعدنى إنه يطلعنى عُمرة أنا وأبوه.. دا ابنى آخر العنقود.. أحن واحد عليّا.. إحنا ناس في حالنا.. والست جارتنا لسه ساكنة هنا من 5 شهور وما تعرفناش». والد «محمود» يتابع: «طلبت من ولادى محدش يتكلم ولا ينطق علشان نقصر الشر، لكن حصل ما لا نتوقعه.. واحد منهم اتقتل والتانى متصاب بجروح بالغة.. والثالث معاق ذهنيًا وضربوه بآلات حادة.. مش عارف أسيب بيتى ولا أعمل إيه.. إحنا خايفين». تنتاب الأب نوبة بكاء وهو يتذكر يوم الواقعة: «ابنى كان بيودعنى.. عارف إنه هيروح للى خلقه.. جاب لى ميه الصبح علشان أشرب وباس إيدى وقاللى اطمن يا بابا».. كأنه يعاتبه: «بس إنت سبتنى وأنا مطمنتش يا حبيبى.. جنازتك كانت زفاف عريس». الشرطة، وفق الأهالى، حضرت على الفور وضبطت المتهم بارتكاب الجريمة، فيما تركت الجارة مسكنها عقب الواقعة.