حقوقيون: خصوصية الإنسان مهددة بسبب الذكاء الاصطناعى

حذر حقوقيون وخبراء في مجال القانون وتكنولوجيا الاتصالات والإعلام وحقوق الإنسان ‏من المراقبة الجماعية واعتراض الاتصالات الرقمية ما يؤدى إلى انتهاك الحق في الخصوصية، ويشكل مساسًا بحقوق الحرية والرأى والتعبير والحق في التماس المعلومات وتلقيها وإذاعتها.
وأكد المشاركون في المؤتمر الدولى «تعزيز الحق في الخصوصية في سياق تحديات الذكاء الاصطناعى»، الذي تنظمه المنظمة العربية لحقوق الإنسان، بالشراكة مع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، أن معظمنا أصبح «ضحايا محتملين» للجرائم الإلكترونية.
‏وأكدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى، أن العولمة اختذلت الزمان والمكان وأصبح العالم قرية صغيرة، محذرة من أن خصوصية الإنسان، في ظل الذكاء الاصطناعى، أصبحت مهددة بالاقتحام، موضحة أن الذكاء الاصطناعى له وجه حسن، يساعد في التغلب على التحديات وأداء المهام بشكل أسرع، لكنه قد يحمل آثارا سلبية، حال إساءة استخدامها، لذا فمن الطبيعى ألا تقف الجهات المعنية مكتوفة الأيدى، وهنا تثار قضية حوكمة الذكاء الاصطناعى.
وكشفت «القباج» عن ارتفاع جرائم الهجمات الإلكترونية، وأنه وفقا لأحدث التقارير، ففى العام 2017 حدثت 566 مليون هجمة إلكترونية، ما كبد الحكومات خسائر مالية فادحة، مشيرة إلى استهداف شخص من بين كل عشرة من مستخدمى السوشيال ميديا، إما بحالة ابتزاز أو تحرش.
وقالت «القباج» إن معظم الهجمات تمثل نسبة 38.9 ٪، في مجال الصحة والطب، و35% في مجال الأعمال والتجارة، و10.7% في مجال التعليم، مضيفة أن القانون المصرى ينص على أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم ويحق للضحايا رفع دعواهم مع التزام الدولة بتعويضهم.
وقال ‏السفير خالد البقلى، مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان، رئيس الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، إن المؤتمر يأتى في سياق حرص الدولة على التشاور مع مكونات المجتمع المدنى في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وفى إطار تنفيذ تكليفات رئيس الجمهورية، باعتبار عام 2022 عام المجتمع المدنى، مضيفًا أن مفهوم الحق في الخصوصية، الذي تضمنته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والدساتير الوطنية والقوانين، يعنى عدم السماح بتعرض أي شخص للتدخل التعسفى أو غير القانونى في خصوصيته أو شؤون أسرته أو بيئته أو مراسلاته، والتمتع بحماية القانون.
وأوضح «البقلى» أن استخدام الذكاء الاصطناعى ينطوى على مخاطر تأثير في الاختيار والتوجهات والتفضيلات، وإساءة استخدام واستعمال البيانات الشخصية في انتهاك الحق في الخصوصية وارتكاب جرائم، وقيام مؤسسات الأعمال ببناء ودمج البيانات الشخصية، ومنها شديدة الخصوصية، وتبادلها وبيعها لشركات وجهات أخرى، بما يسبب أضرارا للأفراد ويكون من شبه المستحيل تعقب من يملك هذه البيانات.
وأشار «البقلى» إلى أن التنظيم الدستورى والقانونى المصرى، الذي يحمى الحق في الخصوصية، يؤكد أن الحياة الخاصة لها حرمة، مصونة لا تمس، بالإضافة إلى حزمة من القوانين تعزز الحق في الخصوصية، منها الإجراءات الجنائية والعقوبات، وتنظيم الاتصالات، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، وحماية البيانات الشخصية، كما تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان نتائج مستهدف تحقيقها في هذا الإطار، حتى عام 2026.
وهى تعديل قانون بما يضمن حماية حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليهم والشهود والمبلغين والمتهمين، والتوعية باحترام حرمة الحياة الخاصة للآخرين، وتعزيز دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في تلقى شكاوى ذوى الشأن.
وقال محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان سابقا: أثرت الثورة الصناعية على الكوكب والمناخ، وامتد تأثيرها السلبى على قضايا حقوق الإنسان والحق في الخصوصية، وهو ما أكدته المواثيق الدولية، وحذر من خطورة امتلاك بعض الأشخاص تطبيقات السوشيال ميديا وتمكنهم من تتبع بيانات خاصة، وانتهاك الحق في الخصوصية.
وأضاف «فائق»: «كل منجزات الحضارة الإنسانية لها وجه ينذر بمخاطر ويثير القلق»، مضيفاً أن فريق باحثى المنظمة شرع، قبل عامين ونصف، في رصد وتحليل تأثير ثورة الذكاء الاصطناعى على الحق في الخصوصية، ومختلف حقوق الإنسان بالتبعية».
وأكد علاء شلبى، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، على أهمية حماية الحق في الخصوصية، في سياق ثورة الذكاء الاصطناعى، مشددا على أن حماية الخصوصية أكثر الوجوه إثارة للقلق، لاسيما أنه يجرى التعامل مع إهدارها باعتباره تحصيلا حاصلا وشرا لابد منه.
وكشف «شلبى» أن أرباح الشركات المشغلة للتقنية تنامت من 2 تريليون دولار أمريكى لأكبر 23 شركة في العام 2015- بنسبة 2.8 % من الناتج العالمى، إلى 11.7 تريليون دولار أمريكى ل 7 شركات فقط، مطلع العام 2022، بنسبة 12 % من الناتج العالمى، مشيراً إلى أن الدول الصناعية الكبرى تجد ذاتها المستفيد الأكبر من هذا التنامى المذهل في الأرباح الاقتصادية، ومن التنامى في القدرة لتعزيز هيمنتها السياسية والاقتصادية على النظام الدولى.
فضلاً عن ضمان تفوقها العسكرى والأمنى. وطالب «شلبى» الدول الأعضاء في نظام الأمم المتحدة بحماية الحق في الخصوصية، موضحا أن واجبها التصدى لهذا التغول الضار بها، ومواطنيها واقتصادها، لافتا إلى أن الالتزام باحترام القانون الدولى لحقوق الإنسان يشكل نقطة المدخل الجوهرية والأداة القوية لتحقيق حماية الخصوصية.
وقال طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، نشهد حاليًا طفرة غير مسبوقة في تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع مناحى الحياة، ويستمر التطور لأبعد من ذلك لإدارة المعلومات والتلاعب بها والمساس بحرية الأشخاص وحياتهم وكرامتهم.
وأضاف «رضوان» أن معظم البشر أصبحوا «ضحايا محتملين»، للجرائم الإلكترونية وانتهاك خصوصياتهم، سواء بقصد أو دون قصد، فقط لمجرد تصفحهم أو استخدامهم تطبيقات على هواتفهم المحمولة أو تداولهم معلومات مغلوطة والانسياق لموجات «السوشيال ميديا».
وشدد «رضوان» على أهمية المؤتمر، لطرحه سبل مواجهة هذا الأمر، لضمان حماية المجتمع وحقوقه ومواكبة تطور الجرائم، بتطور تشريعى يتناسب ويلائم ويحمى الحق في الخصوصية، ولا يحد من الإمكانيات التكنولوجية للفرد، ويعزز مكانة الدول في حماية أمن المجتمع من أي اختراقات قد تهدد أمنه أو أمن أفراده. وأكد «رضوان» أن البرلمان المصرى يعمل بكثافة في اتجاهين، الأول تبنى عشرات الاستحقاقات التشريعية، التي فرضها الدستور، والثانى الاستجابة للاحتياجات التشريعية العاجلة لمواجهة الظواهر الملحة، والظواهر ذات الطبيعة الاستثنائية.