الخصائص الاقتصادية لشركات الأعمال الأكثر إنتاجًا وربحية عالميًا

خَلُص مقالى السابق فى جريدة «المصرى اليوم» إلى وجود خلل فى عدالة توزيع الأصول الإنتاجية، وحجم مبيعات السلع والخدمات، ومعدلات الربحية بين الدول وعبر القارات على مستوى شركات الأعمال عالميًا. ويَعود ذلك بالأساس إلى تَركز غالبية شركات الأعمال العملاقة بالنشاط الاقتصادى العالمى فى عدد محدود من الدول المُتقدمة صناعيًا. وهو ما يُعد أمرًا يستوجب وجود حد أدنى من التكاتف الدولى من أجل زيادة مُساهمة الدول النامية فى المسار التنموى للاقتصاد العالمى.
وسأسعى فى هذا المقال إلى دراسة وتقييم الخصائص الاقتصادية والسمات التنموية للشركات التى احتلت مراتب متقدمة عالميًا، وما يميزها عن غيرها فيما يخص حجم المبيعات، ومعدلات الربحية وحجم الأصول فضلًا عن قيمتها السوقية المرتفعة.
إذ تضمنت الشركات العشر الأكبر عالميًا وفق تصنيف فوربس، خمس شركات مملوكة للولايات المُتحدة الأمريكية، وثلاث شركات تنتمى إلى جمهورية الصين الشعبية، فى حين ساهمت كل من اليابان والمملكة العربية السعودية بشركة واحدة. وتؤكد هذه النتيجة ما توصلت إليه فى مقالى السابق فيما يخص ريادة الولايات المُتحدة الأمريكية من ناحية، وتنامى دور الصين فى النشاط الاقتصادى العالمى، من ناحية أُخرى.
تأتى شركة بيركشير (Berkshire) على رأس قائمة فوربس للمرة الأولى منذ بداية حساب دليلها المُركب فى عام (2003)، لتحل مكان البنك الصناعى والتجارى الصينى الذى احتفظ بالمرتبة الأولى لتسع سنوات متتالية. وهى شركة تُصنف منذ إنشائها فى عام (1939) فى مجال الخدمات المالية المتنوعة ومقرها الرئيسى نيبراسكا بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد ساهم تعدد فروعها وتنوع أنشطتها الاقتصادية فى مجالات التأمين على الممتلكات والتأمين ضد الحوادث، وإعادة التأمين، وخدمات التمويل بوجه عام، فى توسع نشاطها الإنتاجى، وزيادة حجم مبيعاتها، وارتفاع معدلات ربحيتها.
وفى ظل تميز وتفرد البنوك ككيانات حاكمة بقطاع الأعمال الإنتاجى عالميًا، احتل بنك الصين الصناعى والتجارى الذى تأسس حديثًا فى عام (2011) بالعاصمة بكين، المرتبة الثانية عالميًا فى عام (2022). وهو بنك متعدد الأنشطة المصرفية، حيث تغطى مجالات نشاطه الأعمال المصرفية للشركات، والخدمات البنكية الشخصية، وعمليات الخزانة، وخدمات مصرفية أُخرى. وقد حقق بنك الصناعة والتجارة الصينى المرتبة الأُولى عالميًا فى حجم الأصول، والشركة السادسة دوليًا فى معدلات الربحية. كما يبلغ حجم العمالة بالبنك وفروعه المختلفة نحو (434.798) عامل. وهنا إيضا، كان للتنوع فى تقديم خدمات مصرفية عالية الجودة الدور الأساسى فى تحقيق الترتيب المتقدم عالميًا.
يُعد احتلال شركة أرامكو للبترول السعودية المرتبة الثالثة عالميًا والأولى عربيًا فى قائمة فوربس لمؤسسات الأعمال الإنتاجية لعام (2022)، إنجازًا اقتصاديًا ملموسًا. إذ يأتى بنك قطر الوطنى الذى يحتل المرتبة الثانية عربيًا، فى الترتيب (252) على المستوى الدولى، يليه بنك الراجحى السعودى كالشركة رقم (379) عالميًا. وتعد شركة أرامكو السعودية من مؤسسات الأعمال الأكثر شمولًا فى المجال البترولى. إذ إنها تختص باستكشاف وإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعى، وتكرير البترول وتوليد الطاقة وتسويقها، إلى جانب توفير الخدمات الداعمة للإنتاج مثل الموارد البشرية المتخصصة، وبدائل التمويل، وتكنولوچيا المعلومات. وتشير البيانات إلى تحقيق الشركة لأعلى معدلات ربحية على المستوى العالمى، والمرتبة الثالثة دوليًا فى مجال حجم المبيعات. كما حصدت شركة أرامكو الترتيب الثانى عالميًا فيما يخص قيمتها السوقية. وبالطبع فإن الارتفاع الراهن فى أسعار النفط وما صاحبه من تقلبات فى الإنتاج قد ساهم فى تحقيق الشركة مرتبة مُتقدمة عالميًا.
حققت شركة أمازون العالمية لتجارة التجزئة الإلكترونية الترتيب السادس فى قائمة فوربس لعام (2022)، وهى شركة أمريكية يعود تاريخ بدء نشاطها إلى عام (1994) ويتواجد مركزها الرئيسى فى كل من العاصمة واشنطن ومدينة سياتل. وقد حققت الشركة المرتبة الثانية عالميًا فى حجم المبيعات بواقع (469) بليون دولار، والترتيب الخامس دوليًا فى قيمتها السوقية التى تُقدر بنحو (1.486) بليون دولار. كما حصدت شركة أمازون لعدد من السنوات جائزة أفضل رب عمل على مستوى الولايات المُتحدة الأمريكية والعالم بحد سواء، ومن أهم إنجازات شركة أمازون حصولها على العلامة التجارية الأكثر قيمة وثقة من عملائها فى عام (2020)، والمؤسسة الأكثر قدرة على الابتكار فى عام (2018)، وهى خصائص ساهمت فى احتلال شركة أمازون المرتبة السادسة فى قائمة فوربس العالمية لعام (2022).
حصلت شركة أبل للاتصالات وتكنولوچيا المعلومات (Apple) على الترتيب السابع على المستوى العالمى، وقد تأسست فى عام (1976) كشركة أمريكية تختص بتصميم وصناعة وتسويق الهواتف الذكية، والحاسبات الشخصية، والتابلت، والخدمات الإلكترونية ذات العلاقة. وتنتشر شبكات بيع وتسويق منتجات أبل فى معظم قارات ودول العالم، فضلًاعن تميز وتمايز منتجاتها، ومواكبتها للتكنولوجيات الذكية للثورة الصناعية الرابعة. وقد حصدت شركة أبل المرتبة الأولى عالميا فى مؤشر القيمة السوقية، والشركة الثانية دوليًا فى معدلات الربحية، والترتيب السادس فى حجم المبيعات، بالإضافة إلى ما سبق، حققت شركة أبل أفضل رب عمل لعدد من السنوات على مستوى شمال أمريكا، وكندا، والعالم ككل. كما حصدت المرتبة الأولى من ضمن (100) مؤسسة عاملة فى مجال الرقمنة عالميًا. وأخيرًا، فقد حققت الشركة أفضل ترتيب عالمى فى مجال الابتكار لعام (2013).