هل يمكن للحياة أن تتحول إلى محاكاة للفن وللسيناريوهات الخيالية فى روايات الخيال العلمى وأن تستحضر ما سيصبح عليه مستقبلنا؟ هذا ما حدث بالفعل؛ إذ قدم عدد من الروائيين والكتاب سيناريوهات تخيلية، شاء القدر أن تتحول إلى واقع عايشناه بالفعل، وقبل إسدال الستار على العام 2021، نستعرض فى السطور التالية جانبًا من الأحداث التى تنبأت بها سيناريوهات الخيال العلمى قبل أن تتحول إلى واقع حدث بالفعل. «ميتافيرس» فى رواية لبروس بيثكى تنبأت أفلام cyberpunk «السَيْبَرْبنك أو السايبربنك»- المشهورة بتركيزها على عالم التقنية المتطورة والعوالم السفلية- بأن تقنيات الذكاء الاصطناعى وعلوم التحكم الآلى ستؤدى إلى تغيير جذرى فى النظام الاجتماعى للبشر.. على سبيل المثال لا الحصر تنبأ فيلم «ماتركس 1 The Matrix (1999)» الصادر عام 1999 أن الذكاء الاصطناعى ستكون لديه القدرة على إبعاد البشر لمدة 200 عام من المستقبل، ليعيشوا فى عوالم افتراضية وواقع محاكٍ. وتنبأ الفيلم المأخوذ عن رواية للكاتب الأمريكى، بروس بيثكى، صدرت عام 1983، بمستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعى؛ ووضع سيناريو أشبه بتفاصيل تقنية «ميتافيرس» التى يقودها المدير التنفيذى لعملاق مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك». وقدمت الرواية سيناريو تخيليا لمجموعة من الأطفال المتمردين الذين يعيشون فى مجتمع متقدم تقنيًا عن المدرسة، ليسرقوا أحد البنوك عن طريق اختراق حاسبه الرئيسى، وأوردت مشاهدها تفاصيل أشبه بتقنية «ميتافيرس» التى تعتزم فيسبوك تقديمها لمستخدميها فى المستقبل القريب. وفى أكتوبر أعلن مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذى لشركة فيسبوك، أن الشركة ستغير اسم الشركة الأم للوسائط الاجتماعية إلى «ميتا»، لتضم تحت مظلتها التطبيقات الاجتماعية التابعة لها، وأشهرها موقع فيسبوك، بالإضافة إلى إنستجرام وواتساب، والذى طرحه المدير التنفيذى لعملاق التواصل الاجتماعى «فيسبوك». طموحات الشركة المتزايدة مع «ميتافيرس»، وهو مصطلح خيال علمى كلاسيكى اعتمدته فيسبوك لوصف رؤيتها للعمل واللعب فى عالم افتراضى، تمثل مستقبل مواقع التواصل. على غرار «حرب النجوم».. أول منزل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد فى مايو 2021، سكن زوجان بريطانيان فى منزل معتمد بالكامل على تقنيات الهولوجرام والطباعة ثلاثية الأبعاد، وهى تقنية تنبأت قصص الخيال العلمى منذ عقود بها، إذ تنبأت بها سلسلة أفلام «Star Wars» الصادر فى مايو 1977 قبل أن تخرج للنور بعد جهود علمية كبيرة وصولًا إلى سكن زوجين بريطانيين فى منزل معتمد بالكامل على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد فى مايو من العام الفائت2021. اعتبارًا من عام 2017، أعلنت شركة «يوكلايدين -Euclideon » الأسترالية، عن إنتاج جدول للهولوجرامات يشبه الهولوجرامات المستقبلية فى فيلم «حرب النجوم» الأصلى، ثم انطلق العلم فى مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، وصولًا إلى تصميم أول منزل مستوحى من أشكال الكتل الصخرية، فى مايو 2021 عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ليصبح سكنًا لزوجين فى هولندا، وتم اعتبارهم أول شخصين فى أوروبا يسكنان منزلا مطبوعا بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. صُمم هذا المنزل وبُنى طبقة طبقة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد عملاقة. هذا البناء نتاج تعاون خاص بين جامعة إيندهوفين للتكنولوجيا وشركة فيستيدا للسكن، ويحمل المشروع اسم «خطوة فاصلة»، وهو الأول من خمسة منازل تشملها خطة المشروع للبناء فى بلدة إيندهوفين فى هولندا. بلاد رانر.. هل يهاجر البشر إلى الكواكب الأخرى؟ فى فبراير 2021، قال مدير الوكالة الأمريكية لعلوم الفضاء «ناسا» بالإنابة، ستيف جورشيك، أنه «بحلول منتصف العقد الثالث من القرن الجارى، قد نبدأ فى استخدام الوسائل التى نستخدمها للوصول إلى القمر لإرسال رواد فضاء إلى المريخ»، ورغم ثبوت استحالة أن يعيش البشر فوق المريخ، إلا أن العلماء منشغلون بدراسة الكوكب الأحمر. تنبأ فيلم «Blade Runner» الصادر عام 1982 والذى أخرجه رِدلى سكوت، وكتبه همبتن فانتشر وديفيد بيبلز عن رواية Electric Sheep للكاتب فيلِيب كِندرِد دِك، بهجرة البشر إلى كواكب أخرى، وهو ما طرحه العلم لاحقًا رغم ثبوت استحالة ذلك. سجل حافل من النبوءات الفنية الأمر لم يتوقف عند أحداث العام الفائت 2021، وإنما يمتد إلى تفاصيل وتقنيات أخرى تنبأ بها خيال الكتاب قبل أن تتحول إلى واقع عايشناه بالفعل، عبر سجل طويل من «النبوءات الفنية». من الأرض إلى القمر.. ناسا تحقق النبوءة بعد 104 أعوام أصدر الكاتب الفرنسى جول فيرن - Jules Verne فى عام 1865 روايته «من الأرض إلى القمر» كنوع من الخيال العلمى، وصف فيها مهمة 3 أمريكيين لإطلاق مركبة فضائية والهبوط على سطح القمر، ليشاء القدر أن تتطابق تفاصيل الرواية مع أول هبوط فعلى على سطح القمر حدث بعد 104 أعوام من نبوءة المؤلف؛ إذ انطلق كل من رواد الفضاء فى وكالة ناسا وشخصيات فيرن فى الرواية من ولاية فلوريدا، سميت وحدة القيادة فى ناسا (كولومبيا) فى تشابه آخر مع المركبة الفضائية الخيالية فى فيرن والتى تدعى (كولمبياد The Columbiad). أما رواية «عالم رائع جديد» للكاتب ألدوس هكسلى، الصادرة عام 1931م، والتى برز فيها تعاطى الجميع حبوبا تغير مزاجهم تسمى «سوما»، تنبأت بمستقبل البشر مع تناول الحبوب المضادة للاكتئاب. بعد عقدين كاملين من صدور هذه الرواية، بدأ العلماء بالدراسة والبحث عن حبوب مضادة للاكتئاب بالفعل؛ إذ تم الربط بين مشاعر الاكتئاب والمواد الكيميائية فى الدماغ لأول مرة عام 1951، حين لاحظ مجموعة من الأطباء فى جزيرة «ستاتن»، التابعة لولاية نيويوركالأمريكية، التغييرات المفاجئة فى السلوكيات والمزاج لمرضى السل بعد تناول دواء تغير المزاج الخامل للمرضى ليصبحوا سعداء، لينطلق العلماء فى هذا الصدد، إذ تمت الموافقة على (بروزاك Prozac) من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية فى عام 1988 ليصبح ثالث أكثر وصفات الدواء الشائعة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية بحلول عام 2008، وفقًا لصحيفة «النيويورك تايمز». كذلك تنبأت رواية «ضوابط العالم الحر» للكاتب إتش. جى ويلز، الصادرة عام 1914 بالقنبلة النووية اليدوية اليورانيوم، التى «ستستمر فى الانفجار إلى أجل غير مسمى» قبل أن تفجر الولاياتالمتحدةالأمريكية أول قنبلتين نوويتين فى اليابان مستهدفةً هيروشيما وناجازاكى، كذلك تنبأت العديد من الروايات بتقنيات الذكاء الاصطناعى، كالسيارة الطائرة والساعة الذكية.. وغير ذلك.