تلقى أحمد سعيد، حلوانى، اتصالًا من صديقه «أحمد.م»، الموظف بالوحدة المحلية بمنطقة الكوم الأحمر، و«الأخير» يبكى بالدموع: «تعاللى ابنى مش سايبنى فى حالى وجاى عندى البيت»، وقبل أن يتوجه لمنزل صديقه، علم بأن الابن قتل والده ضربًا بال«شاكوش» على رأسه أثناء نومه، وفر هاربًا حتى ضبطته أجهزة الأمن.. هوى الخبر على صديق المجنى عليه كالصاعقة. حضر «أحمد»، المجنى عليه، الرجل الخمسينى، إلى منطقة الكوم الأحمر التابعة لمحافظة الجيزة قبل عام، عرفه النّاس بحكم عمله بالوحدة المحلية. شهدوا بطيبته وحُسن سلوكه، ولسانه الحلو مع الجميع، واحترامه للصغير قبل الكبير، كما عرفوا معاناته ماديًا لراتبه الضعيف ومراعاته لضميره فى عمله، وتردد أحد أولاده على شقته مطالبًا إياه بمبالغ مالية. سكن المجنى عليه بشقة بالطابق الأرضى بعقار بسيط، حيث عُثر على جثمانه مسجيًا وغارقًا فى دمائه، ويقول أصحاب العقار إنّ «أحمد» كان يسكن بالشقة وحده، إذ إنّه كما حكى لهم انفصل بالطلاق عن زوجته قبل 8 سنوات، ولديه من الأبناء 7 (3 ذكور، و4 فتيات)، أعمارهم مختلفة، وأكبرهم فى العشرينيات. كان «أحمد» يقضى يومه ما بين المرور على الأسواق الشعبية ومكتبه بالوحدة المحلية، وآخر اليوم يجلس إلى مجموعة من أصدقائه بالمنطقة، من بينهم «سعيد»، الحلوانى الشهير، إذ لا أهل له هنا ولا معارف ومسقط رأسه إحدى محافظات الصعيد، وكان يفضفض لهم بهمومه ومشاكله ومعاناته مع أحد أبنائه الذى يتصور أنه «نايم على كنز وعنده فلوسه كتيره». ابن «الموظف» حضر لأبيه قبل أيام أمام «فاترينة» الحلوانى وطالبه بفلوس، وسمع الأهالى مشاجرتهما وقول الأب بحدةٍ: «هجيب لك منين 300 جنيه كل أسبوع يا ابنى، أنا راجل موظف بسيط وإمكانياتى ماتسمحش».. وتدخل صديق للأب وأعطى لابنه 50 جنيهًا، وهو يقول له: «يا أسامة اشتغل. أبوك مش معاه كل أسبوع المبلغ ده». كان الرجل الخمسينى يحكى لأصدقائه المقربين أنّ لديه مشاكل مع أسرته ويفكر فى الزواج والارتباط بامرأة تقوم على خدمته، لكنّ فكرته باءت بالفشل. عرض «الحلوانى»، صديق الموظف، على ابن «الأخير» العمل معه، لكنه رفض ذلك، ويقول أصدقاء للابن إنه عمل بمطعم كشرى، ويعانى ماديًا لأنه «كان بيصرف على أمه وإخواته البنات وتجهيزهن للزواج». وجد أبناء الموظف ب«محلية الكوم الأحمر» جثته على السرير «مخبوط على راسه بآلة حادة»، بعدما حاولوا الاتصال به مرارًا ولم يجب على اتصالاتهم، فتوجهوا لمسكنه، وكانت الكارثة فى انتظارهم. «ليس لديه عداوات مع أحد».. هكذا قال كل الأهالى لفريق البحث الجنائى، ليكشف صديق للمجنى عليه لغز الجريمة، بقوله: «سمعت ابن عم أحمد بيكلمه ويقول له: أنا جاى لك». كاميرات المراقبة كشفت لحظة دخول الابن «أسامة» لمسكن والده، وعُثر على «شاكوش» عليه آثار دماء وشعر ملتصق به. حاول الابن أن يكذب على أجهزة الأمن، ويقول: «معرفش أصلًا أبويا ساكن فين»، لكن سرعان ما اعترف بأنه حضر للمبيت مع والده يوم الواقعة «وبعدين انتظرت إنه ينام وضربته على راسه بالشاكوش، وغسلته بالميه»، مبررًا: «أصله بخيل ومش بيصرف علينا، وطلق أمى وعايش لوحده، وعندى 7 إخوات تانيين، وفيهم 3 بنات عاوزين جهاز للزواج». مثل المتهم- 19 عامًا- جريمته أمام النيابة العامة ب«الصوت والصورة»، وقررت حبسه احتياطيًا لمدة 4 أيام احتياطيًا جدّدها قاضى المعارضات ل15 يومًا على ذمة التحقيقات، وأمرت بمضاهاة الدماء التى عثر عليها بالشقة محل الجريمة وعلى «الشاكوش» بدماء المتهم والمجنى عليه، وتم التصريح بدفن جثمان «الأخير».