فى ندوة بنادى دار العلوم.. النقاد: محمد الشحات يمتلك مشروعًا شعريًا متكاملًا

فى الندوة التى أقيمت بنادى دار العلوم بالقاهرة تحت عنوان: «محمد الشحات فى ميزان النقد»، أجمع مجموعة من النقاد على أن الشاعر، من خلال ما قدمه من دواوين بلغت 21 ديوانا على امتداد ما يقرب من نصف قرن، يمتلك مشروعًا شعريًا متكاملًا يرشحه لاحتلال مكانة بارزة على خريطة الشعر العربى.
أكد الناقد الشاعر أحمد حسن، الذى قدم الندوة وأدارها، أننا نحتفل بمشروع شاعر كبير، فهو شاعر يمتلك رؤية مترامية الأطراف، تكونت من خلال معايشة ما يدور حوله من أحداث، ونجح نجاحا كبيرا فى التعبير عن فنية عالية وصدق، ومن هنا كان تجمع تلك الكوكبة من نقاد الأدب للحديث عن تجربة الشاعر، حيث يشارك فى الندوة د. أحمد عفيفى أستاذ اللسانيات بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، ود. أبواليزيد الشرقاوى أستاذ الأدب العربى بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، ود. محمد عبيد الأستاذ بكلية الآداب جامعة الوادى الجديد، ود. أحمد فرحات الناقد الأدبى وأستاذ الأدب بكلية الفارابى سابقا، ود. حسام جايل الأستاذ بكلية الألسن جامعة الأقصر.
بدأت الندوة بدراسة نقدية للدكتور أحمد عفيفى، توقف فيها عند ديوان «رجفة المقامات» قال: عندما ندلف إلى (رجفة المقامات) وهو عنوان الديوان، سنجد الأمر محيرا من توسيع المدى الإيقاعى الدلالى للفظتين، ف«الرجفة» تعنى رعشة الجسم المتكررة، وهذا معنى من المعانى المحتملة للكلمة، وربما تصاحبها اصطكاك بالأسنان وارتجاف الفكين، ويمكن أن يمثل ذلك إيقاعا جزئيا، ولكن الإيقاع فى الاتساع الدلالى عند محمد الشحات يمكن أن ننظر إليه من زوايا أخرى، حيث تتنوع دلالة الرجفة تنوعا كبيرا، فهل هى الصرخة - الزلزلة - الفعلة - الحركة والاضطراب؟!.
وقال د. أبواليزيد الشرقاوى متناولا بالبحث والدراسة ديوان «الحياة بلا أى وجه»: محمد الشحات شاعر كبير وله تجربة شعرية جادة ومميزة، ويستحق دراسات موسعة لاستكشاف ملامح تجربته الشعرية التى تلفت الانتباه بثراء عناصرها وتنوع روافدها، والوقوف على بعض من أسرار نجاحها.. وكان المدخل إلى ذلك من خلال استكشاف بيئة تلقى شعر محمد الشحات، والذى تبدو تجربته عصرية ومناسبة لزمنها جدا، وهذه العصرنة هى التى جعلت منها تجربة جديرة بالتأمل والالتفات والقراءة النقدية الواعية. مضيفا: وتتميز هذه التجربة بعدة عناصر، تأتى فى مقدمتها اللغة السلسة والبسيطة الخالية من الغموض والمعاظلة والتقعر، وكذلك موضوعاته الشعرية، ليؤسس تجربته الشعرية الخاصة به بمضامينها الشعرية المعاصرة، حيث الاهتمام بالبعد الداخلى فى الإنسان والقيم الإنسانية، وتجليات الوعى الإنسانى فى الحياة.
فيما قال د. محمد عبيد: إن بناء عناوين القصائد فى شعر محمد الشحات، ولاسيما الجزء الثالث من أعماله الكاملة، والذى يضم 5 دواووين وأول ما يلفت نظر القارئ فى هذا السفر الكبير، هو الاستراتيجية التى تميزت بها العناوين الرئيسة (عناوين الدواوين) والجزئية أو الداخلية، وأقصد بها عناوين القصائد، حيث سيطرت جميع العناوين الجزئية (عناوين القصائد) على أسماء الدواوين الخمسة، إلا الديوان المسمى من يوميات ثورة 30 يونيو).. بخلاف الأربعة الباقية، ففى الديوان الأول اتخذ الشاعر عنوان (أدخلونى على مهل)، وهو عنوان قصيدة فى الديوان بذات الاسم دون تغيير تماما، والديوان الثالث الذى جاء بعنوان (عندما هزنى وجعى)، وجاءت القصيدة الرابعة منه بعنوان (عندما هدنى وجعى)، وفيه «الهد» مكان «الهز».. ولا أدرى أهذا مقصود من باب الخطأ اللغوى فى المراجعة أم لا، وذلك لأن الهز يغاير معجميا الهد فى استراتيجية الخير والشر، فالهز قد يحمل دلالة إيجابية كما فى قوله تعالى (وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيا).
وقال د. أحمد فرحات إن من الخصائص الموضوعية الأسلوبية التى تكررت فى شعر الشحات حتى غدت ظاهرة عامة فى شعره «مسألة التصريح بذكر أعضاء الجسد»، كالعين والرأس، والصدر، والساق، واليد، والظهر، والأصابع.. ومن الطريف أنها جاءت فى سياق تعنيف الذات وجلدها، ومن السمات الأسلوبية التى ترددت فى شعر محمد الشحات ويمكن للمتلقى تلمسها بيسر «التمرد السلبى»، ويُعدُّ التمردُ - بشقيه الإيجابى والسلبى - واحدًا من سمات الكلام الحىّ - كما عبر بأختين- وقضية مُهمّة من القضايا التى تحكم عملية إنتاج الدلالة، فهو الأسلوب الذى يتبادله الشعراء ممّن يملكون القدرة على رؤية العالم رؤية فاحصة واعية بواقعها؛ لأنه يعبر عن قضايا المجتمع المعاصر عامة فى نطاق رؤية ذاتية خالصة.
وقال د. حسام جايل، فى ورقته النقدية: يمتلك محمد الشحات تجربة شعرية طويلة تاريخيًا، ذات ملامح أسلوبية وتقنية واضحة المعالم مما يسهل التعرف على عالمه الشعرى بمجرد القراءة أو الاستماع، من الملامح المبلورة لهذه التجربة الشعرية «التكرار على مستوى اللفظ»، و«التكرار على مستوى الجملة» و«التكرار على مستوى الصورة» و«التكرار على مستوى المشهدية أو المشهد».